بريطانيا وغزة: خبراء يكشفون الأدوار الخفية في دعم العدوان

في قلب العاصمة البريطانية لندن، مساء الأربعاء، نظم المنتدى الفلسطيني في بريطانيا (PFB) ندوة مؤثرة تحت عنوان “الشعب الفلسطيني لن ينسى ولن يغفر“، أدارتها الإعلامية البارزة زينب كمال. جمعت الندوة نخبة من الصحفيين والمحامين الدوليين والمدافعين عن حقوق الإنسان، وركزت على كشف الأدوار المعقدة والمثيرة للجدل التي لعبتها بريطانيا في دعم العدوان الإسرائيلي على غزة.
هذا التقرير يُلخص أبرز المحاور التي تناولتها الندوة، من التعتيم الإعلامي المفروض على الأنشطة الاستخباراتية البريطانية في غزة، إلى دعم مشاريع الاستيطان الإسرائيلي عبر المؤسسات المالية البريطانية، وانتهاءً بالدعوات القانونية والشعبية لمحاسبة الأطراف المتورطة.
مساهمات المتحدثين
مات كينارد: تورط بريطانيا والتعتيم الإعلامي
- الدور العسكري البريطاني: استعرض كينارد الدعم البريطاني الواسع لإسرائيل خلال العدوان، بما في ذلك الرحلات الجوية الاستطلاعية اليومية فوق غزة التي يُحتمل استخدامها لتحديد الأهداف العسكرية.
- نظام “الإشعار الدفاعي” (D Notice): كشف عن كيفية استخدام وزارة الدفاع لنظام “الإشعارات الدفاعية” لتقييد وسائل الإعلام عن نشر معلومات حساسة تتعلق بتورط القوات البريطانية. وأكد أن هذا النظام، رغم طبيعته الطوعية، يشكل حاجزًا كبيرًا أمام الصحافة الاستقصائية.
- التعتيم الإعلامي: انتقد كينارد الصمت الإعلامي المطبق حول دور بريطانيا في غزة، مشيرًا إلى غياب الصحافة الجريئة والمبلغين عن المخالفات.
- الدعوة إلى المساءلة: شدد على أهمية رفع قضايا قانونية لكشف الدور البريطاني، مؤكدًا أن المعلومات الاستخباراتية المجمعة يمكن أن تشكل أدلة دامغة في التحقيقات الدولية.
طيب علي: مسار العدالة ومحاسبة المتورطين
- الإجراءات القانونية ضد الوزراء البريطانيين: سلط الضوء على الشكاوى المقدمة إلى سكوتلاند يارد والمركز الدولي للعدالة للفلسطينيين ضد وزراء بريطانيين لتورطهم في جرائم حرب.
- تورط الشركات: تحدث عن دور الشركات الكبرى مثل “بريتش بتروليوم” في دعم الآلة العسكرية الإسرائيلية من خلال توفير الوقود اللازم للعمليات العسكرية.
- الإصلاح القانوني: دعا إلى تعزيز التشريعات لمنع تورط بريطانيا في انتهاكات تجارة الأسلحة، وضرورة مساءلة المتورطين بموجب القوانين المحلية والدولية.
- قوة الحركات الشعبية: أكد أهمية توظيف الحراك الشعبي للضغط على صناع القرار وتغيير السياسات بما يتماشى مع مبادئ حقوق الإنسان.
الدكتورة سارة حسين: تعزيز الرواية الفلسطينية في السياسة والإعلام
- إبراز الأصوات الفلسطينية: دعت إلى قيادة الفلسطينيين لجهود المناصرة، مشددة على أهمية المبادرات مثل لجنة فلسطين البريطانية (BPC) في توجيه الخطاب داخل البرلمان والإعلام.
- التحديات السياسية: انتقدت استمرار الدعم السياسي البريطاني لإسرائيل رغم الأدلة على ارتكابها جرائم حرب، ولفتت الانتباه إلى امتناع بريطانيا عن التصويت في قرارات الأمم المتحدة الحاسمة.
- الإعلام ودوره السلبي: أكدت أن الإعلام البريطاني يلعب دورًا في تعزيز الرواية الإسرائيلية ونزع الإنسانية عن الفلسطينيين، مما يساهم في استمرار الإفلات من العقاب.
- التفاؤل بالتغيير: أشارت إلى تغير واضح في الوعي العام وزيادة التشكيك في الروايات الإعلامية الرسمية، داعية إلى البناء على هذا التحول لتعزيز القضية الفلسطينية.
الدكتور سامر جابر: العمل الشعبي كرافعة استراتيجية
- احتياجات الفلسطينيين أولاً: أكد على أهمية استشارة الفلسطينيين مباشرة لتحديد احتياجاتهم بدقة، مشيرًا إلى الانفصال بين المبادرات التكتيكية الدولية والاحتياجات الحقيقية على الأرض.
- حركة المقاطعة (BDS): شدد على أن المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات أدوات فعالة في مواجهة المشروع الاستعماري الإسرائيلي، خاصة عبر استهداف المؤسسات المالية الداعمة للاستيطان.
- التفكير النقدي في النشاط: دعا إلى تفادي الدعم غير المدروس لشخصيات أو منظمات قد تعزز الأنظمة القمعية دون قصد، مشددًا على ضرورة الانحياز إلى القضايا الفلسطينية الجوهرية.
المحاورة زينب كمال: تأطير النقاش برؤية شاملة
- السياق التاريخي وتكرار الروايات الاستعمارية: استهلت زينب كمال مداخلتها بتسليط الضوء على الجذور الاستعمارية للمواقف البريطانية تجاه الفلسطينيين، مستشهدة بتصريحات ونستون تشرشل في عام 1937 التي قللت من شأن حقوق الشعوب الأصلية، مثل الفلسطينيين، في مواجهة المستعمر “الأكثر تحضّرًا”، على حد تعبيره. وأكدت كمال أن هذه العقلية الاستعلائية ما زالت حاضرة في نهج السياسة البريطانية الحديثة تجاه القضية الفلسطينية.
- تعزيز الرواية الفلسطينية في المشهد الدولي: أكدت كمال على أهمية قلب موازين الخطاب السائد، ليركز على صمود الفلسطينيين ونضالهم المستمر من أجل الكرامة والحقوق. وانتقدت الضغوط الممنهجة التي تُمارس على الفلسطينيين لإثبات أهليتهم وإنسانيتهم في السياقات السياسية الغربية، مشيرة إلى أن هذه المطالب بحد ذاتها تُعد امتدادًا للروايات الاستعمارية.
- الدعوة إلى عمل تضامني فعّال: اختتمت كمال مداخلتها بحشد المشاركين نحو التحرك العملي الفعّال، داعية إلى الضغط على أعضاء البرلمان البريطاني، ودعم المبادرات الفلسطينية الأصيلة، والعمل على تفكيك الخطاب الإعلامي المتحيز الذي يشوه الحقيقة ويكرّس الروايات الظالمة. وشددت على أن التغيير يتطلب التزامًا مستمرًا وإصرارًا لا يتزعزع لتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني.
أبرز محاور جلسة الأسئلة والإجابات
- توسيع الحراك الشعبي:
- ناقش الحضور أهمية إشراك المجتمعات المحلية لفضح التحيز الإعلامي والضغط على الحكومات لتغيير مواقفها.
- تضمنت الاقتراحات تنظيم حملات توعية، التماسات موجهة لصناع القرار، وتوسيع دائرة التحالفات مع النشطاء من مختلف الخلفيات.
- التعتيم الإعلامي ودوره السلبي:
- تم تسليط الضوء على النظام الطوعي لـ”الإشعار الدفاعي” وكيفية تأثيره على حرية الإعلام، مع دعوات لدعم وسائل الإعلام المستقلة لمواجهة هذا التقييد.
- المسارات القانونية والسياسية:
- ناقش المتحدثون التزامات بريطانيا الدولية في الحفاظ على البيانات الاستخباراتية المتعلقة بغزة، وكيف يمكن استخدام هذه البيانات كأدلة في محاكمات جرائم الحرب.
- شدد المشاركون على أهمية المراجعات القضائية لمواجهة قرارات الحكومة، مثل إزالة العقوبات عن المستوطنين الإسرائيليين.
- توحيد الجهود وتعزيز الاستراتيجيات:
- أكد الحضور ضرورة توسيع نطاق التضامن الشعبي، مع التركيز على المبادئ الفلسطينية المشتركة بدلاً من التمحور حول أصوات فردية.
- دعا المتحدثون إلى الاستفادة من الزخم الشعبي لتعزيز الرواية الفلسطينية في كافة المحافل.
الخاتمة والتوصيات
اختتمت الندوة بالتأكيد على الحاجة إلى جهود منسقة ومتكاملة لكشف تواطؤ بريطانيا في الجرائم المرتكبة في غزة. وأوصى المشاركون بما يلي:
- الإجراءات القانونية: متابعة الآليات القانونية الدولية والمحلية لمحاسبة الأفراد والشركات المتورطة.
- التوعية العامة: تعزيز الحملات الشعبية التي تهدف إلى نشر الوعي وتصحيح الروايات المغلوطة.
- المناصرة السياسية: العمل مع النواب البرلمانيين للضغط نحو تغييرات جذرية تتماشى مع معايير حقوق الإنسان.
- دعم المبادرات الفلسطينية: تمكين الفلسطينيين من قيادة جهود المناصرة وتوجيه السرديات بما يخدم حقوقهم العادلة.
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇