العرب في بريطانيا | في ذكرى التحرير.. مجد حماة ووجعُ الفِراق

1447 رجب 6 | 26 ديسمبر 2025

في ذكرى التحرير.. مجد حماة ووجعُ الفِراق

في ذكرى التحرير.. مجد حماة ووجعُ الفِراق
مروة كنيفد December 6, 2025

تمرُّ ذكرى تحرير سوريا، وتمرُّ معها آلاف الذكريات في قلوبنا… تمرُّ بثِقل الدموع ودفءِ الفخر، بين نبضٍ ما يزال متعلقاً بتراب الوطن، وبين روحٍ تائهة في دروب الغربة.

نحن أبناء حماة، أبناء نهر العاصي، أبناء البيوت التي لا تزال آثار القصف تسكن جدرانها، لكن أجواء الأمل لا تزال تعانق سماءها.

في أيام التحرير، لم تكن الغربة فقط بعد المسافات…

كانت وجعاً يؤلم الروح، لأننا كنا نرى مدينتنا تنزف ولا نستطيع حتى تضميد جراحها. كنا نتابع الأخبار، نحتضن الشاشات وكأنها نافذة لبيوتنا، ننتظر خبراً عن صديق، عن قريب، عن بيت لم يهدم، عن مسجد لم يمسه الشر.

وقبل التحرير، كنا نتوق لحلاوة الجبن الحموية، تلك النكهة التي لا تشبه سواها، ولو شكّوا ما أصلها فهي حموية بلا شك، كنا نتوق لكل ما كان يشبهنا، لكل ما يشبه الوطن الذي حملناه في صدورنا أينما ذهبنا.

وخلال التحرير، لم نكن بعيدين عنه أبداً…

نحن دفعنا من أرواحنا الكثير، وإن كنا في المنافي. قدّمنا شهداء، منهم من دُفن في الغربة، ومنهم من استشهد هناك في أرض العز، ومنهم من بقي مفقوداً في صفحات التاريخ.

ضحّى أهلنا في مدنهم وبيوتهم وأرضهم ومالهم وحتى أنفسهم. والتحرير لم يكن كلمة سهلة، كان ثمنه أرواح رجال، ودموع نساء، وصبر أمّهات، وقلوب أبناءٍ ماتوا ولم يوَدعوا.

وعندما جاءت الذكرى السنوية…

اشتعلت نار الغربة في صدورنا، نار لا يطفئها إلا تراب الوطن.

رأينا الدموع تختبئ في العيون، لكننا سمعنا حنينها يتكلم بصمت. هناك، أرواحنا احتفلت بين مآذن حماة وساحات التحرير، وهنا، أجسادنا وقفت عاجزة، تائهة بين المسافات.

كيف لنا أن نكون جسداً في الغربة وروحاً في الساحات؟

كيف للقلوب أن تحتفل وهي محاصرة بالشوق؟

كنا نحيي الذكرى ليس بالأغاني ولا الزينة، بل بدمعة حارة، بذكرى شهيد، بدعاء صادق يصل قبلنا إلى هناك.

إنها حماة…

لم تُقهر يوماً، ولم تنحنِ رغم العذاب، رغم النار التي صبها الأب والابن من عائلة الأسد المتسلطة من الثمانينات وحتى سقوطهم، مدينة لا تُقهر، مدينة لا تُنسى، مدينة لا تترك أبناءها ولو طحنتهم الغربة.

واليوم، في ذكرى التحرير، نُجدد العهد، سنعود، ولو طال الطريق.

وسنبني ما تهدم، ولو بالدموع.

وسنعلّم أبناءنا أن حماة ليست مجرد مدينة على الخريطة، بل ذاكرة وكرامة وهوية لا تموت.


اقرأ أيضًا:

 

جميع المقالات المنشورة تعبّر عن رأي أصحابها ولا تعبّر بالضرورة عن رأي المنصة

اترك تعليقا

آخر فيديوهات القناة