غزة في قلب المنخفض الجوي: 288 ألف أسرة بلا مأوى تحت الابتلاء والدمار
لا يحتاج المتابع لكثير من التفاصيل ليدرك حجم المأساة التي يعيشها أهل غزة هذه الأيام. فبينما يضرب القطاعَ منخفضٌ جوي قاسٍ، تجد آلاف العائلات نفسها في مواجهة ابتلاء شديد في الطقس، يتزامن مع دمار غير مسبوق خلّفته الحرب والحصار.
المشهد لا يُختصر في صور المطر أو الرياح؛ إنه مشهد لعائلات تُترك لتغرق في الألم والبرد والخذلان، وهي تحاول الصمود بما تبقى لها من قدرة على الاحتمال.
فوفق تقديرات محلية، يواجه نحو 288 ألف أسرة المنخفض الجوي بلا حماية، وبلا غطاء، وبلا أي استجابة توازي حجم الاحتياج.
ومع ذلك، ما زال بعض الناس يتحدث عن “خيام”.
ولكن… أي خيام؟
خيام لا تصمد… وناس تُترك في العراء
الخيمة التي يفترض أن تكون ملاذًا أصبحت عاجزة عن الوقوف أمام هبّة ريح واحدة.
فكيف تحمي طفلًا يرتجف من البرد؟
وكيف تمنح أسرة حدًّا أدنى من الأمان؟
المأساة أن أكثر من 93 في المئة من النازحين بلا خيام مناسبة أصلًا.
وهذه نسبة تكشف فجوة إنسانية هائلة، وتضعنا أمام واقع يتجاوز كل وصف.
المطلوب اليوم ليس رفاهية، ولا تحسينًا في مستوى المعيشة.
المطلوب ببساطة:
خيمة.
قطعة قماش.
سقف مؤقت أفضل من العراء.
أسئلة مؤلمة… لكنها حقيقية
أي زمن هذا الذي يصبح فيه طلب خيمة مطلبًا صعبًا؟
أي ضعف هذا الذي يُترك فيه النازح ليواجه البرد والسيول والرياح؟
وأي قهر أشد من أن يقف الأب أو الأم عاجزًا أمام أبنائه وهو يرى الخطر يقترب، دون وسيلة لردّه؟
منخفض جوي فوق بنية تحتية مدمّرة
يمرّ هذا المنخفض على قطاع يعاني من انهيار شبه كامل للبنية التحتية:
مجارٍ مدمّرة
طرق عاجزة عن تصريف المياه
منازل مفتتة
ومخيمات لم تعد تصلح للعيش.
ورغم التحذيرات من فيضانات وسيول في غزة وعموم بلاد الشام، فإن الوضع الإنساني في غزة يتدهور لغياب أبسط الأدوات اللازمة لمواجهة الظروف الجوية.
بلدية غزة: الإمكانات معدومة
رئيس بلدية غزة لخّص المشهد بكلمات واضحة:
- “المنخفض الجوي يفاقم الأزمة الإنسانية وسط دمار البنية التحتية وغياب الإمكانات.”
- “نتوقع موجة جديدة من المنخفض ولا نمتلك الأدوات المناسبة للتعامل معها.”
- “نعتمد على آليات مستأجرة من القطاع الخاص… وهي قديمة ولا تصلح لمواجهة المنخفض.”
هذه الشهادات تكشف صعوبة الواقع وبؤسه، وتؤكد أن القطاع لم يُترك بلا حماية من الحرب فقط، بل بلا حماية من أبسط الابتلاءات المناخية.
المنظمات الأهلية: الاحتلال يعرقل إدخال المساعدات
شبكة المنظمات الأهلية في غزة أكدت أن الاحتلال ما زال يعرقل إدخال المساعدات، بما يشمل المواد الأساسية اللازمة للتعامل مع آثار المنخفض الجوي.
ومع استمرار هذا المنع، يصبح الحديث عن “التعامل مع العاصفة” أقرب إلى المستحيل.
في غزة، يتداخل البرد مع الحصار.
ويتقاطع المنخفض مع الدمار.
وتبقى العائلات وحدها في مواجهة ابتلاء جويّ شديد، وسط غياب المسؤولية الدولية، وانعدام الأدوات المحلية، واستمرار القيود المفروضة على دخول المساعدات.
إن ما يجري اليوم ليس مشهدًا عابرًا، بل مرآة أخلاقية للعالم في لحظة يُختبر فيها ضميره، وقدرته على حماية أبسط حقوق البشر:
حقهم في مأوى… ولو كان خيمة.
اقرأ أيضًا:
جميع المقالات المنشورة تعبّر عن رأي أصحابها ولا تعبّر بالضرورة عن رأي المنصة
الرابط المختصر هنا ⬇



