كيف تناول الإعلام البريطاني إعلان توقيع المرحلة الأولى من الاتفاق بين حماس وإسرائيل
أثار إعلان توقيع المرحلة الأولى من الاتفاق بين حركة حماس وإسرائيل، الذي أُعلن عنه صباح الخميس 9 أكتوبر/تشرين الأول 2025، تفاعلاً واسعًا في الصحافة البريطانية، التي انقسمت في زوايا تغطيتها بين البعد الإنساني والسياسي والأمني.
الاتفاق، الذي أُعلن عنه من واشنطن، يتضمن وقفًا مبدئيًّا لإطلاق النار، وتبادلًا للأسرى، إلى جانب انسحاب جزئي للقوات الإسرائيلية وفتح ممرات إنسانية نحو قطاع غزة.
الغارديان: “الشيطان في التفاصيل”
في تغطيتها للحدث، اختارت صحيفة الغارديان (The Guardian) عنوانًا حذرًا جاء فيه: “المرحلة الأولى من اتفاق لوقف الحرب في غزة”.
وركّزت على أن الطريق إلى تنفيذ الاتفاق لا يزال مليئًا بالعقبات، مشيرةً إلى أن ما يقارب 67 ألف قتيل سقطوا منذ اندلاع الحرب، وأنّ نجاح الاتفاق مرهون بمدى التزام الطرفين بآليات التنفيذ ووقف الانتهاكات.
وحذّرت الصحيفة في تحليلها الافتتاحي من أن “الشيطان يكمن في التفاصيل”، مشيرة إلى أنّ أيّ إخلال جزئي بالبنود قد يُعيد المنطقة إلى المربع الأول.
سكاي نيوز: “منعطف حاسم” في الحرب
أما قناة سكاي نيوز (Sky News) فتبنّت خطابًا سياسيًّا أكثر مباشرة، ووصفت الاتفاق بأنه “منعطف حاسم” في مسار العدوان على غزة، ناقلةً تصريحات لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي اعتبر الصفقة “خطوة مسؤولة لاستعادة الرهائن وتأمين الحدود الجنوبية”.
كما أظهرت القناة مشاهد من تل أبيب وغزة تُظهر تباين مشاعر السكان بين الحذر والأمل، ووصفت اليوم بأنه “لحظة أمل نادرة وسط عام من الدمار والمعاناة”.
التايمز والتلغراف: اتفاق أمني بغطاء سياسي
في المقابل، ركّزت صحيفة التايمز (The Times) على تفاصيل التنفيذ والجداول الزمنية، إذ نشرت ما قالت إنه “الجدول الزمني الأولي لتبادل الأسرى والرهائن خلال 48 ساعة”، إلى جانب انسحاب جزئي من شمال غزة تحت إشراف مصري وقطري.
بينما تناولت التلغراف (The Telegraph) الحدث من زاوية أخرى، حيث وصفت حماس بأنها “جماعة إرهابية” في إطار ما سمّته “مقايضة سياسية غير متكافئة”، معتبرة أن واشنطن – وتحديدًا الرئيس دونالد ترامب – هي “صاحبة الفضل الأكبر في دفع الأطراف نحو الطاولة”.
فايننشال تايمز: قراءة سياسية واقتصادية
أما فايننشال تايمز (Financial Times)، فاختارت تحليلًا أكثر هدوءًا، وركّزت على الانعكاسات السياسية والاقتصادية للاتفاق على المنطقة، معتبرة أن التهدئة الأولية “قد تعيد تشكيل مسارات الاستثمار والمساعدات الدولية إلى غزة”، مشيرةً إلى أنّ ترامب وعد بـ”خطة لإعادة إعمار القطاع بمشاركة خليجية وأوروبية”.
آي تي في نيوز: “يوم من الأمل”
أما آي تي في نيوز (ITV News) فقدّمت تغطية ميدانية إنسانية، إذ نقلت صورًا مباشرة من غزة أظهرت عائلات تتبادل الدعوات والدموع بعد الإعلان، ووصف مراسلها اليوم بأنه “يوم من الأمل في مدن أنهكتها الحرب”، فيما رصدت تقارير أخرى استعداد فرق الإغاثة المصرية للدخول إلى القطاع فور تثبيت وقف إطلاق النار.
الموقف البريطاني الرسمي: ترحيب مشروط بالتنفيذ
نقلت وكالة رويترز عن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر ترحيبه بالاتفاق، مع تأكيده أنّ “التهدئة يجب أن تُترجم إلى خطوات عملية لإغاثة سكان غزة وضمان الإفراج عن جميع الرهائن”.
وأكدت الحكومة البريطانية في بيان لاحق أنها “تدعم أي جهود جادة تؤدي إلى إنهاء الحرب وتخفيف الكارثة الإنسانية”، لكنها شدّدت على ضرورة “التزام جميع الأطراف بتطبيق بنود الاتفاق دون انتقائية”.
اختلاف في الزوايا والمفردات
- الزاوية الإنسانية تصدّرت تغطيات الغارديان وآي تي في، حيث أُبرزت صور الدمار والأمل المشوب بالحذر.
- الزاوية الأمنية والسياسية كانت حاضرة في التلغراف وسكاي نيوز، التي ربطت الاتفاق مباشرة بجهود ترامب ومحاولاته استعادة النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط.
- أما فايننشال تايمز فحاولت وضع الحدث في سياق اقتصادي أوسع، معتبرة أن التهدئة قد تفتح الباب أمام “مرحلة إعادة الإعمار المشروطة”.
تساؤلات مفتوحة في الصحافة البريطانية
رغم الترحيب العام، لم تُخفِ معظم الصحف البريطانية شكوكها بشأن آليات التنفيذ، وطرحت أسئلة جوهرية:
- من سيدير غزة خلال فترة الهدنة؟
- هل تشمل صفقة الإفراج أصحاب الأحكام العالية؟
- ومن الجهة التي ستضمن التزام الطرفين وتراقب الميدان؟
يُجمع المراقبون في لندن على أنّ الاتفاق رغم هشاشته يمثل أول كسر في جدار الحرب، وأنّ نجاحه مرهون بقدرة الوسطاء على تثبيت وقف النار وتحويله إلى مسار سياسي أوسع.
وبينما ترى بعض الصحف أن ترامب “حصد نصرًا دبلوماسيًّا” في توقيت انتخابي حساس، يؤكد آخرون أن المقياس الحقيقي للنجاح سيكون في حياة المدنيين داخل غزة، لا في قاعات السياسة.
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇
14°C
