كيف غطى الإعلام البريطاني الهجوم الإسرائيلي على سفينة “مادلين”؟
اعترضت قوات الاحتلال الإسرائيلي فجر اليوم الإثنين، سفينة المساعدات الإنسانية “مادلين” التابعة لأسطول الحرية، أثناء إبحارها في المياه الدولية متجهة نحو قطاع غزة المحاصر، واقتادتها إلى موانئ الاحتلال، واحتجزت على متنها ناشطين من جنسيات متعددة.
وكانت السفينة تحمل شحنة من المواد الأساسية والضرورية لتلبية احتياجات المدنيين في غزة، في محاولة لكسر الحصار البحري المفروض على القطاع منذ أكثر من 17 عامًا، ورفع المعاناة الناتجة عن المجاعة التي يفرضها الاحتلال على السكان لأكثر من ثلاثة أشهر.
ومع أن الحدث واحد، فإن طريقة تناول وسائل الإعلام البريطانية للخبر كشفت عن تفاوت واضح في مستوى التحيز؛ حيث تبنت بعض الصحف الرواية الإسرائيلية، في حين منحت أخرى مساحة للجانب الإنساني والقانوني. فيما يأتي نستعرض كيف تناولت أربع من أبرز الصحف البريطانية هذا الحدث:
الغارديان
العنوان: ناشطو سفينة المساعدات إلى غزة يتهمون إسرائيل بـ “الاعتراض القسري” للسفينة أما وزارة الخارجية الإسرائيلية فتقول إن السفينة كانت متجهة إلى إسرائيل – تغطية حية
تميّزت تغطية الغارديان بالحياد النسبي، فقد أبرزت تصريحات ائتلاف أسطول الحرية بشأن “اعتراض إسرائيل السفينة بصفة غير قانونية”، واستخدمت مصطلحات مثل “الخطف” و”مصادرة شحنة إنسانية”.
وفي المقابل، أعطت الصحيفة مساحة لبيان وزارة خارجية الاحتلال الإسرائيلي، التي وصفت السفينة بأنها “سفينة السيلفي” واتهمت الناشطين بدعم “دعاية لحماس”.
لم تتبنَّ الغارديان رواية إسرائيل، بل ركزت على انتقادات الأمم المتحدة وناشطين حقوقيين، ما يعكس مقاربة توازن نسبي دون إدانة مباشرة.
ميرور
العنوان: سفينة المساعدات “مادلين” مباشر: غريتا تونبرغ تقول إنها “تعرضت للتوقيف والاختطاف”
لجأت صحيفة الميرور إلى أسلوب درامي قوي، بوصف ما حدث بـ”الاختطاف” في المياه الدولية. وتصدّرت الناشطة غريتا ثونبرغ العنوان والتغطية، ما أعطى البُعد الإنساني والشخصي أولوية على الجوانب السياسية أو القانونية.
ومع أن الصحيفة أوردت بيان وزارة الخارجية الإسرائيلية، فقد ركزت على اتهامات الناشطين بإلقاء “مادة كيميائية” على السفينة، وعلى تنديد منظمات مثل مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (CAIR)، الذي وصف الهجوم بأنه “قرصنة وإرهاب دولة”.
الصحيفة لم تخفِ تعاطفها مع الناشطين، ولم تشر إلى أية صلات مزعومة بحماس، ما يجعل تغطيتها منحازة لمصلحة الطرف المدني والحقوقي في القضية.
ديلي ميل
العنوان: “أسطول الحرية” لغريتا تونبرغ يتعرض لسيطرة قوات الدفاع الإسرائيلية: إسرائيل تؤكد اعتراض السفينة المتجهة لغزة وترحيل الناشطين بعد الاستيلاء على المساعدات
الديلي ميل تبنّت الرواية الإسرائيلية بوضوح، مستخدمة توصيفات تقلل من أهمية المبادرة مثل “سفينة السيلفي” و”كميات مساعدات ضئيلة”.
كما كررت الصحيفة تأكيدات حكومة الاحتلال الإسرائيلي بشأن شرعية الحصار البحري الذي تفرضه على غزة، ووصفت السفينة بأنها وسيلة “للدعاية الإعلامية”، مشيرة إلى أن الناشطين لم يجلبوا سوى “جزء بسيط من المساعدات”.
التغطية لم تمنح مساحة تُذكر للرواية الحقوقية أو الإنسانية، بل ركزت على مبررات إسرائيل الأمنية، منها ربط الحصار البحري الذي تفرضه بـ”محاولات تهريب أسلحة” حسَب زعمهم و”هجوم الـ7 من أكتوبر”، ما يعكس تحيزًا صريحًا للرواية الإسرائيلية.
التلغراف
العنوان: إسرائيل تحتجز غريتا ثونبرغ بعد اعتراض سفينة المساعدات المتجهة إلى غزة
سلكت صحيفة التلغراف منحىً أكثر اعتدالًا من الديلي ميل، لكنها ظلت أقرب للرواية الإسرائيلية، حيث أبرزت تصريح وزير الدفاع الإسرائيلي الذي وصف ثونبرغ بأنها “ناطقة باسم دعاية حماس”.
كما استخدمت الصحيفة وصف “العرض انتهى” الذي ورد في بيان وزارة الخارجية الإسرائيلية، وركزت على أن جميع ركاب السفينة “بخير وتم توفير الماء والشطائر لهم”.
في تغطيتها لم تسلط الصحيفة الضوء على انتقادات المنظمات الحقوقية أو الأمم المتحدة إلا بشكل هامشي، بل نقلت اتهامات مباشرة من إسرائيل تربط الناشطين بدعم حماس، مع إشارات إلى “هجوم سابق بالطائرات المسيرة”، ما يُظهر محاولة تبرير الإجراءات الإسرائيلية عبر السياق الأمني.
لا تزال الصحف ووسائل الإعلام المختلفة تتفاعل مع الخبر لحداثته، فيما يترقّب الجميع صدور مزيد من المعلومات.
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇
21°C
