بعد عام على حكم حزب العمال.. أين التغيير الموعود؟

مع مرور عام على تسلمه السلطة، يواجه حزب العمال البريطاني، بقيادة كير ستارمر، موجة من الانتقادات الداخلية والخارجية بسبب ما يُنظر إليه على أنه فشل في تحقيق التغيير الموعود الذي دفع الناخبين إلى اختياره بعد 14 عامًا من حكم المحافظين.
ففي مؤتمر صحفي داخل مركز صحي بشرق لندن، وبينما كان ستارمر يعرض خطة طويلة الأمد لتحسين هيئة الخدمات الصحية (NHS)، فوجئ بسؤال لاذع من صحفي تلفزيوني قال فيه: “لقد تراجعت عن وعودك، ونوابك لا يثقون بك، والأسواق قلقة بشأن التزامك بالانضباط المالي. أليست هذه الفوضى عينها التي وعدت بإنهائها؟”.
ورغم محاولته تجنب الرد المباشر، اعترف ستارمر بأن الأيام الأخيرة كانت صعبة، مؤكدًا عزمه على مراجعة ما جرى لتفادي تكراره.
لكن التقييم العام بين قيادات الحزب ومساعديه أن العام الأول جاء دون التوقعات، وسط اعتراف داخلي بأن حجم التحديات كان أكبر بكثير مما تصوره الفريق الحاكم.
إصلاحات محدودة وقرارات مثيرة للجدل
ورغم تبني الحكومة لعدد من السياسات التي لاقت استحسانًا شعبيًا مثل رفع الحد الأدنى للأجور، وتحسين حقوق العمال، وبناء المزيد من الوحدات السكنية الميسرة، فإنها لم تُفلح في إقناع الرأي العام بوجود تغيير حقيقي، خاصة في ظل إجراءات مثيرة للجدل كتقليص دعم الوقود في الشتاء وتعديل نظام الرعاية الاجتماعية.
ويعزو مراقبون تراجع تأييد الحكومة في استطلاعات الرأي، وحتى تراجع شعبية ستارمر الشخصية، إلى ما يرونه غيابًا للرسالة الواضحة وعدم قدرة الحكومة على إيصال إنجازاتها للمواطنين.
فبينما كانت التوقعات أن يقود حزب العمال تحولًا راديكاليًا في السياسات العامة، يرى الكثيرون أن أداءه حتى الآن لم يختلف كثيرًا عن حكومات المحافظين السابقة.
صراع داخلي بين التقدميين والمحافظين داخل الحزب
يعيش الحزب حاليًا حالة من التوتر الداخلي بين جناحين متباينين في الرؤية: أحدهما يدعو إلى تمسك أوضح بالنهج التقدمي وسياسات اليسار، في وقت يرى آخرون ضرورة التركيز على كسب الناخبين الوسطيين والمحافظين اجتماعيًا، خاصة في ظل صعود حزب “الإصلاح” اليميني المتطرف بقيادة نايجل فاراج.
ويحذر نواب من الجناح التقدمي من أن الاستجابة لحزب “الإصلاح” المتطرف من خلال تقليد سياساته قد تؤدي إلى فقدان حزب العمال لهويته وقاعدته الأساسية.
ويدعون بدلًا من ذلك إلى تقديم “خطاب عمالي أصيل” حول قضايا الهجرة، وتكاليف المعيشة، والإسكان، دون التنازل عن القيم التقدمية.
أزمة قيادة ورسائل سياسية ضائعة
رغم إشادة البعض بأداء ستارمر على الساحة الدولية، وخاصة بعلاقاته مع قادة دوليين مثل دونالد ترامب، فإن الأداء المحلي يُعد نقطة ضعف واضحة في سجل رئيس الوزراء.
ويؤكد مساعدون أن ستارمر بحاجة ماسة لإعادة الاتصال بالمواطنين العاديين، والخروج من المكاتب والمقرات الحكومية إلى الشوارع والمستشفيات والمصانع.
وتبرز دعوات داخل الحزب لتوضيح الرؤية السياسية للحكومة بشكل أكبر. فحتى الآن، يظل السؤال قائمًا داخل الأوساط الحزبية والإعلامية: “ما هو هدف حكومة حزب العمال؟” ويقارن قدامى الحزب ما يجري اليوم بوضوح الرؤية الذي ميز عهد توني بلير وغوردون براون.
ويحذر البعض من أن ستارمر بات يُنظر إليه كامتداد للمحافظين السابقين بدلًا من أن يكون بديلاً جذريًا عنهم.
وفي ظل شكوك متزايدة بشأن قدرته على إحداث تغيير ملموس، يرى مؤيدوه أنه لا يزال بإمكانه قلب المعادلة، لكن ذلك يتطلب قيادة أكثر وضوحًا، ورسالة موحدة تضع “العدالة” في صميم السياسات الحكومية، قبل فوات الأوان.
رأي منصة “العرب في بريطانيا”
ترى منصة العرب في بريطانيا (AUK) أن التقرير يعكس بواقعية حجم الإحباط المتنامي بين شرائح واسعة من المواطنين، لا سيما المهاجرين، تجاه حكومة حزب العمال بعد عام من الحكم.
فرغم تعهدات الحزب بإحداث تغيير جذري يعالج إخفاقات سنوات طويلة من حكم المحافظين، لم يشعر المواطنون، بمن فيهم البريطانيون من أصول عربية، بتحسن ملموس في أوضاعهم اليومية، خصوصًا فيما يتعلق بتكاليف المعيشة، وسوء أوضاع السكن، وطول قوائم الانتظار في القطاع الصحي.
المصدر: الغارديان
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇