الجارديان: بريطانيا تهدد الجنائية الدولية بالانسحاب وقطع التمويل إذا حكمت بتوقيف نتنياهو
كشفت صحيفة الغارديان البريطانية في تقرير حديث أن الحكومة البريطانية السابقة، تحت رئاسة ريشي سوناك، هدّدت بشكل غير مسبوق المحكمة الجنائية الدولية (ICC) بسحب تمويلها والانسحاب من نظام روما الأساسي إذا أقدمت المحكمة على إصدار مذكرات توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومسؤولين آخرين بتهم تتعلق بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في حرب غزة.
وتقول الصحيفة إن التهديد جاء خلال مكالمة هاتفية في 23 أبريل 2024 بين المدعي العام للمحكمة كريم خان ومسؤول بريطاني كبير – يُعتقد أنه وزير الخارجية آنذاك ديفيد كاميرون – وقد أبلغ المسؤول البريطاني خان بأن لندن ستسحب تمويلها وحقوقها في المحكمة إذا أُصدرت أوامر توقيف ضد نتنياهو أو وزير دفاعه السابق يوآف غالانت.
هذه الرسالة جاءت بعد أن أعلن خان نيته التقدّم بطلبات رسمية لإصدار مذكرات توقيف ضد نتنياهو وجالانت، وهي المذكرات التي ترتبط بوثائق قانونية وادعاءات موثّقة أمام المحكمة تتعلق بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة.
ابتزاز صارخ للمحكمة وسعي لتسييس العدالة الدولية

رفض المدعي العام خان بشكل صريح هذه الضغوط، مؤكّدًا أن قراره يستند إلى تحليل قانوني دقيق من خبراء في القانون الدولي، وأن المحكمة تمارس ولايتها القضائية بموضوعية واستقلال بعيدًا عن الضغوط السياسية.
لكن التهديد البريطاني يعكس تداخلاً واضحًا في عمل مؤسسة قضائية دولية تهدف إلى مساءلة قادة عن أفعال قد ترقى لجرائم حرب، ويُظهر مدى استعداد بعض العواصم الكبرى لاستخدام النفوذ المالي والسياسي لضمان حماية حلفائها. وهذا لا يقلّ خطرًا عن أي تدخل آخر يمسّ استقلال العدالة الدولية، وهو تصريح يفترض أن يثير تساؤلات جدية في دوائر السياسة والقانون في بريطانيا نفسها.
ردود فعل وانتقادات حتى داخل بريطانيا

هذا التورط لم يمرّ دون ردود فعل في الداخل البريطاني أيضًا، حيث انتقد عدد من أعضاء البرلمان ما يُعتبر ضغطًا غير مبرر على المحاكم الدولية، معتبرين أن تهديدات مثل هذه تقوّض سمعة بريطانيا كمؤيّدة للقانون الدولي وحقوق الإنسان.
يُذكر أن المحكمة الجنائية الدولية سبق وأن أصدرت أوامر توقيف ضد نتنياهو وجالانت في نوفمبر 2024 في إطار تحقيق طويل حول انتهاكات مزعومة في غزة، وهي خطوة نادرة في تاريخ القضاء الدولي تستهدف زعيم دولة مدعومة من القوى الغربية.
كما أن الولايات المتحدة ودوائر أخرى مارست ضغوطًا مماثلة على المحكمة، بما في ذلك تهديدات بعقوبات واسعة إذا واصلت التحقيقات.
ما الذي يعنيه هذا للمجتمع الدولي؟

تهديدات بقطع التمويل وسحب الدعم عن محكمة دولية مستقلة ليست مجرد حوار دبلوماسي عادي؛ بل ابتزاز سياسي صريح للمؤسسات القضائية الدولية. وهو ما يثير تساؤلات جوهرية حول أولويات الحكومات التي تدّعي الدفاع عن القانون الدولي:
- هل سيُسمح باستقلال القضاء الدولي؟
- أم أن الاعتبارات السياسية والحلفاء ستظل فوق مبدأ المساءلة والمساواة أمام القانون؟
هذا يشكل انتهاكًا للقواعد التي تُبنى عليها المؤسسات الدولية، ويضع بريطانيا في موقف يتناقض مع صورتها التقليدية كدولة داعمة لسيادة القانون الدولي.
المصدر: الغارديان
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇
