العرب في بريطانيا | كيف يحافظ العربي في أوروبا على هويته وصلته بوطن...

1447 جمادى الأولى 22 | 13 نوفمبر 2025

كيف يحافظ العربي في أوروبا على هويته وصلته بوطنه وسط زحمة الحياة الغربية؟

كيف يحافظ العربي في أوروبا على هويته وصلته بوطنه وسط زحمة الحياة الغربية؟
هبة عجمي November 5, 2025

يعرف من يعيش في بريطانيا أو أوروبا عمومًا حجم السرعة في إيقاع الحياة اليومية هناك؛ بين المواصلات والعمل والدراسة، ومهمات الأهل من توصيل الأبناء من المدارس وإليها، ومتابعة دراستهم، وشراء الحاجيات الأسبوعية، إلى جانب الالتزامات البيروقراطية التي تفرضها الدولة على مواطنيها والمقيمين فيها. 

 يصبح الوقت مع هذه الوتيرة عملة نادرة لا تكفي الإنسان ليتأمل أو يتابع ما يحدث خارج دائرة حياته اليومية.

 ومع انشغال العرب في بريطانيا بتأمين مستقبلهم والاستقرار في مجتمعاتهم الجديدة، يبرز سؤال جوهري:

 هل يجب على العربي أن يبقى متابعًا لما يجري في العالم العربي والإسلامي، أم أن البعد الجغرافي يعفيه من ذلك؟

 قد يبدو السؤال غريبًا، لكنه عميق في جوهره، إذ يتعلق بالهُوية والانتماء. فالعربي الذي يعيش في الغرب لا ينتمي لبلد محدد فحسب، بل يعيش وسط فسيفساء من العرب والمسلمين الذين تتقاطع مصالحهم وقضاياهم في المهجر.

من هنا، يصبح الاطلاع على أخبار الوطن العربي ليس ترفًا ثقافيًّا، بل ضرورة لفهم الذات والجماعة، ولتعزيز التماسك بين العرب في بريطانيا الذين يواجهون عقبات متشابهة في بيئة غربية معقدة. 

 هُويات متعددة ومسؤولية ثقافية

 في الوطن العربي يعيش الفرد عادة داخل حدود وطنه الجغرافية، محاطًا بمواطنين يشاركونه الهموم نفسها.

أما العربي في بلاد الغرب، فهو يعيش بين عالمين: عالم الانتماء وعالم الاندماج.

 في المدن الكبرى مثل لندن ومانشستر، يلتقي المصري واليمني والسوري واللبناني والمغربي في فضاء واحد: في مسجد، أو متجر عربي، أو شارع سكني مشترك. وغالبًا لا تكون الغالبية من بلد واحد، بل من مشارب مختلفة. 

 هذا التنوّع يجعل من متابعة ما يحدث في العالم العربي رافدًا للحوار داخل العرب في بريطانيا، ويساعد على فهم الخلفيات التي تشكّل مواقف الناس وثقافتهم.

 المتابعة هنا ليست حبًّا في الأخبار فقط، بل وسيلة لبناء وعي مشترك وهُوية حية لا تذوب تحت ضغط الاندماج.

 المجتمع البريطاني يحترم التنوع ويعززه

 في معظم المدارس البريطانية، تُخصص أيام للاحتفاء بثقافات المجموعات المختلفة.

 يرتدي الأطفال الملابس التقليدية لبلدانهم الأصلية، ويقدمون أطباقهم المحلية، ويستمع المعلمون والطلاب إلى قصص من جذور متنوعة.

 هذا السلوك المؤسسي يعزّز شعور الأبناء بالانتماء لهُويتهم الأصلية، التي تمتد من كونها مرتبطة ببلد المنشأ لتصبح جزءًا من تراث عربي وإسلامي مشترك. 

 وفي هذا السياق، يصبح وعي الفرد بما يحدث في العالم العربي جزءًا من قوته داخل المجتمع البريطاني؛ لأن العرب في بريطانيا الذين يمتلكون وعيًا ثقافيًّا ومعرفيًّا راسخًا هم الأقدر على تكوين صوت مؤثر في السياسات المحلية والرأي العام.

العرب في بريطانيا.. حضور متزايد ومتنوّع

 تشير بيانات مكتب الإحصاء الوطني البريطاني (ONS) لعام 2021 إلى أن عدد المقيمين من أصول عربية في بريطانيا تجاوز 605 آلاف نسمة، بزيادة ملحوظة عن تعداد 2011.

تُعدّ لندن مركز الثقل الأكبر بأكثر من 360 ألف عربي، تليها برمنغهام بنحو 45 ألفًا، ومانشستر بما يزيد على 40 ألفًا.

 وتشمل المكونات الأساسية للعرب في بريطانيا: المغاربة والجزائريين، والمصريين والعراقيين، واللبنانيين والسوريين، واليمنيين والفلسطينيين.  

 ورغم هذا الحضور اللافت، فإن التواصل بين العرب في بريطانيا لا يزال قائمًا في الغالب على أسس بلدانية أو دينية، أكثر من كونه تواصلًا عربيًّا موحدًا، ما يجعل الحاجة إلى وعي جماعي مشترك أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.

 هل الاهتمام بالشأن العربي ضروري فعلًا؟

 بعض الناس يفضّل الابتعاد عن قضايا الشرق؛ رغبةً في الاندماج الكامل في المجتمع الغربي، في حين يظل آخرون أسرى للأخبار العربية دون أن يندمجوا فعليًّا في حياتهم الأوروبية اليومية.

 وبين هذين الاتجاهين، تظهر فئة متوازنة تختار أن تبقى مطلعة على ما يجري في الوطن العربي، من دون أن تفقد ارتباطها بالواقع البريطاني الذي تعيش فيه. 

 هذا التوازن هو مفتاح الوعي الحقيقي؛ لأنه يساعد على بناء جسور التعاون بين العرب في بريطانيا والمجتمعات الأوروبية، ويغذّي لدى الأجيال الجديدة انتماءً متوازنًا لا يُلغي أحد الجانبين.

 أنماط تجمع العرب في بريطانيا

 وفق دراسات (Migration Observatory) في جامعة أوكسفورد، يميل العرب في بريطانيا إلى التجمع في المراكز الدينية والثقافية، والمقاهي العربية، والمطاعم التي تقدّم الأطعمة التقليدية، إضافة إلى أحياء سكنية محددة في المدن الكبرى.

 ويشارك العرب في بريطانيا في فعاليات مشتركة مثل:

  • مهرجان الفنون العربية في مانشستر.
  • يوم اللغة العربية في البرلمان البريطاني.
  • فعاليات الإفطار الرمضاني المفتوح.
  • المهرجانات الثقافية ومهرجانات العيد.

 هذه الأنشطة تتجاوز كونها اجتماعية إلى أن تصبح منصات للتعريف بالثقافة العربية والإسلامية في المجتمع البريطاني.

 وسائل سهلة لمتابعة أخبار الوطن العربي دون عناء

 في خضم الحياة الغربية المزدحمة، لا يجد معظم الناس وقتًا لمتابعة النشرات الطويلة أو تصفح الجرائد يوميًّا. 

 لكن التكنولوجيا اليوم تقدم حلولًا عملية وسريعة تُبقيك مطلعًا على الأحداث العربية والعالمية خلال دقائق معدودة.

  1. قنوات تيلغرام موثوقة للأخبار العربية
  • @BBCarabicnews – BBC عربي: أخبار عالمية وإقليمية موثوقة.
  • @AJABreaking – الجزيرة عاجل: تغطية سريعة ومصداقية عالية.
  • MiddleEastEyeAr – ميدل إيست آي بالعربية: تحليلات ومعالجات معمقة.
  • @alarabinuk – العرب في بريطانيا: شؤون العرب في أوروبا والمملكة المتحدة.
  • @alqudsBreaking – القدس الإخباري: تغطية دقيقة للشأن الفلسطيني.

 نصيحة عملية: اكتفِ بمتابعة ثلاث من هذه القنوات وفعّل إشعارات “المختصرات” لتصلك الأخبار المهمة فقط.

  1. نشرات البريد الإلكتروني المختصرة

توفر بعض المؤسسات الإعلامية نشرات يومية تصل إلى بريدك بأهم العناوين في دقائق، ويمكن تخصيصها حسَب الاهتمام أو المنطقة الجغرافية.

  1. تطبيقات تلخيص الأخبار
  • Feedly – يجمع الأخبار من المواقع التي تختارها.
  • Flipboard – ينشئ مجلات مخصصة لاهتماماتك.
  • Inshorts – يقدم الخبر في فقرة لا تتجاوز 60 كلمة.
  1. صفحات العرب في بريطانيا على وسائل التواصل

توفر هذه الصفحات تحديثات فورية عن الأنشطة، والقوانين، وفرص العمل، وفي الغالب تنشر ملخصات سريعة للأخبار المحلية والعربية، ما يجعلها مصدرًا عمليًّا للعرب في بريطانيا.

  1. البودكاست العربي

منصات البودكاست العربية تقدّم محتوى ثقافيًّا واجتماعيًّا وسياسيًّا موجزًا وسهل المتابعة أثناء التنقل أو العمل. 

  1. متابعة الشأن البريطاني

من الضروري أن يعرف المقيم العربي ما يجري حوله، عبر متابعة القنوات والمواقع البريطانية الموثوقة والمنصات الرسمية للحكومة، إلى جانب القنوات التي تنشر الأخبار المحلية والسياسية.

انتماء لا ينقطع… ووعي يجمع

الاطلاع على ما يجري في الوطن العربي ليس مجرد عادة إخبارية أو عاطفة وطنية، بل هو ممارسة تجمع بين الوعي والمسؤولية والإنسانية.

فحين يعرف العربي المقيم في المهجر ما يجري في السودان أو اليمن أو فلسطين، يصبح أكثر قدرة على التفاعل الإنساني مع إخوانه من العرب في بريطانيا.

العرب في بريطانيا لا يفرحون بمعزل عن أوطانهم، ولا يتجاهلون وجع إخوتهم.  

وحين نربي أبناءنا هنا في الغرب على أن يوم العرب ليس لعرض الملابس التقليدية والأطعمة الشعبية فقط، بل هو فرصة للتعاطف والفهم المشترك مع إخوتنا العرب، عندها نكون قد نقلنا إليهم جوهر الانتماء الحقيقي.

وفي بلاد الغربة، يصبح هذا الوعي أكثر أهمية؛ لأننا نعيش هنا جنبًا إلى جنب مع العرب في بريطانيا، نقاسمهم الهموم والتطلعات، ونبني مستقبلًا مشتركًا لأبنائنا. 

إن متابعة ما يجري في العالم العربي هي في النهاية وسيلة لتعزيز التآلف والتماسك بين العرب في بريطانيا، فكل معرفة إضافية تقرّبنا أكثر من بعضنا، وتوحّد صفوفنا أمام عقبات الغربة والاندماج.


اقرأ أيضًا:

جميع المقالات المنشورة تعبّر عن رأي أصحابها ولا تعبّر بالضرورة عن رأي المنصة

اترك تعليقا

آخر فيديوهات القناة