العرب في بريطانيا | في اليوم العالمي للغة العربية: رسالة إلى إخوتي ...

1447 رجب 2 | 22 ديسمبر 2025

في اليوم العالمي للغة العربية: رسالة إلى إخوتي العرب

في اليوم العالمي للغة العربية: رسالة إلى إخوتي العرب
ريم العتيبي December 18, 2025

في اليوم العالمي للغة العربية، الذي يصادف الثامن عشر من كانون الأول/ ديسمبر من كل عام، أوجّه رسالة محبة وصدق إلى إخوتي وأخواتي العرب: اعتزّوا بعربيتكم، ولا تفرّطوا في آخر ما تبقّى لنا من هُوية.

إنها اللغة التي يحتفل بها العالم، ويتمنى كثيرون إتقانها، في حين يخجل بعض أبنائها أحيانًا من التحدّث بها، ويقدّمون لغات الغرب عليها؛ ظنًّا منهم أنها أرقى أو دليل تحضّر أكبر.

اللغة العربية ليست مجرد وسيلة تواصل، كلا، بل إنها كنز حضاري عظيم؛ فهي لغة القرآن الكريم، وبها كتب العلماء والفلاسفة أروع ما خلّدته البشرية من فكر ومعرفة.

حضارة أضاء نورها ما بين الأندلس وبغداد؛ فكيف نرضى اليوم أن نهمّش هذه اللغة أو نهملها؟

أجل، نعترف بكل صراحة أننا نُخطئ أحيانًا لقلة الممارسة، وقد نخجل أحيانًا؛ لأن بعض قواعدها تتفلّت منا؛ فيضيع النصب، ويختلط الرفع بالجر، لكن هذا لا يعني أننا نسيناها أو تخلّينا عنها.

العربية متأصّلة فينا، تسكن وجداننا مهما ضعف أداؤنا بها، ونعتذر إليها إن قصّرنا خجلًا منها وخجلًا من ضعفنا أحيانًا.

وليس الاعتزاز بالعربية دعوة للانغلاق أو رفضًا للغات العالم؛ فتعلم اللغات قوة حقيقية، لكن القوة العظمى أن نتقن لغات الآخرين ونحن متمسكون بلغتنا الأم، لا أن تكون لغتنا آخر ما نتعلم وأول ما ننسى. فالأمم القوية لا تتقدم بالتخلي عن لغتها، بل بالبناء عليها، وتعزيزها، والتفاخر بها.

إخوتي وأخواتي: لا أسعى إلى إثقال كواهلكم، ولا إلى زيادة الأعباء عليكم، بل إلى تذكير صادق بأمر ثمين يستحق العناية: لغتنا العربية.

تحدثوا بها كل يوم في بيوتكم، واجعلوها لغة التواصل بينكم وبين أبنائكم، ولا تسمحوا بأن تُستبدل بغيرها داخل المنزل. فاللغة إنْ لم تُستعمَلْ تضعفْ ثم تُنسَ. ولا شك أن اللغة الإنجليزية أسهل وأخف على اللسان، والإنسان بطبعه ميّالٌ إلى ما هو أسهل حتى في كلامه وتعبيره.

ارفعوا قَدر العربية وأعلوا من شأنها في نفوس أبنائكم، واحذروا أن يفقدوها كما فقدها كثيرون من قبلهم. لا تجعلوها تتكسر على ألسنتهم، بل دعوهم يكبرون وهم يفتخرون بالتحدّث بها بطلاقة، وينطقون حروفها بثقة لا بتردّد أو خوف، ويعلمون أن لغتهم ليست عائقًا أمام تقدّمهم، بل سبيلًا إلى نجاحهم. اغرسوا فيهم حب العربية؛ فإنّه إنْ لم يُغرس حبها في الصغر وتتأصّل جذورها فيهم فلن تزهر، وإن لم تزهر فلن تثمر يومًا.

تحدّثوا إلى ذويكم وأقاربكم في بلدانكم بانتظام، واجعلوا أبناءكم يشاركونهم الحديث في كل يوم؛ فهذا أولًا من باب صلة الأرحام، وثانيًا وسيلة فعّالة لحفظ لغة التواصل بين الأبناء وأهلهم.

واحرصوا -ما استطعتم إلى ذلك سبيلًا- على زيارة الموطن الأصلي؛ فالمكان يعيد إلى اللغة روحها ورونقها. إن الحفاظ على العربية ليس واجبًا لغويًّا فحسب، بل هو حفظ للهُوية وبناء لجسور الانتماء في نفوس أبنائنا، ليكبروا وهم معتزون بلغتهم وأصلهم.

وفي الغربة قد تذوب الهُويات، فتمسّكوا بالعربية أكثر؛ فهي الوطن الذي يعيش فينا. لا تجعلوها أول ما تضحّون به في طريق الاندماج، اندمجوا بلا ذوبان، وبلا تخلٍّ لا عن اللغة ولا عن المبادئ. اجعلوا التمسك بها من أولى أولوياتكم وأوجب واجباتكم، ومبدأً راسخًا لا مِراء فيه. تحدّثوا بها في بيوتكم، وأنصتوا لها في دعائكم، وعلّموها لأبنائكم؛ لتبقى الجذور حيّة مهما امتدت الفروع بعيدًا، فالغربة لا تُفقدنا أوطاننا إلا حين نسمح لها أن تُفقدنا لغتنا.


اقرأ أيضًا:

جميع المقالات المنشورة تعبّر عن رأي أصحابها ولا تعبّر بالضرورة عن رأي المنصة

اترك تعليقا

آخر فيديوهات القناة