هل ترفع بريطانيا ضريبة الدخل؟ تغييرات مرتقبة على الرواتب
في خطاب كئيب عن حالة الأمة هذا الأسبوع، ألمحت المستشارة البريطانية راشيل ريفز إلى أن زيادة ضريبة الدخل قد تكون مطروحة في ميزانية هذا الشهر، في خطوة قد تمثل تحولًا كبيرًا في السياسة الضريبية لحكومة حزب العمال.
فبرغم تعهد الحزب في برنامجه الانتخابي بعدم رفع ضريبة الدخل أو التأمين الوطني أو ضريبة القيمة المضافة، يبدو أن الحكومة تستعد لتراجع كبير عن هذا التعهد، في محاولة لسد عجز مالي غير متوقع يبلغ 30 مليار باوند في الموازنة العامة.
فما الخيارات المتاحة أمام ريفز، وكيف سينعكس كل منها على المالية العامة ودخل الأسر البريطانية؟
1. زيادة بمقدار 1 بنس على معدل الضريبة الأساسي (20%)
تلميحات ريفز بأنها مضطرة إلى “التعامل مع العالم كما هو، لا كما تتمناه” فسّرها بعض المراقبين على أنها تمهيد لرفع معدل الضريبة الأساسي لأول مرة منذ نصف قرن.
ويُعد هذا الإجراء من أكثر الخيارات ربحًا للخزينة، إذ تمثل ضريبة الدخل أكثر من ربع إجمالي الإيرادات الضريبية.
ففي السنة المالية الحالية، من المتوقع أن تحقق 330.7 مليار باوند، أي ما يعادل 27% من الإيرادات العامة، وفقًا لمكتب مسؤولية الميزانية (OBR).
لكن رغم الجدوى المالية، تؤكد سارة كولز، رئيسة قسم التمويل الشخصي في شركة هارغريفز لانسداون، أن رفع ضريبة الدخل سيكون “سياسيًا صعبًا للغاية” و”سيُضيف مئات الباوندات إلى الفواتير السنوية للمواطنين”.
ويُعفى أول 12,570 باوند من الدخل من الضريبة، بينما يخضع ما بين 12,571 و50,270 باوند لمعدل 20%. ثم يرتفع المعدل إلى 40% على الدخل الذي يتجاوز 50,271 باوند، ويصل إلى 45% فوق 125,140 باوند.
(يُذكر أن اسكتلندا تحدد معدلاتها الخاصة بشكل مستقل.)
وتوضح لورا سوتر، مديرة التمويل الشخصي في شركة AJ Bell، أن رفع المعدل الأساسي من 20% إلى 21% “سيكلف دافعي الضرائب حتى 377 باوند إضافيًا، وسيبلغ الحد الأقصى لأي شخص يكسب 50,270 باوند أو أكثر”.
ووفقًا لبيانات هيئة الضرائب البريطانية (HMRC)، فإن رفع المعدل الأساسي بمقدار 1 بنس سيضيف 6.9 مليار باوند في عام 2026/2027، وبإجمالي 23.4 مليار باوند خلال ثلاث سنوات.
2. زيادة 1 بنس على معدلات الضريبة الأعلى والإضافية
تُفضل الحكومة استهداف ذوي الدخول الأعلى غير أن هذا الخيار يُدرّ عوائد أقل بكثير.
فرفع معدل الضريبة الأعلى (40%) بمقدار 1 بنس سيحقق 1.6 مليار باوند فقط في 2026/2027، وبإجمالي 5.8 باوند خلال ثلاث سنوات.
أما إضافة 1 بنس على المعدل الإضافي (45%) الذي يبدأ عند 125,140 باوند فسيجلب 145 مليون باوند فقط في 2026/2027 و640 مليون باوند خلال ثلاث سنوات.
3. زيادة شاملة عبر جميع المستويات
يُعد هذا الخيار الأكثر بساطة في الطرح، ويمكن تبريره على أنه تغيير جماعي “نتحمل جميعًا جزءًا منه”، كما قالت ريفز.
رفع جميع معدلات ضريبة الدخل بمقدار 1 بنس سيؤدي إلى زيادة قدرها 224 باوند لمن يكسب 35,000 باوند، و424 باوند لمن يكسب 55,000 باوند، و624 باوند لمن يبلغ دخله 75,000 باوند.
ويشير معهد الدراسات المالية (IFS) إلى أن هذا الإجراء يمكن أن يُدرّ 11 مليار باوند سنويًا بحلول 2029–2030، أغلبها من أصحاب الدخل الأساسي.
4. خطة “اثنان صعودًا واثنان هبوطًا”
من السيناريوهات المطروحة بقوة، رفع معدلات ضريبة الدخل بمقدار نقطتين مئويتين مقابل خفض معدلات التأمين الوطني بنفس النسبة.
وعلى الرغم من أن هذا يبدو كأنه “نقل الأموال من جيب إلى آخر”، فإن مؤسسة ريزوليوشن فاونديشن تقول إن الخطة يمكن أن تُدرّ 6 مليارات باوند مع الحفاظ على دخول الموظفين.
وتُشير تقارير صحيفة تايمز إلى أن ريفز قد تقتصر في خفض التأمين الوطني على أصحاب الدخل دون 50,270 باوند، لضمان أن يتحمل الأثرياء العبء الأكبر.
ويقول توم سيلبي، مدير السياسات العامة في AJ Bell، إن هذا سيتيح لريفز الادعاء بأنها “تحمي أجور العاملين”، لكنه يحذر من أن المتقاعدين سيتضررون بشدة.
فصاحب معاش قدره 35,000 باوند سيتكبد زيادة بنحو 450 باوند سنويًا، بينما من يتقاعد بدخل 65,000 باوند سيدفع أكثر من 1,000 باوند إضافي.
5. تمديد تجميد حدود الضريبة لعامين إضافيين
منذ عام 2022، تم تجميد حدود الدخل الخاضع للضريبة دون تعديلها مع التضخم، ما أدى إلى ما يُعرف بـ”الجرّ المالي” — أي دخول مزيد من المواطنين ضمن الشرائح الضريبية أو انتقالهم إلى مستويات أعلى كلما ارتفعت أجورهم.
ومن المقرر أن ينتهي التجميد في عام 2028، لكن بعض الخبراء يتوقعون تمديده حتى 2030.
إذا استمر التجميد حتى 2030، فإن من كان دخله 35,000 باوند في عام 2022 سيدفع 926 باوند إضافيًا خلال ثماني سنوات.
أما من يكسب 50,000 باوند فسيدفع 4,632 باوند أكثر، ومن يكسب 80,000 باوند سيدفع 5,635 باوند إضافيًا، بينما تصل الزيادة لمن يكسب 100,000 باوند إلى أكثر من 7,000 باوند.
(استنادًا إلى تقديرات مكتب مسؤولية الميزانية مع تضخم سنوي يبلغ 2% في 2030.)
وترى منصة العرب في بريطانيا (AUK) أن خطوة رفع ضريبة الدخل، أيًّا كان شكلها، تمثل تحديًا مزدوجًا للحكومة البريطانية؛ إذ تواجه ضغوطًا مالية داخلية ضخمة من جهة، ومطالب شعبية متزايدة بحماية القوة الشرائية من جهة أخرى.
وتعتبر المنصة أن أي زيادة في الضرائب، سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة عبر تمديد التجميد، يجب أن تُقابل بسياسات دعم واضحة للفئات المتوسطة والمتقاعدين، لتفادي تفاقم أزمات المعيشة التي تعاني منها الأسر البريطانية منذ سنوات.
المصدر: الغارديان
إقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇
