ناشطة بريطانية تروي تفاصيل الرحلة على متن أسطول “الصمود” المتجه إلى غزة
يواصل مئات النشطاء من 44 دولة حول العالم، بما فيها بريطانيا، رحلتهم ضمن أسطول الصمود العالمي، في أكبر مهمة إنسانية من نوعها تهدف إلى إيصال المساعدات إلى قطاع غزة وسط استمرار الإبادة الجماعية التي يتعرض لها السكان.
وتتواجد النشطة البارزة في الدفاع عن فلسطين، سارة ويلكينسون، على متن سفينة MiaMia، التي أبحرت من تونس قبل أيام، وتقترب حاليًا من الساحل الصقلي للانضمام إلى مجموعة أخرى من السفن قبل مواصلة الأسطول رحلته نحو غزة.
ويشارك حتى الآن 48 سفينة في الأسطول، فيما تتجه وفود إضافية من اليونان للانضمام إليه في الطريق إلى القطاع.
تجربة ويلكينسون على متن السفينة

وتحدثت ويلكينسون لموقع The National من وسط البحر المتوسط، واصفة محيطها بـ”التشكيل الهائل” من نحو 20 سفينة: “هناك سفن أمامي، وخلفي، وإلى اليسار واليمين، وبعضها بعيد جدًا عن الأفق. أنا محاطة بالكثير من السفن، بالأعلام العالمية، وبالكثير من البشر الطيبين الذين يريدون المساعدة. لا أود أن أكون في أي مكان آخر.”
تضم سفينة MiaMia عشرة أفراد – ثمانية رجال وامرأتان – وتعد ويلكينسون المتحدثة الوحيدة باللغة الإنجليزية، فيما يتحدث بقية الطاقم الفرنسية والعربية والإسبانية. وقالت: “علينا التعاون بشكل جيد، فالمساحة محدودة جدًا، والحمامات صغيرة كالإبرة، وعلينا جميعًا تعلم المشاركة.”
وأضافت أن الطاقم يتقاسم المهام اليومية مثل الطهي والتنظيف والصيد، مع الحفاظ على الروح المعنوية العالية: “نحن مدركون تمامًا للوضع الكارثي هناك، لكن تعلمنا معرفة أماكننا، ما الذي يتوجب علينا فعله، وكيفية التعامل مع الضغوط ومتى يحتاج أحدهم للمساعدة.”
وعلى الرغم من حاجز اللغة، أكدت ويلكينسون أنهم “تعلموا التواصل بطرق أخرى”، مضيفة: “هذا التحدي جعلنا نتقارب أكثر، وعلى متن هذه السفينة الصغيرة أعتقد أننا سنكون أقوياء نفسيًا قبل مواجهة أي تحديات أكبر.”
تهديدات حقيقية

يواجه أسطول الصمود تهديدًا من قوات الاحتلال الإسرائيلي، بعد اعتراض مهمتين سابقتين هذا العام – مادلين وحنضلة – حيث تم احتجاز النشطاء وترحيلهم لاحقًا. كما تعرضت سفينتان قبل انطلاق الأسطول لهجمات بطائرات مسيرة في تونس، ما أدى إلى اندلاع حرائق على متن Alma وFamily دون وقوع إصابات.
وأبدى وزير الأمن القومي الإسرائيلي اليميني المتطرف بن غفير نيته مصادرة السفن واعتبار المتطوعين على متنها “إرهابيين”.
وقالت ويلكينسون إنها خضعت لتدريبات مكثفة للتعامل مع مختلف التهديدات، مضيفة: “هناك دائمًا توتر عند الإبحار نحو موقف صعب، لكنك تتذكر أن الشعب الفلسطيني يتعرض للقنابل والرصاص منذ 77 عامًا على الأقل. مقارنة بذلك، ما نقوم به لا شيء.”
وأوضحت أن المشاركة في أسطول الصمود كانت واجبًا أكثر من كونها قرارًا شخصيًا: “بعد سنوات من الاحتجاج، وكتابة الرسائل للنواب، والمشاركة في تحركات مباشرة، والاعتقالات وكسب القضايا في المحاكم، شعرت أننا لم نحرز تقدمًا. هذه الإبادة خرجت عن السيطرة، وفي 2025 لا يمكن لأي مجتمع أن يعتبر نفسه متحضرًا إذا سمح بذلك.”
الموقف البريطاني والدعم الدولي

في الوقت نفسه، وقعت 16 حكومة حول العالم – بينها بنغلادش، البرازيل، كولومبيا، إندونيسيا، أيرلندا، ليبيا، ماليزيا، المالديف، المكسيك، باكستان، قطر، عُمان، سلوفينيا، جنوب أفريقيا، إسبانيا وتركيا – إعلانًا مشتركًا يطالب بالسماح الآمن للأسطول بالوصول إلى غزة، بينما لم توقع الحكومة البريطانية على الإعلان ورفضت تقديم أي حماية للمواطنين البريطانيين المشاركين في المهمة.
وقالت ويلكينسون: “أعلنت الحكومة البريطانية أنها لن تدعم أي مواطن بريطاني قد يقع في قبضة إسرائيل، وهذا سبب إضافي لتواجدنا هنا. حكومتنا مقصّرة فيما يتعلق بحقوق الإنسان ورعاية مواطنيها، ناهيك عن الشعب الفلسطيني. إذا لم تستطع رعاية مواطنيها، فلن تستطيع رعاية أي إنسان آخر في العالم.”
وأضافت: “أشعر بالخجل حقًا لكوني بريطانية، ولجميع الدول التي ساعدت على تمكين هذه الإبادة والسماح بحملة التجويع المستمرة.”
وأكدت ويلكينسون: “وجودنا بين هذا العدد الكبير من السفن المليئة بالناس المتفانين والمهتمين بالإنسانية شرف عظيم. هذه السفن يجب أن تصل إلى حكوماتها وتصبح أدوات للسلطة. كل شخص على متن هذه السفن يجب أن يصبح نائبًا عند عودته – فهذا هو مكان الإنسانية، وليس الحكومة.”
تشكل مشاركة النشطاء في أسطول الصمود خطوة إنسانية فاعلة في مواجهة الإبادة الجماعية في غزة، وتعكس فشل المؤسسات الدولية والدول الكبرى في حماية المدنيين. ويبرز التحرك المدني كوسيلة عملية لممارسة الضغط على الحكومات لإجبار إسرائيل على وقف القصف وضمان وصول المساعدات الإنسانية، مع الالتزام بحماية المواطنين المشاركين في المبادرات الإنسانية.
إن أي تقاعس حكومي لا يقتصر على ضعف التفاعل مع الأزمة فحسب، بل يعزز الانتهاكات ويضعف معايير حقوق الإنسان على المستوى الدولي، مما يجعل الدور المدني المستقل أكثر أهمية وضرورة في الوقت الراهن.
المصدر : The National
إقرأ أيضًا :
- نشطاء يطالبون بتأمين أسطول المساعدات المتجه إلى غزة
- نواب بريطانيون يطالبون بتدخل عسكري دولي لوقف الإبادة في غزة
- وصول 10 أطفال من غزة إلى بريطانيا لتلقي العلاج العاجل
الرابط المختصر هنا ⬇
