العرب في بريطانيا | علمتني العاصفة - العرب في بريطانيا - AUK

1445 رمضان 19 | 29 مارس 2024

علمتني العاصفة

علمتني العاصفة بقلم عدنان جميدان
عدنان حميدان February 19, 2022

ساعات معدودة ضربت خلالها العاصفة مناطق متفرقة في بريطانيا ولا سيما لندن، بسرعة رياح تجاوزت 100 ميل في الساعة أحيانا، فأطاحت بالناس في بعض الشوارع واجتثت أشجارا معمرة وحالت دون هبوط طائرات عملاقة بسلام، بل و جعلت الطيور تواجه صعوبات في الطيران، وحلت معها في السماء حاويات قمامة و مخلفات بناء وغيرها من تلك التي عصفت بها الرياح.

 

لم تحل البنية التحتية القوية في بلاد الإنجليز دون سقوط أربع ضحايا و انقطاع التيار الكهربائي عن 200 ألف منزل والاضطرار لوقف حركة النقل وإغلاق الحدائق والمدارس في عدة مناطق، ناهيك عن تعطل وتأخير رحلات الطيران.

 

 

دروس في عين العاصفة 

 

علمتني العاصفة بقلم عدنان جميدان
(أنسبلاش)

علمتني هده العاصفة أن أقصى ما وصل إليه التقدم العلمي في زماننا هو توقع حدوث الكارثة، ولكن لا يمكنه بحال منعها ولا تقدير حجم الأضرار التي يمكن أن تنجم عنها ولا حتى إقناع حاوية نفايات أن مكانها الطبيعي هو على الأرض وليس في الجو.

 

علمتني العاصفة أن البيت الحديث يعود للعصور الحجرية الأولى إذا انقطعت عنه الكهرباء!! فلا طهي ولا تدفئة ولا إنارة ولا شحن سيارة ولا غسيل، حتى لو كنت بحاجة ماسة لأي شيء من ذلك ،بل و الأشد نكاية أن أغلب البيوت لا تتوفر فيها البدائل حال انقطاع التيار الكهربائي.

 

علمتني العاصفة أن راحة البال نعمة لا يمكن شراؤها بكل كنوز الدنيا، وقد شعرت بالتوتر الذي عاشه من كانوا عالقين في المطارات أو غمرت مركباتهم المياه أو قطعت طريقهم الأشجار إن لم تكن قد سقطت عليهم.

 

علمتني العاصفة بقلم عدنان جميدان
(أنسبلاش)

علمتني العاصفة أن امتلاك منزل بسقف وجدران ومفتاح نعمة لا يعرفها إلا من فقدها، وأنا أرى جيرانا لي قد استيقظوا على مطبخهم بلا سقف و حديقتهم بلا أسوار بعد أن عصفت بها الرياح.
علمتني العاصفة أن اجتماع العائلة على مائدة واحدة، وسعادتها بالدفء العائلي، نعمة لا تُقدر بثمن! يكفي أن ترى من تحب بخير وسلام الى جانبك، حتى لو كانت الدنيا تموج بالرعب من حولك.

 

علمتني العاصفة إن الإنسان ضعيف فقير إلى رحمة الله، مهما وصل به الغرور والعجب بالذات و التباهي بما حققه من ابتكارات ومخترعات ، فرأس ماله رياح عاتية لا تبقي شيئا من ذلك في مكانه.

 

علمتني العاصفة أن الشعور بمن يعانون من حولنا هو خير معين للصبر على تحديات هذه الحياة وهمومها، وأن المرء مهما ظن أن معاناته كبيرة فهناك بلا شك من يعاني أكثر، وتمر بهم ظروف مأساوية أشد بؤسا مما هو عليه، فليحمد الله على ما هو فيه رغم ما يعانيه، فكثيرون يتمنون لو أن حالهم مثله.

 

علمتني العاصفة
 (أنسبلاش)

علمتني العاصفة أن الأوقات الصعبة تكشف معادن الأشخاص الذين يهتمون بك ويسألون عنك ويتفقدون حالك ويهمهم ما يهمك و يؤذيهم ما يؤذيك، فشكرا لكل من سأل عنا وتفقد حالنا، والعذر كل العذر لمن لم يفعل، فبعضهم لا يعلم والآخر كان الأمر في باله، ولكن ظروف الحياة ازدحمت عليه، والآخر هو أصلا في هم أكبر وينتظر من يهتم بشأنه.

 

علمتني العاصفة بالمقابل ألا انتظر اهتمام أحد ويكفيني أن يكون معي الواحد الأحد، فهو وحده برضاه ورحمته يؤنسني و يسعدني ويعوضني عن كل ما سواه، فالناس قد ينشغلون عنا ولكن رب الناس  لا ينسانا أبدًا وهو معنا أينما كنا، مهما بلغ تقصيرنا بحقه جل في علاه.

 

علمتني العاصفة أن أعيد ترتيب اولوياتي في هذه الحياة وأفكر جيدا بما حولي فكل ما أنفق عليه وقتي ومالي وعمري قد تذروه الرياح فيغدو قاعا صفصفا ولا يبقى لي إلا ما ادخرته بين يدي ربي لآخرتي.

 

إلى متى؟

 

علمتني العاصفة
(أنسبلاش)

السؤال: لماذا نحتاج في كل مرة لعاصفة توقظنا من غفلتنا ؟ وما معنى ذلك الصحو المؤقت ثم العودة لما كنا عليه ، مجرد أن تشرق الشمس ويصفو الجو ويذهب الخطر؟

وماذا يمكن أن نفعل لو داهمتنا تلك اللحظة التي تفارق بها الروح الجسد ولا مجال بعدها للعودة، ماذا يمكننا أن نفعل في حينه؟ وهل نحن جاهزون لذلك؟

 

سؤال لا يملك أحد غيرنا الإجابة عن حالنا فيه، نسأل الله السلامة للجميع وأن يجنبنا وإياكم مواطن الزلل والتقصير.

 

 

اقرأ أيضًا: 

10 حقائق حول اسم محمّد الأكثر شعبيّة في عدة دول غربية

بريطانيا تحذف صورة قبة الصخرة من غلاف اتفاقية التجارة مع إسرائيل

عاصفة يونيس: شاحنات تنقلب.. الآلاف دون كهرباء وإغلاق المدارس