بريطانيا تلجأ للذكاء الاصطناعي لتحديد أعمار طالبي اللجوء من الأطفال
بدأت وزارة الداخلية البريطانية هذا الشهر في دعوة الشركات لتقديم عروض لتوفير تقنية التعرف على الوجه بالذكاء الاصطناعي، بهدف استخدامها لتحديد أعمار طالبي اللجوء القُصّر غير المصحوبين، مع خطة لتطبيقها تدريجياً خلال عام 2026. وتأتي هذه الخطوة في ظل استمرار وصول مهاجرين إلى بريطانيا عبر القوارب الصغيرة.
مبررات الحكومة

وزيرة أمن الحدود واللجوء، أنجيلا إيغل، اعتبرت أن استخدام الذكاء الاصطناعي هو “الخيار الأكثر فعالية من حيث التكلفة” لمعالجة عيوب النظام الحالي لتقييم أعمار طالبي اللجوء، مؤكدة أن النظام الحالي أدى إلى أخطاء في تحديد السن تسببت في إيواء أطفال مع بالغين، مما جعلهم عرضة للاستغلال.
تحذيرات حقوقية واسعة
وحذّرت منظمات حقوق الإنسان وجماعات دعم اللاجئين من أن التقنية الجديدة قد تكون أقل دقة من التقييمات البشرية.
وصفت كاميلا دورلينغ، مديرة السياسات في مؤسسة “هيلين بامبر”، المقترحات بـ”المقلقة ما لم تُطبق ضمانات قوية”، مشيرة إلى أن الأدلة تثبت أن الذكاء الاصطناعي قد يكون أكثر تحيزاً وأقل دقة من البشر.
وأوضحت آنا باتشياريللي، الباحثة البارزة في منظمة “هيومن رايتس ووتش”، أن التقنية جرى اختبارها فقط في عدد محدود من المتاجر والمواقع لمعرفة ما إذا كان المشترون تحت سن 25، وليس لتحديد من تجاوز 18 عامًا. ووصفت استخدامها في ملفات اللجوء بأنه “قاسٍ وغير إنساني”.
آلية التقييم الحالية
وفق النظام الحالي، يخضع طالبي اللجوء الذين يصرحون بأنهم دون 18 عامًا لتقييم أولي من ضباط الهجرة عند وصولهم إلى دوفر، ثم يخضعون لتقييم من قبل الأخصائيين الاجتماعيين في المجالس المحلية المسؤولة عن إيوائهم وإدماجهم في التعليم. ومن المفترض أن يتم تنفيذ “تقييم ميرتون” الرسمي، لكن تقارير رسمية تؤكد أن ذلك لا يحدث دائمًا.
وصف تقرير لمفتش الحدود والهجرة العملية بأنها “شكلية”، وأظهر أن ما لا يقل عن 681 طفلاً تم تقييمهم خطأً كبالغين في عام 2024، مما عرضهم للإيواء مع بالغين وحتى دخول السجون.
أمثلة على أخطاء التقييم
وكشفت القضايا القانونية عن حجم المشكلة؛ ففي إحدى الحالات، قدّر مسؤولون عمر شاب سوري بـ28 عامًا، ليتضح لاحقاً أنه يبلغ 17 عامًا فقط. وفي حالة أخرى، استخدمت السلطات كتيب حلاقة من شركة “جيليت” كدليل على أن طفلًا هو بالغ.
بدائل وتجارب سابقة
أشارت المنظمات الحقوقية إلى أن حكومات أوروبية جربت سابقاً طرقاً أخرى مثل قياس كثافة العظام، لكنها لم تحقق النتائج المرجوة. وترى أن التوجه نحو الذكاء الاصطناعي هو محاولة “حل سريع لمشكلة معقدة” دون مراعاة خصوصية الأطفال طالبي اللجوء.
وشددت دورلينغ على أن القرار النهائي يجب أن يبقى بيد الأخصائيين الاجتماعيين المدربين وموظفي الحدود المؤهلين، مؤكدة أن “استبدال القرارات البشرية السيئة بتقنية غير دقيقة لن يحل الأزمة الحالية”.
موقف وزارة الداخلية
وأعلنت وزارة الداخلية هذا الأسبوع عن توسيع استخدام تقنية التعرف على الوجه الحية لاستهداف المجرمين الخطرين، وأكدت أن “التقييمات الدقيقة للعمر أداة حيوية للحفاظ على أمن الحدود”، مشيرة إلى أنها ستبدأ في اختبار التقنية الجديدة في مواقع رئيسية لقوة الحدود تمهيداً لدمجها بالكامل في نظام التقييم بحلول عام 2026.
وترى منصة العرب في بريطانيا أن لجوء الحكومة البريطانية إلى الذكاء الاصطناعي لتحديد أعمار الأطفال طالبي اللجوء يمثل خطوة تحمل مخاطر إنسانية كبيرة إذا لم تُرافقها ضمانات صارمة. فالتقنية، كما تشير الدراسات، ليست خالية من الأخطاء والتحيزات، وقد تؤدي إلى إلحاق أضرار جسيمة بحقوق الأطفال وحمايتهم. وتؤكد المنصة أن أي تطوير للنظام يجب أن يضع مصلحة الطفل في المقام الأول، وأن يبقى القرار النهائي بيد مختصين بشريين مؤهلين، مع توفير آليات مراجعة مستقلة لضمان عدم وقوع أخطاء تمس حياة ومستقبل هؤلاء الأطفال.
المصدر: thenationalnews
إقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇