العرب في بريطانيا | البطالة بين شباب بريطانيا ترتفع بأسرع وتيرة في ...

1447 جمادى الثانية 23 | 14 ديسمبر 2025

البطالة بين شباب بريطانيا ترتفع بأسرع وتيرة في الاقتصادات الكبرى

البطالة بين شباب بريطانيا ترتفع بأسرع وتيرة في الاقتصادات الكبرى
محمد سعد December 12, 2025

تشهد بريطانيا تدهورًا لافتًا في أوضاع سوق العمل بالنسبة للشباب، في وقت تنجح فيه اقتصادات كبرى أخرى في احتواء المشكلة أو تقليصها. ومع ارتفاع معدلات البطالة بين من هم دون الخامسة والعشرين بوتيرة غير مسبوقة، تتجه الأنظار إلى السياسات الاقتصادية والضريبية التي ساهمت في تعقيد دخول جيل جديد إلى سوق العمل.

قفزة حادة في بطالة الشباب

سجّلت بطالة الشباب في بريطانيا ارتفاعًا هو الأسرع بين دول مجموعة السبع، وفق تقرير جديد صادر عن شركة بي دبليو سي (PwC) .

وارتفعت نسبة البطالة بين من تقل أعمارهم عن 25 عامًا إلى أكثر من 15 في المئة، مقارنة بنحو 11 في المئة قبل ثلاث سنوات فقط، وهو أعلى ارتفاع بين دول مجموعة السبع، التي تضم فرنسا وألمانيا وإيطاليا وكندا واليابان والولايات المتحدة وبريطانيا.

في المقابل، تتراوح معدلات بطالة الشباب في الاقتصادات الكبرى الأخرى بين 4.2 في المئة في اليابان و20.7 في المئة في إيطاليا، إلا أن هذه المعدلات شهدت انخفاضًا خلال السنوات الثلاث الماضية، على عكس المسار البريطاني.

تراجع التوظيف الجامعي وانكماش قطاع التجزئة

البطالة بين شباب بريطانيا ترتفع بأسرع وتيرة في الاقتصادات الكبرى
التوظيف بين خريجي الجامعات يشهد تراجعاً حاداً

أوضح تقرير (PwC) أن التوظيف بين خريجي الجامعات يشهد تراجعًا حادًّا، في وقت ينكمش فيه قطاع التجزئة، ما يحرم الشباب من مسارين تقليديين لدخول سوق العمل.

ويأتي ذلك في ظل ارتفاع مساهمات التأمين الوطني التي يدفعها أصحاب العمل (National Insurance Contributions – NICs)، إلى جانب زيادات متتالية في الحد الأدنى للأجور، وهو ما جعل توظيف العمالة المنخفضة الأجر أكثر تكلفة على الشركات.

جدل سياسي بشأن الضرائب وفرص العمل

أوضح تقرير (PwC) أن التوظيف بين خريجي الجامعات يشهد تراجعًا حادًّا، في وقت ينكمش فيه قطاع التجزئة، ما يحرم الشباب من مسارين تقليديين لدخول سوق العمل.
ريفز تنفي وجود علاقة بين ارتفاع الحزمة الضريبية وتراجع التوظيف

رأت وزيرة الخزانة راشيل ريفز أنه لا صلة بين الحزمة الضريبية التي بلغت 25 مليار باوند وتراجع التوظيف، مؤكدة أن الحكومة “تعيد الناس إلى سوق العمل”.

غير أن بيانات الضرائب تشير إلى انخفاض عدد العاملين بنحو 180 ألف شخص منذ إعلان ريفز زيادة مساهمات التأمين الوطني في أول موازنة لها في تشرين الأول/أكتوبر الماضي.

تراجع الوظائف وازدياد ظاهرة الخروج من سوق العمل

تشير البيانات إلى انخفاض حاد في عدد الوظائف الشاغرة، مع اتجاه الشركات إلى تقليص التوظيف. وفي الوقت نفسه، أدت أزمة صحية متصاعدة إلى خروج أعداد متزايدة من الشباب من سوق العمل بالكامل.

وارتفع عدد غير النشطين اقتصاديًّا من الشباب بنحو الثلث خلال العقدين الماضيين، ليصل إلى ثلاثة ملايين شاب دون الخامسة والعشرين لا يعملون ولا يبحثون عن عمل.

الصحة النفسية عامل متزايد

أكثر من 250 ألف شاب يقولون إنهم غير قادرين على العمل أو البحث عنه بسبب المرض. كما ارتفعت نسبة الشباب الذين أبلغوا عن معاناة من اضطرابات نفسية شائعة من 19 في المئة عام 2019 إلى 26 في المئة العام الماضي.

وبذلك انخفض معدل التوظيف بين الشباب في بريطانيا من 52 في المئة قبل عقد إلى 51 في المئة حاليًّا، في وقت حسّنت فيه دول غنية أخرى أداءها في هذا المؤشر.

مقارنة دولية غير مريحة

بحسَب (PwC)، تتصدر هولندا الأداء بين الدول المتقدمة، حيث يعمل 74 في المئة من الشباب، في حين تأتي أستراليا بنسبة 64 في المئة.

ولو حققت بريطانيا المستوى نفسه الذي حققته أستراليا، لكان هناك 450 ألف شاب إضافي في سوق العمل، وفق التقرير.

تراجع ترتيب بريطانيا دوليًّا

نتيجة لذلك، أصبحت آفاق العمل أمام الشباب في بريطانيا تتدهور بوتيرة أسرع من أي دولة أخرى في مجموعة السبع.

وتراجعت بريطانيا إلى المرتبة الـ27 من أصل 38 دولة في مؤشر (PwC) لتوظيف الشباب ضمن دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، وهو أسوأ ترتيب لها منذ إطلاق المؤشر عام 2006، لتأتي خلف دول مثل المكسيك وفرنسا وإيرلندا.

تكلفة اقتصادية ضخمة

قال جيك فيني، الخبير الاقتصادي في (PwC): إن لهذا الوضع “تداعيات اقتصادية كبيرة”، قد تصل تكلفتها على الدولة إلى نحو 212 مليار باوند سنويًّا.

وأضاف أن “إعلان الحكومة عن تركيزها على حل المشكلة خطوة إيجابية، لكن من دون إجراءات ملموسة قد تتجه الأوضاع إلى الأسوأ”.

وأشار إلى أن استطلاعًا شمل 4,000 بالغ في بريطانيا أظهر أن واحدًا من كل عشرة عمال يفكر بجدية في ترك العمل، مع ارتفاع المخاطر، ولا سيما بين الشباب.

اقتصاد بطيء

توقعت غرف التجارة البريطانية (British Chambers of Commerce – BCC) ارتفاع معدل البطالة العام إلى 5.1 في المئة العام المقبل، في ظل اقتصاد “عالق في سرعة منخفضة”.

كما يُتوقع أن يتباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي من 1.4 في المئة هذا العام إلى 1.2 في المئة عام 2026، مع شبه توقف في نمو الاستثمارات، التي يُتوقع أن ترتفع بنسبة 0.9 في المئة فقط العام المقبل، أي أقل من ثلث وتيرة هذا العام.

وقالت فيكي برايس، رئيسة المجلس الاستشاري الاقتصادي لغرف التجارة البريطانية: إن الموازنة الأخيرة “افتقرت إلى إجراءات النمو التي تحتاجها البلاد بشدة”.

وأضافت أن “ارتفاع نسبة البطالة سيكون سمة أساسية للمشهد الاقتصادي العام المقبل، ما سيضغط على إنفاق المستهلكين، ويزيد العقبات أمام الشركات بمختلف أحجامها”.

رد حكومي

قال متحدث باسم وزارة الخزانة: إن الحكومة “خالفت التوقعات هذا العام”، مشيرًا إلى أن مكتب مسؤولية الموازنة (OBR)، وبنك إنجلترا، وصندوق النقد الدولي، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، إضافة إلى غرف التجارة البريطانية، رفعت جميعًا توقعات النمو.

وأضاف أن الموازنة “عززت مسار النمو عبر استثمارات رأسمالية جديدة بمليارات الباوند، وتسهيل توسع الشركات الناشئة، والحد من التضخم بما يدعم خفض أسعار الفائدة ويعزز ثقة الشركات في الاستثمار”.

ماذا تعني هذه الأرقام لمستقبل الشباب؟

البطالة بين شباب بريطانيا ترتفع بأسرع وتيرة في الاقتصادات الكبرى
تعكس مؤشرات البطالة خللًا هيكليًّا في سوق العمل

تشير منصة العرب في بريطانيا (AUK) إلى أن تسارع بطالة الشباب في بريطانيا يكشف خللًا هيكليًّا في سوق العمل، يتجاوز التقلبات الدورية إلى خيارات اقتصادية أثّرت مباشرة في فرص الدخول الأولى للعمل. ومع استمرار ارتفاع التكلفة على أصحاب العمل وتراجع مسارات التوظيف التقليدية، يواجه جيل كامل خطر البقاء خارج سوق العمل لفترات طويلة، بما يحمله ذلك من آثار اجتماعية واقتصادية بعيدة المدى.

المصدر: التليغراف


اقرأ أيضاً

اترك تعليقا

آخر فيديوهات القناة