العرب في بريطانيا | الغضب الشعبي الأوروبي يتصاعد: تراجع تأييد إسرائ...

1446 ذو الحجة 15 | 12 يونيو 2025

الغضب الشعبي الأوروبي يتصاعد: تراجع تأييد إسرائيل إلى أدنى مستوياته على الإطلاق

إسرائيل
عدنان حميدان June 4, 2025

في واحدة من أقوى الرسائل التي يبعث بها الرأي العام الغربي منذ عقود، كشفت نتائج استطلاع حديث أجرته مؤسسة “يوغوف” عن تراجع غير مسبوق في التأييد الشعبي لإسرائيل داخل أوروبا الغربية. أرقام صادمة – وفقًا لمعايير ما قبل السابع من أكتوبر – تعكس حالة الغضب الشعبي المتفاقم إزاء استمرار الإبادة الجماعية والتجويع في قطاع غزة، وتوضح حجم التحول الجذري في المزاج العام تجاه القضية الفلسطينية.

تبدو هذه الأرقام بمثابة شهادة شعبية دامغة على أن السردية الإسرائيلية التقليدية لم تعد تجد من يروّج لها كما في السابق. فخلال سنوات طويلة، كانت إسرائيل تحظى بتعاطف واسع في الأوساط الغربية، مستندة إلى ماكينة إعلامية جبارة، وتحالفات سياسية قوية، ورواية أحادية الجانب عن “الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط”.

لكنّ كل ذلك بدأ يتآكل، وبشكل متسارع، بفعل عدسات الكاميرا التي نقلت يوميات المجازر في غزة، وأصوات الضحايا التي كسرت جدار الصمت، وصمود شعب يرفض أن يُمحى من على وجه الخريطة.

أرقام ستُحفظ للمستقبل

تراجع صافي الشعبية لصالح إسرائيل إلى -54 في الدنمارك، -48 في فرنسا، -52 في إيطاليا، -55 في إسبانيا، -44 في ألمانيا، و-46 في بريطانيا، هو أمر غير مسبوق منذ بدء رصد هذه المؤشرات قبل قرابة عقد من الزمن. ولا تقل الأهمية عن ذلك حقيقة أن نسبة من يحملون نظرة إيجابية تجاه إسرائيل لم تتجاوز 13% إلى 21% فقط في أي من الدول الست، مقابل نسب تراوحت بين 63% و70% أعربت عن مواقف سلبية تجاهها.

هذه الأرقام ستبقى حاضرة في الذاكرة السياسية والإعلامية، وسيجري الرجوع إليها في السنوات المقبلة كلما حاولت المنظومة الغربية إعادة تسويق “دولة الاحتلال” بوصفها حليفًا أخلاقيًا أو مشروعًا طبيعيًا في المنطقة.

الحق الفلسطيني يتجلى شعبيًا

رغم ضغوط الحكومات الغربية، ومحاولات خنق الخطاب المؤيد لفلسطين تحت ذرائع “معاداة السامية” أو “تأييد الإرهاب”، فإنّ الشعوب قالت كلمتها بصراحة: لم تعد تقتنع بتبريرات المجازر، ولم تعد ترى في القصف اليومي مبررًا لأي ادعاء بـ”الدفاع عن النفس”.

إنّ هذه النتائج تفتح بابًا واسعًا للبناء على ما تراكم من وعي شعبي، وتؤكد – ولو بشكل غير مباشر – أن عدالة القضية الفلسطينية تتسرب إلى وجدان الشعوب، مهما حاولت الأنظمة إخفاءها أو تشويهها.

هي ليست مجرد أرقام، بل مؤشرات استراتيجية تدل على أن أحقية الفلسطيني في أرضه ليست فقط حقًا تاريخيًا أو قانونيًا، بل أصبحت مع الوقت – وعبر النزف والصمود – قناعة أخلاقية متنامية لدى شرائح واسعة من الرأي العام العالمي.

ماذا بعد؟

إن كانت هذه الأرقام تقول شيئًا فهو أن الرواية الصهيونية تعيش أزمة غير مسبوقة، وأن الاحتلال يخسر معركة الرأي العام التي كان يظنها محسومة. لكن هذا لا يعني أن الطريق انتهى؛ بل يدعونا جميعًا إلى مضاعفة الجهود في التعريف بالقضية، ودعم الحراك التضامني، وتوثيق الجرائم، ودفع المؤسسات والنخب لاتخاذ مواقف أخلاقية شجاعة.

إن التراجع في تأييد الاحتلال ليس فقط لحظة إحصائية عابرة، بل تحوّل بنيوي قد يكون من نتائجه – عاجلًا أو آجلًا – تراجع الدعم السياسي والمالي الغربي لإسرائيل، وتصاعد الأصوات المطالبة بمحاسبة مجرمي الحرب، ورفع الحصار، وفرض المقاطعة.

هذا التراجع الشعبي الأوروبي، المتوازي مع تململ متزايد في الداخل الأمريكي، لا يُقرأ بمعزل عن دماء أطفال غزة ولا عن ركام بيوتها. إنه ببساطة، ثمرة مباشرة للحق الذي لا يموت، مهما طالت الغطرسة.


اقرأ أيضًا:

اترك تعليقا

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني.

loader-image
london
London, GB
8:16 pm, Jun 12, 2025
temperature icon 23°C
clear sky
66 %
1013 mb
10 mph
Wind Gust 0 mph
Clouds 0%
Visibility 10 km
Sunrise 4:43 am
Sunset 9:17 pm