أرقام رسمية: البريطانيون يغادرون البلاد بوتيرة غير مسبوقة لهذا السبب
لطالما كانت الهجرة محور النقاش السياسي في بريطانيا، حيث جاء شعار “استعادة السيطرة على حدودنا” في صدارة شعارات حملة بريكست. القوانين الأكثر صرامة، النقاشات حول التأشيرات، ومتطلبات الرواتب، جعلت السيطرة على الحدود قضية يومية. ومع ذلك، بينما يتركز الاهتمام على الوافدين، يظهر اتجاه آخر أقل تداولًا لكنه ملفت: تزايد أعداد المواطنين البريطانيين الذين يختارون بناء حياتهم في الخارج.
تشير بيانات مكتب الإحصاءات الوطنية البريطاني (ONS) إلى هذا الاتجاه بعد تحديث منهجي يسمح برصد أنماط الهجرة طويلة الأمد بشكل أدق. بين عامي 2021 و2024، غادر نحو 992,000 مواطن بريطاني البلاد، وهو رقم أعلى بكثير من التقديرات السابقة نتيجة تحسين أساليب التتبع. أما بين تموز/يوليو 2024 وحزيران/يونيو 2025، فقد غادر 252,000 بريطاني، مسجلين صافي هجرة بلغ 109,000، ما أدى إلى انخفاض عدد سكان بريطانيا.
من يغادر بريطانيا ولماذا؟

يشمل هذا التدفق مجموعات متنوعة. فالشباب المحترفون بين 16 و 34 عامًا يشكلون نسبة كبيرة، حيث هاجر نحو 174,000 منهم خلال الفترة بين نيسان/أبريل 2024 وآذار/مارس 2025، غالبًا بحثًا عن رواتب أفضل، وإسكان ميسور التكلفة، وفرص عمل أكبر. الوجهات المفضلة تشمل أستراليا، الولايات المتحدة، كندا، وبالطبع إسبانيا.
كما لوحظت هجرات عكسية لعائلات حصلت على الجنسية البريطانية خلال حرية التنقل داخل الاتحاد الأوروبي. وتشير بيانات الأمم المتحدة التي تم تحليلها في تقارير إعلامية إلى ارتفاع أعداد حاملي جواز السفر البريطاني في دول مثل بولندا ورومانيا، وغالبًا ما تختار هذه العائلات هذه الدول لتكاليف المعيشة المنخفضة، وفرص العمل الأفضل، وشبكات الأسرة القوية.
هجرة الأثرياء : 16,500 مليونير يغادرون بريطانيا في 2025

أصحاب الثروات العالية أيضًا يغادرون البلاد، متأثرين بإلغاء نظام الضرائب الخاص بالغير مقيمين (non-dom) في 2025، والذي أصبح يفرض ضرائب على الدخل والإرث عالميًا على المقيمين طويل الأمد. ويُظهر تقرير Henley Private Wealth Migration لعام 2025 خسارة صافية متوقعة تصل إلى 16,500 مليونير من بريطانيا هذا العام، وهو الأعلى عالميًا. ومن الأمثلة البارزة الملياردير الصناعي لاكشمي ميتال، الذي غيّر مقر إقامته بسبب مخاوف من ضرائب الإرث.
أعرب وزير الأعمال البريطاني بيتر كايل عن قلقه، قائلًا: “أشعر بالقلق كلما شعر شخص بأنه مضطر لمغادرة بريطانيا ليتمكن من النجاح”.
رغم أن هذا التوجه لا يشكل هجرة جماعية طارئة كما يصور البعض، إلا أن اتجاه مغادرة البريطانيين نحو الخارج يظل في تصاعد مستمر، لا سيما بين الشباب الباحثين عن فرص أفضل.
تشير الإحصاءات إلى تغير التوازن بين المهاجرين الداخلين والخارجين، مع ارتفاع أعداد المغادرين مقارنة بالواصلين. ومع سعي الحكومة البريطانية الحالية لتعزيز الروابط مع الاتحاد الأوروبي في حرية التنقل، يبقى السؤال: هل سيتحول هذا الاتجاه إلى موجة هجرة واسعة؟ سيعتمد ذلك على القرارات النهائية التي ستتخذها بروكسل.
المصدر : Euro Weekly
إقرأ أيضًا :
الرابط المختصر هنا ⬇
