هكذا يتحدى الشباب المؤيد لفلسطين الرقابة الرقمية بالعودة إلى النشاط الميداني

انطلقت موجة واسعة من النشاط المؤيد لفلسطين على وسائل التواصل الاجتماعي عندما شرعت إسرائيل في خططها لتهجير الفلسطينيين من منازلهم في القدس الشرقية المحتلة لإفساح المجال أمام المستوطنين غير الشرعيين.
وباستخدام وسم #SaveSheikhJarrah، شارك أكثر من 40 مليون شخص في الحملة، ما شكّل لحظة فارقة في التنظيم الرقمي المؤيد لفلسطين ومهّد الطريق لحقبة جديدة من هذا النشاط.
ومع بدء العدوان الإسرائيلي على غزة في أكتوبر 2023، وُظفت المنصات الرقمية مثل إنستغرام وتيك توك لنشر الوعي بجرائم الاحتلال. لكن الرقابة المتزايدة، والرغبة في أشكال أعمق من المشاركة، دفعت النشطاء الشباب إلى تبني وسائل جديدة تتجاوز العالم الافتراضي.
التحول إلى النشاط التناظري
ويشهد المشهد الحالي تحولًا نحو النشاط التناظري، أي استخدام الوسائل المادية والملموسة في إيصال الرسائل. وهذه الوسائل تمكّن النشطاء من تجاوز الرقابة على المنصات الرقمية والوصول إلى الناس مباشرة في الحياة اليومية.
وفي جنوب شرق لندن، على سبيل المثال، يبيع مجموعة “بيكهام كوفية” حقائب وأوشحة مطبوعة يدويًا لجمع التبرعات لغزة ونشر رسائل سياسية. أحدث تصميماتهم حمل شعار “اجعل الحظر غير قابل للتنفيذ” في إشارة إلى قمع السلطات البريطانية لجماعة “Palestine Action”، وتضمن رسومات لسيارات الشرطة ونقوش الكوفية وصورًا لملثمين مستوحاة من فرقة الهيب هوب الأيرلندية “Kneecap”.
أما مقام بوكس، وهي مكتبة مجتمعية متنقلة يديرها محمود مسعود، فتجوب الفعاليات الفنية والثقافية في المملكة المتحدة، حاملة كتبًا نادرة عن فلسطين باللغتين العربية والإنجليزية. ويمنح هذا المشروع الشباب مدخلًا للتعرف على التاريخ والسياسة والسرد الفلسطيني، بعيدًا عن نقص هذه المواد في المكتبات التقليدية.
الرقابة برعاية الدولة

وفي الولايات المتحدة، أصبح النشر الرقمي مصدر قلق متزايد للطلاب الدوليين الذين يواجهون تهديدات بالترحيل بسبب مواقفهم المؤيدة لفلسطين.
وفي يونيو الماضي، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية إلزام جميع المتقدمين لتأشيرات الطلاب بجعل حساباتهم على وسائل التواصل علنية.
عودة الوسائل التناظرية لا تقتصر على النشاط السياسي. فجيل زد والجيل الألفي أعادوا إحياء الاهتمام بالأسطوانات الموسيقية، والكاميرات الفيلمية، وحتى الأقراص المدمجة. ويرى الباحثون أن السبب لا يقتصر على الحنين للماضي، بل يرتبط بجاذبية الأشياء الملموسة التي تمنح تجارب أعمق وأكثر إشباعًا عاطفيًا.
تقول جينان أونغ من مجموعة “Baesianz”: “الملصقات والمنشورات والكتيبات تجعل الشباب يشعرون أنهم جزء من شيء أكبر. إنها تذكير بأنهم وقفوا وصنعوا موقفًا واضحًا.”
جاذبية المنتجات التناظرية

المجموعة، التي تنظم معارض وعروضًا فنية وجمع تبرعات تضامنية، استخدمت الوسائط التناظرية لتسليط الضوء على الإبادة الجماعية في غزة، إلى جانب إصدار كتيبات رقمية ومطبوعة لتوسيع نطاق التأثير.
وتضيف المؤسسة المشاركة سارة خان: “هناك قوة في التجربة الحية المحلية، لكن من المهم أيضًا التفكير في كيفية وصول الرسائل إلى نطاق أوسع وتحقيق التضامن العالمي.”
وترى منصة العرب في بريطانيا أن التحول نحو النشاط الميداني والوسائل التناظرية يعكس وعيًا متزايدًا لدى الشباب بأهمية تجاوز قيود الرقابة الرقمية وبناء مساحات حرة للتعبير. وتؤكد المنصة أن هذه الأساليب تمثل امتدادًا طبيعيًا للنضال الفلسطيني، لأنها تجمع بين الأصالة والحداثة، وتمنح القضية بُعدًا إنسانيًا مباشرًا يصعب إسكاتُه.
وترى المنصة أن المزج بين الوسائل الرقمية والأنالوج يعزز من قدرة النشطاء على إيصال رسالتهم محليًا وعالميًا، ويؤكد أن التضامن مع فلسطين ليس مجرد محتوى عابر على الشاشات، بل فعل مقاومة يومي ملموس.
المصدر: ميدل إيست آي
إقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇