العرب في بريطانيا | بي بي سي: هدر المليارات وتأخير لسنوات... نظام ا...

1447 جمادى الثانية 23 | 14 ديسمبر 2025

بي بي سي: هدر المليارات وتأخير لسنوات… نظام اللجوء في بريطانيا يعاني أزمة متفاقمة

بي بي سي: هدر المليارات وتأخير لسنوات... نظام اللجوء في بريطانيا يعاني أزمة متفاقمة
محمد سعد December 11, 2025

تظهر البيانات الجديدة أن أزمة نظام اللجوء في بريطانيا لم تعد نتيجة تراكم إداري عابر، بل تحوّلت إلى حلقة مستمرة من السياسات القصيرة المدى، والتكاليف الباهظة، والتأخير الذي يعلّق آلاف الأشخاص في انتظار لا ينتهي. وبينما تتصاعد الكلفة وتتراجع ثقة الجمهور، تزداد التساؤلات عن قدرة الحكومة على بناء نظام فعّال ومستدام.

نظام لجوء مترهّل وتراكمات متزايدة

قالت هيئة التدقيق الوطنية (National Audit Office – NAO): إن نظام اللجوء في بريطانيا يعاني خللًا هيكليًّا عميقًا، وهدرًا كبيرًا في المال العام، وسياسات حكومية تعتمد على ردود فعل آنية تنقل المشكلة من مرحلة إلى أخرى دون معالجة الجذور.

وفقا لتقرير نشرته بي بي سي، تم تحليل لخمسة آلاف طلب لجوء قُدّم في كانون الثاني/يناير 2023، تبيّن أن 35 في المئة (1,619 شخصًا) حصلوا على نوع من الحماية مثل صفة لاجئ، في حين أُعيد 9 في المئة (452 شخصًا) إلى بلدانهم. أمّا 56 في المئة (2,812 شخصًا) فما زالوا بلا نتيجة نهائية حتى اليوم.

ورحّبت وزارة الداخلية بنتائج التحليل، معتبرة أنها تؤكد “الحاجة إلى إصلاح جذري للنظام”.

ملفات عالقة بلا استئناف

بي بي سي: هدر المليارات وتأخير لسنوات... نظام اللجوء في بريطانيا يعاني أزمة متفاقمة
تلقى عدد كبير من طلبات اللجؤ قرارات بالرفض وظلت عالقة من الناحية القانونية

تبيّن أن الغالبية الساحقة من الملفات العالقة -2,021 من أصل 2,812- تقع في منطقة ضبابية: طلبات رُفضت لكن أصحابها لم يتقدموا بأي استئناف.

وقالت كبيرة المحللين في الهيئة، روث كيلي: إن هؤلاء “تلقّوا قرارات بالرفض، لكنهم باقون داخل النظام؛ لأن تنفيذ الإبعاد بات معقّدًا للغاية”.

أعباء السكن المؤقت… والفنادق تتحوّل إلى حل دائم

بي بي سي: هدر المليارات وتأخير لسنوات... نظام اللجوء في بريطانيا يعاني أزمة متفاقمة
نقص أماكن الإيواء دفع الحكومة إلى إبقاء أعداد كبيرة من طالبي اللجؤ في الفنادق

نقص أماكن الإيواء الأخرى دفع الحكومة إلى إبقاء أعداد كبيرة من طالبي اللجوء في الفنادق لفترات طويلة، وقد بلغت التكلفة في عام 2024-2025 نحو 2.7 مليار باوند. ويعكس ذلك اعتمادًا مفرطًا على حلول مكلفة وطارئة بدل بناء نظام مستقر.

قال أنفر سولومون، المدير التنفيذي لمجلس اللاجئين (Refugee Council): إن النتائج “صادمة”، وتؤكد ما تراه فرق الدعم يوميًّا: “نظام لا يؤدي عمله، ينتظر فيه الناس شهورًا أو سنوات لقرار… بينما تستمر التكاليف في الارتفاع”.

آثار السياسات القصيرة المدى

انتقد تقرير الهيئة طريقة تعامل الحكومات المتعاقبة مع الزيادة في عبور القوارب الصغيرة منذ عام 2018، قائلًا: إن التدخلات الحكومية كانت “ردة فعل” تركّز على إصلاح جزء واحد من النظام دون النظر في انعكاساته على بقية المراحل.

وأشار التقرير إلى أن تسريع الإجراءات جاء أحيانًا على حساب جودة القرارات، وأن إصلاحات موضعية ولّدت أزمات جديدة بدل حلّ القديمة.

وضرب مثالًا بحملة رئيس الوزراء السابق ريشي سوناك لإنهاء “تراكم الطلبات القديمة” عام 2023، التي أدّت فعليًّا إلى زيادة الضغط على مرحلة الاستئناف وإحداث تكدّس جديد في المحاكم.

نقص حاد في القضاة المتخصصين

قالت كيلي: إن أحد أبرز عناصر الأزمة اليوم هو النقص الكبير في القضاة المتخصصين بقضايا الهجرة واللجوء، مضيفة:

“هناك عجز واضح في عدد القضاة… وقد قيل لنا إن الحوافز للعمل في محاكم الهجرة ضعيفة بسبب الطبيعة المرهِقة للقضايا، إضافة إلى التغطية الإعلامية السلبية التي تجعل استقطاب قضاة جدد أكثر صعوبة”.

وتقول الهيئة: إنها تبحث عن دلائل على انتقال الحكومة إلى “نهج شامل ومستدام” بدل الحلول القصيرة التي أثبتت محدوديتها.

فوضى رقمية… ونظام بلا تعقّب شامل

الشرطة البريطانية
أزمة لدى الداخلية والقضاء في نظام حصر اللاجئين

أشار التقرير إلى أنه لا يمكن تتبع طلب اللجوء عبر النظام بأسره؛ لأن وزارة الداخلية والمحاكم والسلطات المحلية لا تستخدم رقمًا معرفًا موحّدًا. ويرى المحللون أن هذا الخلل يعرقل إدارة النظام، ولا سيما مع تذبذب أعداد المتقدمين وظهور موجات مفاجئة.

قال متحدث باسم الوزارة: إن وزيرة الداخلية أعلنت مؤخرًا “أوسع إصلاحات يشهدها النظام منذ جيل كامل” لمعالجة المشكلات التي كشفتها الهيئة، مضيفًا:

“نحرز تقدمًا ملموسًا أُبعد نحو 50 ألف شخص لا حق لهم في البقاء، وارتفعت اعتقالات العمالة غير القانونية بنسبة 63 في المئة، ومُنع أكثر من 21 ألف محاولة عبور بالقوارب هذا العام. الإصلاحات الجديدة ستعيد الانضباط للنظام وتمنع الحوافز التي تشجع على الدخول غير القانوني”.

الحاجة إلى رؤية متماسكة

تشير منصة العرب في بريطانيا (AUK) إلى أن أزمة نظام اللجوء تكشف اعتمادًا متزايدًا على حلول ظرفية لا تعالج جذور المشكلة، ما يؤدي إلى انتقال الضغوط من مرحلة إلى أخرى دون نهاية واضحة. وتوضح البيانات أن غياب التخطيط العميق يفاقم التكاليف ويضعف ثقة الجمهور، في حين تبدو الحاجة ملحّة إلى إصلاح شامل يوازن بين سرعة البتّ في الطلبات وجودة القرارات وقدرة النظام على التكيّف مع التغيّر في أعداد المتقدمين.

المصدر: بي بي سي


اقرأ أيضاً

اترك تعليقا

آخر فيديوهات القناة