القضاء البريطاني يوافق على الطعن ضد حظر حركة “بال أكشن”
في تطور قانوني بارز، منح القضاء البريطاني الناشطة هدى عمّوري الإذن بالمضي في الطعن أمام المحكمة العليا ضد قرار الحكومة حظر حركة Palestine Action (بال أكشن)، وذلك خلال جلسة عُقدت يوم الجمعة في محاكم العدل الملكية في لندن.
ويُعد هذا القرار خطوة مهمة في معركة قانونية تُسلّط الضوء على الجدل المتزايد حول حرية التعبير والاحتجاج السياسي في بريطانيا، خاصة بعد أن أصبحت بال أكشن أول حركة احتجاجية تُدرج ضمن قانون مكافحة الإرهاب.
خطوة غير مسبوقة في تاريخ القوانين البريطانية

كانت وزارة الداخلية البريطانية قد اتخذت في وقت سابق قرارًا غير مسبوق بتجريم الانتماء إلى الحركة أو التعبير عن دعمها، معتبرة أن نشاطها “يشكل خطرًا على الأمن الوطني”. ويعني هذا القرار أن مجرد إظهار التأييد العلني للحركة قد يُعرّض صاحبه للملاحقة القانونية.
لكن عمّوري، وهي من أبرز مؤسسي الحركة، اعتبرت أن الخطوة الحكومية “هجوم خطير على الحريات المدنية”، وقالت في بيان لها عقب القرار:
“لقد رفضت محكمة الاستئناف محاولة وزيرة الداخلية يفِت كوبر منع المراجعة القانونية لقرارها الجائر، ومنحتنا أسسًا أقوى للطعن فيه. هذا انتصار للحريات في وجه أحد أكثر الإجراءات استبدادًا في تاريخ بريطانيا الحديث.”
وأضافت عمّوري أن الحكومة “تحاول إسكات الأصوات المعارضة لتواطؤ بريطانيا في جرائم إسرائيل، من خلال استخدام قوانين الإرهاب كسلاح سياسي ضد المحتجين السلميين.”
تصاعد القلق بشأن تقييد حرية التعبير

أشارت عمّوري إلى أن حظر الحركة لا يقتصر على بال أكشن نفسها، بل يمتد تأثيره إلى “كل من يجرؤ على انتقاد جرائم إسرائيل أو سياسات الحكومة البريطانية تجاهها”، مؤكدة أن القرار “يخلق سابقة خطيرة يمكن استغلالها لاحقًا ضد أي حركة احتجاجية أخرى.”
كما رحبت منظمة العفو الدولية في المملكة المتحدة بقرار المحكمة، مؤكدة وجود “مخاوف جدية تتعلق بحقوق الإنسان وحرية التعبير والتجمع” بسبب الحظر. وقالت كيري موسكوجيوري، مديرة الحملات في المنظمة:
“نرحب بإتاحة المجال للمراجعة القضائية، فالحكومة بالغت في استخدام صلاحياتها بموجب قوانين الإرهاب لتكميم الأصوات المناصرة لفلسطين.”
وأضافت أن كلًّا من منظمة العفو الدولية وجمعية ليبرتي ستتدخلان في القضية لتسليط الضوء على “الانتهاك الصارخ للحريات العامة” الذي تسبب به قرار الحظر.
وفي حيثيات قرارها، أكدت القاضية العليا البارونة كار أن اللجوء إلى المراجعة القضائية هو المسار الأنسب للطعن في قرار الحظر، مشيرة إلى أن “الإجراءات أمام لجنة الطعون في المنظمات المحظورة ليست مخصصة للطعن في القرار الأصلي.”
وأضافت أن المراجعة القضائية ستتيح للمحكمة العليا “إصدار حكم حاسم بشأن مدى قانونية حظر Palestine Action”، وهو ما سيؤثر على القضايا الجنائية الجارية ضد أشخاص اعتُقلوا بسبب دعمهم للحركة.
فمنذ إعلان الحظر، شهدت بريطانيا آلاف حالات الاعتقال بحق ناشطين ومحتجين عبّروا عن دعمهم للحركة أو شاركوا في حملات التضامن مع فلسطين. وتشير الإحصاءات إلى أن الاعتقالات تحت بند قوانين الإرهاب زادت بنسبة 3100% منذ بدء تطبيق القرار، وهو ما وصفته عمّوري بأنه “استخدام خطير ومسيّس لقانون الإرهاب.”
موقف الحكومة البريطانية

من جانبها، أكدت وزارة الداخلية في بيان لها أنها “تدرس قرار محكمة الاستئناف بعناية”، لكنها شددت على أن Palestine Action ما تزال منظمة محظورة. وقال المتحدث باسم الوزارة:
“لقد نفذت الحركة حملة تصعيدية تسببت في أضرار جسيمة للبنية التحتية للأمن القومي، وتضمنت أعمال تخريب وترهيب وعنف. من يدعمها سيواجه كامل العقوبات القانونية.”
واختتم البيان بالقول: “دعم فلسطين لا يعني دعم جماعة مصنفة كمنظمة إرهابية.”
وهذه القضية تمثل اختبارًا حقيقيًا لالتزام الحكومة البريطانية بمبادئ حرية التعبير، خاصة في ظل تزايد القيود على الأصوات المتضامنة مع الشعب الفلسطيني. فمحاولة خلط الدعم الإنساني والسياسي لفلسطين بمفاهيم “الإرهاب” تثير قلقًا واسعًا في الأوساط الحقوقية والقانونية، وتكشف عن ازدواجية في المعايير تجاه الحركات المناصرة للعدالة.
وتبقى جلسة المراجعة القضائية المقبلة في نوفمبر محورية في تحديد مستقبل حرية الاحتجاج في بريطانيا، وما إذا كانت الحكومة ستُجبر على التراجع عن قرارها المثير للجدل ضد حركة بال أكشن.
المصدر: thenational
إقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇
