تقرير: هل يقترب العالم من حرب عالمية ثالثة؟

في أسبوع أحيى فيه العالم، وخاصة الحلفاء السابقين، الذكرى الثمانين لنهاية الحرب العالمية الثانية، بدت ملامح انزلاق نحو حرب عالمية ثالثة أكثر وضوحًا من أي وقت مضى. وتكشفت خلاله مظاهر تراجع النظام العالمي القائم على القواعد، وتصاعد العنف الدولي غير المقيد، وسط غياب شبه تام للقيادة الأمريكية التقليدية.
تراجع النظام القائم على القواعد وانهيار السلام الأمريكي
مع تزايد الأزمات في مختلف أنحاء العالم، من كشمير إلى غزة، تظهر بشكل واضح تداعيات انهيار ما كان يعرف بـ “السلام الأمريكي” (Pax Americana) وتفكك النظام العالمي القائم على القواعد الذي تأسس بعد الحرب العالمية الثانية. في هذا السياق، تشير Fiona Hill، مستشارة الحكومة البريطانية، إلى أن الحرب العالمية الثالثة قد بدأت بالفعل، على الرغم من أن العالم لم يعترف بذلك بعد.
القلق المتزايد من تفكك النظام العالمي
يؤكد العديد من القادة السياسيين والخبراء أن ما يحدث اليوم يمثل لحظة فارقة في الجغرافيا السياسية العالمية. فقد عبّر ديفيد ميليباند، وزير الخارجية البريطاني الأسبق، عن قلقه من أن العالم في مرحلة انتقالية مشابهة للفترة ما بين 1989 و1990، حين انتقل العالم من الحرب الباردة إلى مرحلة أحادية القطب، مع سيطرة الولايات المتحدة. وأضاف أن “الانتقال إلى عالم متعدد الأقطاب” قد يبدو مستقرًا في الظاهر، لكنه يحمل في طياته الكثير من عدم الاستقرار.
أزمة القيادة الأمريكية والموقف الدولي

تسلط تصريحات العديد من السياسيين الضوء على أزمة الثقة في القيادة الأمريكية. وأشار توني بلير، رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، إلى أن هذا التحول يمثل صدمة حقيقية للعالم، حيث أصبح الجميع يبحث عن خيارات جديدة. فيما اعتبر وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، أنتوني بلينكن، أن “اللامبالاة” التي أظهرها ترامب تجاه الحلفاء تعتبر عملاً تخريبيًا، قائلًا: “الولايات المتحدة أهدرت 80 عامًا من بناء الثقة والشراكات”.
التدهور الإنساني في غزة والشرق الأوسط
عقب انسحاب الولايات المتحدة من العديد من التفاعلات الدبلوماسية، تزايدت الأزمات الإنسانية في مناطق مثل غزة، حيث عانى السكان من الحصار الذي أدى إلى تفاقم الوضع المأساوي. ورغم الأوامر الملزمة من محكمة العدل الدولية، استمر الحصار، وسط دعوات من قادة دوليين مثل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لوقف هذه الانتهاكات.
كما قامت إسرائيل بالتصعيد العسكري في عدة دول مثل لبنان واليمن وسوريا، متزايدًا في الضغط على الولايات المتحدة لتمنحها الإذن بمهاجمة إيران. بينما كانت ردود الفعل الأوروبية ضعيفة، مع غياب تحرك ملموس تجاه تعليق اتفاقيات التجارة الحرة مع إسرائيل.
القضية السودانية وتحديات القانون الدولي
في السودان، أدت الهجمات التي شنتها قوات الدعم السريع إلى تدمير البنية التحتية الإنسانية، وسط فشل المحاولات القانونية لمحاكمة الإمارات على دعمها لهذه القوات في محكمة العدل الدولية. ورغم محاولات بريطانيا للتوسط في عملية وقف إطلاق النار، فإن الجهود قد باءت بالفشل، ما يعكس التحديات الكبيرة في استعادة النظام الأمني الدولي.
التهديدات النووية في كشمير وعدم التدخل الأمريكي
من جانب آخر، أظهرت التوترات في كشمير، حيث تواصل دولتان نوويتان إطلاق الصواريخ على بعضها، غيابًا واضحًا للاهتمام الأمريكي. بينما كانت الولايات المتحدة تلعب دورًا حاسمًا في تهدئة النزاعات بين الهند وباكستان في السابق، غابت اليوم عن هذه الأزمة، ما يزيد من خطر التصعيد.
الحرب في أوكرانيا وتنامي الصراعات العالمية
مع تصاعد الحرب في أوكرانيا، التي يُنظر إليها كحرب شاملة تشمل عدة دول، أصبح النزاع هناك مكونًا أساسيًا في الحروب العالمية الحديثة. بالإضافة إلى ذلك، فإن دعم الصين وكوريا الشمالية وإيران لروسيا يعزز من تعقيد المشهد الجيوسياسي. وفي هذا السياق، تبرز التحولات في السياسة الأمريكية، مع توجيه انتقادات واسعة لترامب بسبب تقاربه مع روسيا، وهو ما أثر على استقرار التحالفات الدولية.
أوروبا تستعد لأزمة جديدة
وفي إطار التحولات الجيوسياسية، بدأ الاتحاد الأوروبي في التخطيط لاستعدادات عسكرية جديدة، وسط تزايد المخاوف من تهديدات قد تنشأ من روسيا. وفي ظل تصاعد القلق الأوروبي، أشار الرئيس الألماني شتاينماير إلى أن أوروبا يجب أن تكون مستعدة لمواجهة التحديات العسكرية والأمنية بشكل مستقل عن الولايات المتحدة، خاصة مع تزايد انعدام الثقة في القيادة الأمريكية الحالية.
المصدر: الغارديان
إقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇