لندن تنتفض: 425 معتقلاً في عصيان مدني تضامنًا مع فلسطين ورفضًا لقمع حرية التعبير

شهدت العاصمة البريطانية لندن يومًا استثنائيًا من الاحتجاجات الشعبية، بعد أن تحولت مسيرة داعمة لفلسطين إلى مواجهة مباشرة مع الشرطة انتهت باعتقال نحو 425 متظاهرًا، في واحدة من أكبر موجات العصيان المدني خلال الأعوام الأخيرة.
الاحتجاج الذي انطلق في ساحة البرلمان بمنطقة ويستمنستر جاء بدعوة من مجموعة (Defend Our Juries)، تضامنًا مع فلسطين ورفضًا لقرار الحكومة البريطانية حظر حركة بال أكشن (Palestine Action) وتصنيفها كـ”منظمة إرهابية”.
ورغم أن المسيرة بدأت سلمية بمشاركة ما يقارب 1500 شخص، رفعت خلالها شعارات مثل «أعارض الإبادة الجماعية.. أؤيد بال أكشن»، إلا أن التوتر سرعان ما تصاعد بين المتظاهرين والشرطة، لتتحول الأجواء إلى صدامات عنيفة.
الاعتقال الأول بعد 12 دقيقة فقط

قالت شرطة العاصمة إن ضباطها تعرضوا “لمستوى استثنائي من الإساءات”، شملت اللكم والركل والبصق ورشق الحجارة والزجاجات. وأوضحت أن أكثر من 25 حالة اعتقال جاءت بسبب الاعتداء على عناصرها، وشوهد بعض الضباط يشهرون الهراوات لتفريق الحشود، فيما تداولت صور لرجل ينزف بغزارة من وجهه بعد توقيفه، بينما علت الهتافات من بين المتظاهرين: «عار عليكم» و«أنتم تدعمون الإبادة الجماعية».
وأعلنت شرطة لندن عبر منصة “إكس” أن أول عملية توقيف تمت بعد 12 دقيقة فقط من انطلاق التظاهرة رسميًا. وفي بيان لاحق، شددت على أن “أي اعتداء على الضباط لن يتم التسامح معه” وأنها ستعمل على محاسبة جميع المسؤولين، كما ذكّرت أن “إبداء الدعم لمنظمة محظورة يُعَدّ جريمةً يُعاقَب عليها بموجب قانون الإرهاب”.
في المقابل، نفى منظمو المسيرة الاتهامات، مؤكدين أن الاحتجاج “كان مثالًا للاحتجاج السلمي”، واعتبروا تصريحات الشرطة عن تعرض ضباطها لاعتداءات “ادعاء لا دليل عليه”. وقال أحد المشاركين: “كنت هنا طوال اليوم ولم أرَ عنفًا من أي متظاهر، العنف الحقيقي صدر عن الشرطة”.
خلفية الحظر والصراع القانوني

تأتي هذه التطورات بعد القرار غير المبرر الذي اتخذه البرلمان البريطاني في تموز/ يوليو الماضي، بإدراج منظمة بال أكشن (Palestine Action) على قائمة “التنظيمات الإرهابية”، إثر اقتراح قدمته وزيرة الداخلية السابقة إيفيت كوبر، ويعاقب القانون منذ ذلك الحين أي شخص يعلن دعمه للحركة.
وسبق أن شهدت لندن احتجاجًا واسعًا ضد هذا الحظر انتهى باعتقال أكثر من 530 شخصًا، لكن الشرطة لجأت حينها إلى ما يعرف بـ”الكفالة الميدانية” لتجنب ازدحام مراكز الاحتجاز، وهو ما يتيح الإفراج عن الموقوفين بشرط حضورهم لاحقًا إلى مركز الشرطة.
إلا أن منظّمي مظاهرة السبت دعوا المشاركين هذه المرة إلى رفض الكفالة الميدانية، معتبرين أن ذلك يشكل ضغطًا استراتيجيًا على السلطات التي “لن تتمكن عمليًا من اعتقال ألف شخص في يوم واحد”.
لم تتوقف القضية عند حدود الشارع إذ تستعد المحاكم البريطانية للنظر في طعن قانوني قدمته هدى عموري، الشريكة المؤسسة لحركة بال أكشن (Palestine Action). وكانت المحكمة العليا قد وافقت على مراجعة قضائية كاملة في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، ما ينذر بمرحلة جديدة من المواجهة بين الحركة والسلطات البريطانية على الصعيد القانوني والسياسي.
قمع الأصوات المتضامنة مع غزة بذريعة “مكافحة الإرهاب”

ترى منصة العرب في بريطانيا (AUK) أن الاعتقالات الأخيرة في لندن تمثل استمرارًا لنهج قمعي يستهدف كل الأصوات الداعمة لفلسطين وغزة، تحت ذرائع واهية تتعلق بالأمن القومي.
فالسلطات البريطانية لم تكتفِ بحظر حركة بال أكشن (Palestine Action)، بل اتخذت من قرار الحظر ذريعة لتجريم أي تعبير عن التضامن مع الفلسطينيين، حتى وإن جاء في إطار احتجاجات سلمية.
هذا المسار يعكس سياسة منظمة لتكميم الأفواه وإسكات الرأي العام الذي يرفض الإبادة في غزة ويدعو إلى محاسبة المسؤولين عن جرائم الحرب.
وتعتبر المنصة أن تصنيف منظمات فاعلة في مجال حقوق الإنسان والدفاع عن فلسطين كـ”منظمات إرهابية” ليس سوى محاولة لتبرير قمع ممنهج، يمنح الشرطة والحكومة غطاءً قانونيًا لاستهداف النشطاء والمتضامنين.
مثل هذه السياسات تكشف ازدواجية المعايير البريطانية في التعامل مع قضايا الإرهاب، حيث يتم تجاهل الانتهاكات الإسرائيلية بحق المدنيين في غزة، بينما يُلاحق من يعارضها بتهم خطيرة.
المصدر: سكاي نيوز
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇