العرب في بريطانيا | كل التفاصيل الصادمة.. تحقيق سري للـBBC يفضح عنص...

1447 رجب 1 | 21 ديسمبر 2025

كل التفاصيل الصادمة.. تحقيق سري للـBBC يفضح عنصرية شرطة لندن ضد المسلمين والمهاجرين

WhatsApp Image 2025-10-01 at 11.50.21 AM
فريق التحرير October 1, 2025

هزّ تحقيق استقصائي بثّته هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) أركان شرطة العاصمة البريطانية لندن، بعد أن فضح ممارسات وأحاديث صادمة لضباط ما زالوا في الخدمة، تكشف عن ثقافة غارقة في العنصرية، وكره النساء، والإسلاموفوبيا، رغم سنوات من التعهدات الرسمية بـ “التطهير والإصلاح”.

أما البرنامج الوثائقي “Unmasked: Undercover in the Police” (كشف المستور: متخفيًا داخل الشرطة) فقد أظهر بوضوح أن ما وُصف سابقًا بأنه مجرد تجاوز فردي من ضابط أو اثنين، ليس سوى نظام يعتمل بخطاب الكراهية، والاستهانة بضحايا الجرائم، والاحتفاء باستخدام العنف ضد الضعفاء والمهمّشين.

سبعة أشهر خلف الأبواب الموصدة

الصحفي روري بيب قضى سبعة أشهر متخفّيًا بصفته موظف احتجاز مدني في مركز شرطة تشارينغ كروس، أحد أكثر المراكز ازدحامًا في لندن. بكاميرات خفية كان يسجّل يوميات زملائه الضباط: أحاديث بذيئة، ونكات جنسية مبتذلة، وتفاخر بممارسات عنيفة، وازدراء واضح للمهاجرين والمسلمين.

قال أحد الضباط محذرًا زميله الجديد: “حين ينضم شخص جديد نضع القناع. وبعد أن نطمئن إليه، نسقط القناع ويظهر الوجه الحقيقي.” وهكذا تكشّفت أمام الكاميرات ثقافة سرية مسمومة كانت محصنة من الرقابة الرسمية.

الإسلاموفوبيا.. الكراهية الموجّهة

أخطر ما كشفه التحقيق كان خطاب العداء السافر للعرب والمسلمين:

ضابط قال صراحة: “المسلمون هم الأكثر إزعاجًا… الإسلام [في البلاد] مشكلة خطيرة.”

آخر وصف المهاجرين من الشرق الأوسط بـ”الحثالة” و”الغزاة”، ودعا إلى إعدام من يتجاوز مدة التأشيرة: “كل ما يتطلبه الأمر هو طلقة واحدة في الرأس.”

ذات الضابط شتم الجزائريين والصوماليين، وادعى أن المسلمين “أكثر من يرتكب الجرائم”.

ضباط آخرون سخروا من تقديمهم الطعام غير الحلال للموقوفين المسلمين، في استهزاء بدينهم وهويتهم.

بالنسبة لمجتمعات العرب والمسلمين في بريطانيا، لم تكن هذه التصريحات مجرد انزلاقات لفظية، بل دليلًا دامغًا على أن التمييز ضدهم متجذّر في مؤسسة يُفترض أن تحميهم لا أن تُمعن في استهدافهم.

ازدراء لضحايا الاغتصاب والعنف الأسري

ومن أبرز الوجوه التي كشفها التحقيق الرقيب جو ماكيلفيني، صاحب العشرين عامًا في الخدمة، الذي بدا في التسجيلات وهو يتحدث أمام زميلاته بتفاصيل جنسية مقززة، ثم يستخفّ بصرخات نساء قدمن بلاغات عن اغتصاب وعنف منزلي.

حين سألته زميلة عن الإفراج بكفالة عن رجل متهم باغتصاب صديقته الحامل وركل بطنها، أجاب باستخفاف: “هذا ما تقوله هي فقط.”

المفتشة السابقة سو فيش، التي راجعت التسجيلات، وصفت كلماته بأنها “مروّعة”، محذّرة من أن وجود مثل هذه العقليات في مواقع اتخاذ القرار “يهدد سلامة النساء ويقوّض الثقة بالعدالة”.

العنف المفرط… والفخر به

فضيحة جديدة لشرطة لندن: صحفية متخفية تكشف انتهاكات ودعما لليمين
(أنسبلاش)

التحقيق وثّق ضباطًا يروون باعتزاز كيف داس أحدهم على ساق معتقل حتى تورّمت كأنها ورم سرطاني، وكيف يكسر آخر أوتار الأصابع أثناء أخذ البصمات قسرًا، وكيف انهال ثالث ضربًا على محتجز مقيد في سيارة الشرطة.

الأدهى أن بعضهم لم يكتفِ بالاعتداء، بل أبدى استعدادًا لتلفيق الإفادات لتبرير العنف، في ممارسات تلامس جريمة “تضليل العدالة”.

ظلال اليمين المتطرف

الأمر لم يتوقف عند الكراهية، إذ كشف التحقيق عن ضباط يتعاطفون مع المتطرف اليميني تومي روبنسون، زعيم حركة “رابطة الدفاع الإنجليزية” المعروف بخطابه المحرّض ضد المسلمين. ما يعني أن الفكر المتطرف لم يعد يقتصر على الشارع، بل تسرّب إلى صفوف الشرطة ذاتها.

اعتذارات رسمية… وغضب شعبي

المفوض العام مارك رولي اعتذر واصفًا السلوك بـ”المشين”، معلنًا تفكيك فريق “تشارينغ كروس” وتعليق عمل تسعة ضباط وموظفين.

وزيرة الداخلية شبانه محمود قالت إن المشاهد “مقززة وصادمة”، مؤكدة دعمها للتحقيق العاجل.

عمدة لندن صادق خان عبّر عن “اشمئزازه وغضبه”، مشيرًا إلى أن “العنصرية وكراهية الإسلام لا مكان لها في شرطة لندن”.

المكتب المستقل لسلوك الشرطة (IOPC) أعلن فتح تحقيق واسع النطاق قد يطيح بعدد أكبر من الضباط.

أزمة ثقة أعمق

الفضيحة تأتي بعد ثلاث سنوات فقط من مقتل سارة إيفرارد على يد ضابط في الخدمة، وما تبعها من تقرير البارونة لويز كايسي الذي وصف شرطة لندن بأنها “مؤسسة عنصرية، كارهة للنساء، ورُهاب المثليين متجذر فيها”. ورغم وعود الإصلاح، تُظهر التسجيلات أن السموم لم تُستأصل، بل توارت تحت السطح.

كما أن مركز تشارينغ كروس تحديدًا كان في قلب فضيحة سابقة عام 2022 حين كُشفت رسائل بين ضباط يتندرون بالاغتصاب والعنف المنزلي. لكن ما جرى لاحقًا لم يكن إلا تكرارًا للوعود، دون اجتثاث حقيقي للداء.

العرب والمسلمون: الضحايا الصامتون

الانعكاس الأخطر لهذه الفضيحة يقع على عاتق العرب والمسلمين في بريطانيا. فكيف لشاب عربي أن يثق بشرطي يعتبره “عدوًا”؟ وكيف لامرأة مسلمة تتعرض للعنف أن تطمئن لشرطة يسخر بعض ضباطها من دينها وثقافتها؟

إن الثقة المهشّمة أصلاً قد تتحول الآن إلى هوة سحيقة، تجعل الضحايا يترددون في الإبلاغ عن الجرائم خوفًا من السخرية أو التجاهل، وهو ما يهدد النسيج الاجتماعي برمته.

ومن المفارقة أن ذلك يأتي بعد تصريحات وزيرة الداخلية المثيرة للجدل، التي زعمت أن وضع تعريف لمصطلح “الإسلاموفوبيا” سيمنح المسلمين في بريطانيا “معاملة خاصة”.

ما بعد الفضيحة

بين الاعتذارات الرسمية والإقالات المحدودة، يظل السؤال الجوهري: هل تكفي الإجراءات الترقيعية لاستعادة الثقة؟ أم أن شرطة لندن بحاجة إلى إعادة بناء مؤسسية كاملة تعترف أولًا بحقيقة المرض المستشري في صفوفها؟

فكما قالت الضابطة السابقة سو فيش: “إن القضية لم تكن يومًا تفاحة فاسدة في السلة، بل السلة بأكملها فاسدة.”

 


اقرأ أيضًا:

اترك تعليقا

التعليقات

  1. البحث في جذور العنصرية العنفية بكل ابعدها القومية الشوفينية ، داخل السجون أو خارجها ، لا يُخْتَزَل بتعليق ، هذا يستوجب بحث حقيقي مادي ،يستند إلى دراسات وبراهين و وقائع وحيادية .لكن الأديان ستبقى البوابة الكبرى في التاريخ التي يتسلل منها كل فكر انعزالي دينية عنفي للصدام مع بقية الأديان، أي كل دين هو بؤرة جاهزة للصدام وتوسعه مرتبط بالقيادات الدينية المتحكمة بالمرجعيات القديمة والحديث.
    لأ اغفل المصالح المادية للدولة وراسمالمال، الذي هو الأب الروحي والمادي لكل حركة ظالمة عبر التاريخ الحديث.

آخر فيديوهات القناة