العرب في بريطانيا | قبل أن تنزل إلى الشارع: ما يجب أن تعرفه عن التظ...

1447 صفر 23 | 18 أغسطس 2025

قبل أن تنزل إلى الشارع: ما يجب أن تعرفه عن التظاهر من أجل فلسطين في بريطانيا

مقالArtboard-2-copy-3_2 (2)
عدنان حميدان August 4, 2025

لا شك أن بريطانيا من أكثر الدول الغربية التي تتيح هامشًا واسعًا للتعبير عن التضامن مع فلسطين، وهي مساحة لا ينبغي التقليل من شأنها، ولا سيما عند المقارنة مع دول مثل فرنسا وألمانيا، حيث يُضيَّق الخناق كثيرًا على أي حراك داعم لفلسطين.

لكن هذه المساحة ما زالت تحتاج إلى وعي؛ لأنها ليست بلا حدود. كثيرون -عن حسن نية- وجدوا أنفسهم في مواجهة إجراءات قانونية لم يكونوا مستعدين لها، لا ذنب لهم سوى أنهم لم يعرفوا تفاصيل يسيرة لكنها مهمة. ومن واقع ما رأيناه وشاركنا فيه خلال السنوات الماضية، هذه بعض الملاحظات التي أرجو أن تُؤخَذ بعين الاعتبار من كل من يشارك في الشارع نصرة لفلسطين.

أولًا: لا تخرج في مظاهرة لا تعرف من دعا لها. قد تبدو الفكرة بسيطة، لكنها فعليًّا تصنع فارقًا كبيرًا. الجهة المنظمة هي التي تنسّق مع الشرطة، وتحدد الشروط، وتضع الغطاء القانوني للفعالية. أما في حالة التجمعات العشوائية أو المجهولة، فالمشاركة قد تعرّضك لمسؤولية قانونية دون أن تدري، ولا سيما إن حصل احتكاك أو لم يُحترَم التوقيت المتفق عليه مع السلطات.

ثانيًا: انتبه لمسألة “المسير” بعد المظاهرة. الاعتصام في مكان واحد لا يحتاج إلى تصريح مسبق، لكن المسير من مكان إلى آخر يختلف تمامًا. هذا النوع من التحرك يتطلب تنسيقًا مسبقًا مع الشرطة، وإلا فهو يخضع لما يُعرف بالمادة الـ12 من قانون النظام العام، التي تتيح للشرطة التدخل إذا سارت مجموعة في طريق لم يُتفَق عليه. كثير من المخالفات وقعت لأن الناس ظنّوا أن بإمكانهم السير في الشوارع بعد انتهاء الفعالية دون تنسيق. الأمر ليس بهذه الطريقة.

كذلك إذا طلب المنظمون من المشاركين المغادرة، فغالبًا يكون ذلك مرتبطًا بانتهاء الوقت المسموح به. البقاء بعد ذلك قد يؤدي إلى تدخل الشرطة بموجب ما يُعرف بالمادة الـ14، التي تخوّلهم فضّ التجمع حفاظًا على ما يُسمى “السلام العام”. ومن يرفض المغادرة فقد يتعرض للاعتقال، حتى لو لم يصدر عنه أي سلوك خاطئ.

أعرف تمامًا أن هناك في الشرطة من يتصرف بعنصرية أو تحامل، وهذا واقع لا يمكن إنكاره. لكن مشكلتنا الأساسية ليست معهم، بل مع الاحتلال الذي نقف ضده. إذا كان موقفك القانوني سليمًا، فيمكنك لاحقًا أن تحاسب الضابط الذي تجاوز، وتُدين سلوكه، وربما تُجبره على الاعتذار أو حتى تدفعه للتعويض. أما إذا خالفت التعليمات أو شاركت في فعالية غير منسقة، فإنك تعطي الخصم فرصة لاتهامك بما ليس فيك، وتُضعف موقفك إنسانيًّا وقانونيًّا.

والأمر الآخر الذي أراه مهمًّا هو أن كثيرًا من الناس يخافون من مجرد استجواب أو توقيف، وكأن ذلك يعني الإدانة. هذا غير دقيق. هناك فرق كبير بين أن تتعرض للمساءلة أو الاحتجاز لفترة وجيزة، وبين أن تُدان رسميًّا في المحكمة. وقد عرفنا حالات كثيرة انتهت ببراءة أصحابها، وبعضهم حصل على تعويض لاحقًا.

المسألة في النهاية ليست أن نغادر الشارع، بل أن نبقى فيه بوعي. الصوت الفلسطيني في بريطانيا مهم ولا يجوز أن يغيب. نحتاج إلى اعتصامات ومسيرات وتعبير مستمر، لكننا بحاجة أيضًا أن يكون هذا العمل جماعيًّا ومنظمًا ومدعومًا، لا أن يتحول إلى تصرفات فردية يرتبك أصحابها إذا وقع ما لم يكن بالحسبان، فيجدون أنفسهم وحدهم في مواجهة قانون، ومحاكم، وتكاليف هم في غنى عنها.

التضامن مع فلسطين حق مشروع، والعمل من أجله في بريطانيا ما زال ممكنًا. لكنه يحتاج إلى وعي جماعي يحفظ سلامة الناس، ويعزز فعالية الرسالة، ويضمن استمرار هذا الصوت من دون انقطاع.


اقرأ أيضًا:

جميع المقالات المنشورة تعبّر عن رأي أصحابها ولا تعبّر بالضرورة عن رأي المنصة

اترك تعليقا

loader-image
london
London, GB
12:00 am, Aug 18, 2025
temperature icon 18°C
overcast clouds
78 %
1023 mb
16 mph
Wind Gust 0 mph
Clouds 100%
Visibility 10 km
Sunrise 5:49 am
Sunset 8:20 pm