عضو محافظ سابق يقاضي الحزب بعد معاقبته بسبب انتقاد إسرائيل
رفع عضو سابق في حزب المحافظين البريطاني، بروس ماكنس، دعوى قضائية ضد الحزب بعد أن تم تعليق عضويته العام الماضي بسبب تصريحات انتقد فيها دولة إسرائيل، إذ قال أنها ترتكب “إبادة جماعية” في فلسطين.
تعود خلفية القضية إلى قرار الحزب بمعاقبة ماكنس، بزعم أن تصريحاته تضمنت “لغة معادية للسامية وتمييزية وغير حساسة”، وهو ما اعتبره الأخير اعتداءً على حرية التعبير وخرقًا لحقوقه كمواطن وعضو في الحزب.
خلفية القضية

تلقى ماكنس، وهو حفيد رئيس أساقفة القدس الراحل كامبل ماكنس، إشعارًا من مسؤولي حزب المحافظين بأن تعليق عضويته جاء نتيجة “تصريحاته المتكررة بأن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في فلسطين”.
لكن ماكنس يؤكد أنه لم يكن على علم بالإجراءات التأديبية ضده، رغم زعم الحزب أنه أرسل إليه عدة رسائل إلكترونية بشأن القضية. وعلى إثر ذلك، رفع دعوى أمام المحكمة العليا البريطانية مطالبًا بتعويض قدره 30 ألف باوند بتهمة خرق العقد والتمييز على أساس المعتقد السياسي.
اتهامات بمعاداة السامية وخلاف حول حرية التعبير
بدأ الخلاف عندما نشر ماكنس آراءه حول العدوان في غزة في مجموعة واتساب خاصة بأعضاء حزب المحافظين في منطقة لامبث وساوثوارك، قائلا أن “التصوير غير دقيق للعدوان” في الخطاب العام البريطاني.
وفي أحد منشوراته التي أشار فيها إلى “الدور المحوري لإسرائيل في الدمار الواسع في لبنان بين عامي 1978 و2000” تم حذفها من قبل مشرف المجموعة بدعوى مخالفتها “إرشادات الاستخدام”، ما دفعه لإعادة نشرها. وبعد ساعات، تمت إزالته من المجموعة مؤقتًا بدعوى “التهدئة”، قبل أن يُبلَّغ لاحقًا بأن تعليق عضويته يعود إلى “ادعائه المتكرر بأن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية”.
يقول ماكنس إنه كان يشير في تعليقاته إلى قرار محكمة العدل الدولية الذي اعتبر أن دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل تتضمن “قضية معقولة للإبادة الجماعية”. وسأل المشرفين حينها: “هل يعتبر من المهين أن يشير أحد إلى نتائج محكمة العدل الدولية أو يدعمها؟”
غياب التواصل وشكوى مجهولة

تمت إحالة القضية إلى فريق الحوكمة المركزية في حزب المحافظين، الذي أكد أنه تواصل مع ماكنس عبر البريد الإلكتروني. إلا أن الأخير يقول إنه لم يتلقَّ أي رسالة، رغم أنه كان يحاول مرارًا التواصل مع الحزب للاستفسار عن وضعه، كما أرسل رسائل إلى رئيس الحزب المحلي من دون أن يتلقى أي رد.
وفي وقت لاحق، تم تقديم شكوى مجهولة الهوية ضده، وفي أبريل الماضي أصدرت لجنة شكاوى وسائل التواصل الاجتماعي بالحزب قرارًا يقضي بتعليقه لمدة ستة أشهر، إلى جانب إلزامه بالخضوع إلى تدريب حول التواصل والإدماج الاجتماعي.
يؤكد ماكنس أنه لم يعلم شيئًا عن هذه العقوبة حتى أكتوبر، ولم يرَ الرسائل الإلكترونية إلا في 4 نوفمبر، مضيفًا أن الحزب لم يعرض عليه أي تدريب فعلي حتى الآن.
دعم من وزير بريطاني سابق وانتقادات لنهج الحزب
أثارت القضية موجة من الانتقادات داخل الحزب نفسه، حيث شبه السير آلان دنكان، وزير الخارجية الأسبق، ما حدث بما وصفه بـ “عودة الكارثة المبنية على الجهل”.
وكان دنكان نفسه قد واجه في وقت سابق اتهامات مماثلة بمعاداة السامية بسبب تصريحات أدلى بها عبر محطة LBC، قبل أن تتم تبرئته. واعتبر أن التحقيق ضده كان “قرارًا سياسيًا” على خلفية انتقاده لجماعة الضغط أصدقاء إسرائيل المحافظون (CFI).
وقال دنكان لصحيفة الغارديان إن ما قاله ماكنس في المجموعة “كان منطقيًا ودقيقًا تاريخيًا”، مضيفًا أن الحزب يستخدم هذه الإجراءات “لإسكات أي دعم للعدالة الفلسطينية”.
دعوى قضائية بتكلفة عالية

ينتظر ماكنس حاليًا تحديد موعد جلسة المحكمة، مشيرًا إلى أنه أنفق بالفعل نحو 30 ألف باوند على أتعاب المحاماة، وهو المبلغ ذاته الذي يسعى لاسترداده من الحزب.
وقال: “من المحتمل أنه حتى لو فزت بالدعوى، فسأتحمل خسائر مالية كبيرة. لكنني أقوم بذلك لأنني أؤمن بأن حقنا في حرية التعبير يتعرض للتآكل.”
موقف حزب المحافظين
قالت صحيفة الغارديان إنها تواصلت مع قيادة حزب المحافظين للحصول على تعليق رسمي بشأن القضية، إلا أن الحزب لم يصدر أي بيان حتى الآن.
وترى منصة العرب في بريطانيا (AUK) أن قضية بروس ماكنس تسلط الضوء على تآكل هامش حرية التعبير داخل الأحزاب البريطانية الكبرى، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بانتقاد سياسات إسرائيل.
وتؤكد المنصة أن المجال السياسي البريطاني يشهد تضييقًا متزايدًا على الأصوات التي تتبنى مواقف داعمة للحقوق الفلسطينية أو تنتقد الاحتلال الإسرائيلي، تحت ذريعة “مكافحة معاداة السامية”.
المصدر: الغارديان
إقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇
