العرب في بريطانيا | أزمة تأشيرات الدراسة في بريطانيا: 16 ألف طالب د...

1446 ذو الحجة 15 | 12 يونيو 2025

أزمة تأشيرات الدراسة في بريطانيا: 16 ألف طالب دولي يطلبون اللجوء في عام واحد

أزمة تأشيرات الدراسة في بريطانيا: 16 ألف طالب دولي يطلبون اللجوء في عام واحد
رجاء شعباني May 12, 2025

كشفت بيانات رسمية جديدة صادرة عن وزارة الداخلية البريطانية عن خلل خطير في منظومة استقطاب الطلاب الدوليين إلى الجامعات البريطانية، حيث أظهرت الإحصاءات أن 16 ألف طالب دولي ممن دخلوا البلاد بتأشيرات دراسية في عام 2024، قدّموا طلبات لجوء لاحقًا، ما أثار حالة من القلق والارتباك داخل قطاع التعليم العالي، وفتح الباب أمام موجة انتقادات سياسية وإعلامية قبيل إصدار مرتقب للورقة البيضاء للهجرة.

تزامن نشر هذه الأرقام مع حملة تسريبات مدروسة من داخل الحكومة، ما أدى إلى تصعيد الضغوط على الجامعات البريطانية التي تخوض معركة لحماية ما يُعرف بـ مسار الخريجين (Graduate Route)، والذي يتيح للطلاب الدوليين البقاء لمدة عامين بعد التخرج للعمل في بريطانيا. ويُخشى على نطاق واسع أن تتضمن “الورقة البيضاء” قيودًا مشددة على الطلاب القادمين من دول بعينها مثل باكستان ونيجيريا وسريلانكا، وهي الدول التي حددتها وزارة الداخلية على أنها الأكثر ارتباطًا بالحالات التي يتحول فيها الطلاب أو العمال لاحقًا إلى طالبي لجوء.

وزيرة الداخلية: تأشيرات الدراسة تُستغل كمدخل للجوء

منحة ممولة بالكامل للاجئين في جامعة كوين ماري البريطانية لعام 2025
الدراسة في بريطانيا

وزيرة الداخلية إيفيت كوبر طالبت بإجراء فوري لتشديد شروط التأهل للحصول على التأشيرات الدراسية، معتبرة أن البعض يقدّم على اللجوء فقط بعد انتهاء مدة تأشيرته الدراسية أو المهنية، رغم إقراره المسبق بامتلاك الموارد الكافية للإعالة الذاتية. وأشارت إلى وجود نحو 10 آلاف حالة من هذا النوع العام الماضي ضمن 40 ألف طلب لجوء صدرت من حاملي تأشيرات دخول شرعية.

وفي المجمل، سجّلت بريطانيا 108 آلاف طلب لجوء خلال عام 2024، بينها 35 ألف حالة لأشخاص وصلوا عبر القوارب الصغيرة دون تصريح مسبق. وتحوّلت هذه القضية إلى محور رئيسي في النقاش السياسي مع بروز حزب “الإصلاح” اليميني بقيادة نايجل فاراج، الحليف الوثيق للرئيس الأميركي دونالد ترامب، والذي حقق مكاسب انتخابية مفاجئة في الانتخابات المحلية البريطانية الأخيرة.

في ظل هذه التطورات، تخشى الجامعات البريطانية أن يُقدَّم تقليص أعداد الطلاب الدوليين أو تشديد شروط الإقامة بعد التخرج كـ”حلول سهلة” أمام الحكومة الجديدة بقيادة كير ستارمر لتقليص صافي الهجرة، الذي بلغ 728 ألفًا في عام واحد.

ويؤكد مسؤولون في قطاع التعليم العالي أن الاستمرار في هذا النهج يُهدد بشكل مباشر الاستقرار المالي للجامعات التي باتت تعتمد بشكل متزايد على الرسوم المرتفعة التي يدفعها الطلاب الأجانب.

تحذيرات من نفي الواقع…

الدراسة في بريطانيا
الدراسة في بريطانيا (Pixabay)

الخبير في التعليم الدولي د. ديفيد بيلسبيري، وهو نائب رئيس سابق لجامعة كوفنتري، شدد على ضرورة الاعتراف بالمشكلة بدلًا من إنكارها، قائلًا:
“الأسوأ من كل شيء أن ننكر وجود سوء استخدام للتأشيرات، أو نعتبره غير مهم. كل إساءة استخدام تُعد خطيرة، ويجب مواجهتها بتدخلات دقيقة ومحددة، لا بمقاربات عقابية تضر بالجميع دون تمييز”.

من جهتها، أكدت د. ديانا بيتش، مديرة معهد فينزيري بجامعة سيتي سانت جورج والمستشارة السابقة للحكومة في سياسات التعليم العالي، أن الجامعات لا يمكنها بعد الآن اعتبار حالات اللجوء الناتجة عن تأشيرات دراسية مسألة خارجة عن نطاق مسؤوليتها. وأوضحت:
“إذا أرادت الجامعات الحفاظ على تدفق الطلاب، فعليها أن تُظهر بوضوح أنها تطبق فلترة صارمة لقبول الطلاب لضمان أن هدفهم الفعلي هو الدراسة وليس البحث عن اللجوء”.

تشير بيتش إلى أن مبادرة “إطار جودة الوكلاء”، التي أُطلقت بدعم من المجلس الثقافي البريطاني، تعبّر عن نوايا جدّية، لكنها غير كافية. وقالت: “وزارة الداخلية تريد أدلة ملموسة على أن الجامعات بدأت في قطع العلاقات مع الوكلاء المشبوهين، أو على الأقل الإبلاغ عن الطلاب الذين يُشتبه فيهم عند اكتشاف مؤشرات على التلاعب”.

وتابعت: “المطلوب الآن هو الأفعال لا التصريحات. والنوافذ السياسية لإثبات الجدية تغلق بسرعة”.

دعم متردد لمسار الخريجين… وخوف من الانهيار

آن-ماري غراهام، المديرة التنفيذية لمجلس شؤون الطلاب الدوليين (UKCISA)، حذرت من أن استمرار الغموض حول مستقبل مسار الخريجين سيؤدي إلى زعزعة ثقة الطلاب الدوليين، مؤكدة أن العديد من الجامعات البريطانية لن تبقى قائمة بدونهم.

ودعت الحكومة إلى دعم واضح وصريح لهذا المسار، الذي أعيد العمل به في عهد الحكومة المحافظة السابقة وخضع العام الماضي لمراجعة رسمية أثبتت عدم إساءة استخدامه.

وقالت: “الوقت مناسب الآن للترويج لمسار الخريجين وتوضيح آلياته، حتى تتمكن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من استيعاب مزاياه وتوظيف الخريجين الدوليين لسدّ فجوات السوق”.

جيمس بيتمان، رئيس مؤسسة التعليم العالي المستقل ومدير مجموعة “ستادي” في أوروبا، حذر من أن أي تعديل على مسار الخريجين سيُفقد بريطانيا قدرتها على استقطاب الطلاب من أسواق رئيسية، على رأسها الهند.

وأوضح أن البيانات تشير إلى أن ما يصل إلى 60% من الطلاب الهنود، الذين مُنحوا 110,006 تأشيرة في 2024، قد يعيدون النظر في الدراسة ببريطانيا إذا تم إلغاء أو إضعاف المسار.

حماية “اللجوء الأكاديمي” شرط أخلاقي وتاريخي

متوسط رسوم الدراسة في بريطانيا للطلاب الدوليين

روث أرنولد، مؤسسة حملة #WeAreInternational، دعت إلى عدم التضحية بالتقاليد البريطانية في توفير ملاذ أكاديمي حقيقي، مؤكدة أن معالجة سوء الاستخدام لا تعني التخلي عن القيم الإنسانية.

وذكّرت أرنولد بأن الجامعات البريطانية كانت قد استقبلت في الحرب العالمية الثانية مفكرين وعلماء هاربين من الفاشية، من بينهم 16 من الحاصلين على نوبل لاحقًا. وأضافت:
“اليوم أيضًا ما تزال بريطانيا توفر ملاذًا علميًا لبعض العلماء والفنانين الذين يواجهون اضطهادًا، مثل الطلاب الأفغان الذين فرتهم من طالبان، والذين يُجسدون دروسًا عظيمة في الشجاعة”.

وفي السياق ذاته، وجهت لجنة العلوم والتكنولوجيا في مجلس اللوردات رسالة مفتوحة إلى قيادات الحكومة، محذّرة من أن السياسات الحالية المتعلقة بتأشيرات الباحثين في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM) تهدد بخسارة الكفاءات العلمية العالمية.

وأشارت اللجنة إلى أن المنافسة الدولية على المواهب العلمية تزداد حدة، لا سيما بعد سياسة التمويل العلمي الأميركية التي دفعت الكثير من العلماء للبحث عن بدائل. وقد سارعت دول عديدة إلى تقديم عروض لاستقطاب هؤلاء الباحثين، بينما تواصل بريطانيا وضع العوائق.

وخلصت اللجنة إلى أن الوضع الراهن يشكّل “إيذاءً ذاتيًا وطنيًا”، مطالبة بإصلاح عاجل في رسوم التأشيرات وسياسات استقطاب المواهب العلمية لضمان قدرة البلاد على النمو الاقتصادي وتعزيز بنيتها البحثية.

 

المصدر يونيفرسيتي ورد نيوز


إقرأ أيّضا

اترك تعليقا

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني.

loader-image
london
London, GB
4:44 pm, Jun 12, 2025
temperature icon 24°C
broken clouds
63 %
1012 mb
11 mph
Wind Gust 0 mph
Clouds 75%
Visibility 10 km
Sunrise 4:43 am
Sunset 9:17 pm