لماذا تشعر بالسعادة عند التسوق عبر الإنترنت؟
يُعَد التسوق عبر الإنترنت أكثر من مجرد هواية، ويمارسه بعض الناس بوصفه رياضة شبه يومية، حيث يتصفحون مراكز التسوق العالمية الأكثر إثارة عبر الإنترنت.
ويستمتع المتسوقون عبر الإنترنت بالبحث عن التخفيضات وأفضل العروض، في ظل حماسهم الدائم وسعيهم لإيجاد أكثر العروض تنافسية على الإنترنت.
وفي هذا السياق قالت كوكوران هاريل من لوس أنجلوس: إنها تستمتع بزيارة عشرات المتاجر عبر الإنترنت في وقت واحد، حيث يمكنها مقارنة أسعار المنتجات قبل شرائها، كما أنها تستفيد من خاصية التوصيل دون الحاجة إلى الخروج من المنزل.
وأشارت هاريل إلى أن التسوق عبر الإنترنت أصبح بمثابة إدمان، وأن اعتياد التسوق الإلكتروني سيسبب ضررًا كبيرًا للمحال التجارية التقليدية.
وبهذا الصدد يشرح علماء النفس أسباب السعادة التي يشعر بها المتسوقون عبر الإنترنت، وينصحون المتسوقين بضرورة ضبط النفس وعدم المبالغة والإسراف في شراء المنتجات عبر الإنترنت.
ازدياد التسوق عبر الإنترنت بعد انتشار كورونا
إن فكرة التسوق الإلكتروني ليست جديدة على الإطلاق، فقد أطلقت أمازون منصتها الإلكترونية لبيع الكتب عبر الإنترنت في عام 1995 -أي قبل نحو ثلاثة عقود-، وتشير التقارير اليوم إلى أن زوار أمازون يشترون نحو 7400 منتج في الدقيقة من المنصة الأمريكية.
يُذكَر أن وباء كورونا أسهم في تغيير العادات الشرائية للمستهلكين، بحيث أصبحوا أكثر اعتمادًا على التسوق عبر الإنترنت لشراء الضروريات الأساسية مثل ورق الحمامات.
وبحسَب الاستطلاع السنوي للمبيعات، فقد زادت المبيعات عبر الإنترنت بنحو 224 مليار دولار، أي نحو 43 في المئة منذ عام 2020، وارتفعت من 571 مليار دولار عام 2019 إلى 815 مليار دولار عام 2020.
ولعل أبرز أسباب هذه الزيادة هو تجنب المستهلكين زيارة أماكن البيع المغلقة، لكن الخبراء يؤكدون أن الأمر قد يكون متعلقًا بقدرة التسوق على تهدئة قلق المستهلكين وزيادة مستوى الرضا عندهم.
ولطالما أكدت الأبحاث أن شراء المنتجات يعزز السعادة عند الإنسان، وقد يؤدي دور المهدِّئات والعلاجات النفسية.
وتشير دراسة نُشِرت في مجلة علم نفس المستهلك عام 2014 إلى أن التسوق وشراء المنتجات يساعد الناس على الشعور بالسعادة الفورية ويمنع استمرار الحزن.
ويرى مؤلفو الدراسة أن سبب ذلك هو إحساس المتسوقين بالقدرة على التحكم واتخاذ القرارات باستقلالية تامة.
ووجدت دراسة أخرى نُشِرت عام 2011، أن التسوق يعود بتأثير إيجابي على الحالة المزاجية، كما أن عملية شراء المنتجات لا تخلق أي نوع من مشاعر الندم والذنب.
وقال جورجي بارازا الأستاذ المساعد في برنامج علم النفس التطبيقي بجامعة جنوب كاليفورنيا: “إن عواطف المستهلكين هي ما تدفعهم إلى التسوق بالدرجة الأولى”.
وأضاف: “عندما يشعر الناس بالحزن أو التوتر فإنهم في الغالب ينخرطون في أنشطة مثل التسوق”.
وأشار إلى أن البهجة التي يثيرها ارتداء فستان جديد أو شراء جهاز كهربائي جديد لن تدوم طويلًا، وبخاصة إذا أسرف المشتري في إهدار الأموال”.
وقال أيضًا: “رغم ذلك يساعد التسوق في تحسين الحالة المزاجية مؤقتًا، ولا سيما إذا كان المشتري ينفق معظم أمواله على شراء المنتجات، وقد لا يدوم هذا الشعور، إلا أنه يمنح إحساسًا بالسيطرة، ويقلل تبعات الحزن الذي يعاني منه بعض الناس”.
لماذا يشعر الناس بسعادة غامرة بعد التسوق الإلكتروني؟
يُعَد التسوق الإلكتروني أكثر متعة من التسوق التقليدي من عدة نواحٍ، ويقول جوشوا كلابو عالم النفس وأستاذ الصحة العامة بجامعة ألاباما: “إن التسوق الإلكتروني فعال جدًّا من الناحية النفسية”.
كما أن تجربة التسوق الإلكتروني أكثر إرضاءً للمتسوقين من التسوق التقليدي؛ نظرًا إلى عدم الاضطرار للتعاطي مع الباعة، كما أنه لا يوجد ما يعرقل عملية التسوق، ويقدم للمتسوقين عبر الإنترنت العديد من الخيارات، ولديه قدرة أكبر على تحديد ما يرغبون بشرائه، وخلاصة القول إن التسوق الإلكتروني مصمم على وجه الخصوص لإرضاء المتسوق”.
ويؤكد كلابو أن جزء من جاذبية التسوق عبر الإنترنت يعود للشعور بالراحة وعدم التقيد بالوقت، حيث يمكن قضاء كثير من الوقت في التسوق عبر الإنترنت أو شراء الحاجات بسرعة”.
“في حين يتعين علينا المشي أو قيادة السيارة وزيارة المحال التجارية، والانتقال من سوق إلى آخر عند التسوق بشكل التقليدي”.
“وحتى عند شراء المنتجات بخاصية الدفع الإلكتروني، فلا بد من بذل بعض الجهد، مثل تمرير بطاقة الائتمان على جهاز الدفع أو الاتصال الهاتفي”.
وبعد العودة إلى المنزل يبدأ المتسوقون بالتفكير في أن أسعار المنتجات التي اشتروها كانت أعلى بكثير مما يجب أن تكون عليه!
كما أن التسوق الإلكتروني يُسهِّل على المتسوقين تحديد ما يريدون شراءه بدقة عالية.
وأضاف كلابو: “قد لا أجد القميص الذي أبحث عنه بالحجم نفسه واللون المرغوب به عند البحث في السوق التقليدية، لكن احتمال العثور عليه في السوق الإلكترونية أعلى بكثير”.
إن التسوق الإلكتروني يُشبِع رغبتنا في العثور على ما نبحث عنه بشكل فوري، بحسَب الدراسة التي أجراها جوزيف كابل الباحث في علم الأعصاب الإدراكي في جامعة بنسلفانيا.
وأضاف كابل: “إن إشباع الحاجات بشكل فوري هو أمر مشترك بين البشر وكثير من الحيوانات، إذ يميل البشر وبعض أنواع الحيوانات المتطورة إلى اختبار النتائج المتاحة الآن بدلًا من إمكانية الحصول عليها في المستقبل”.
“وهذا يعني أننا نُفضِّل الحصول على الأشياء الجيدة في أسرع وقت ممكن، وتأجيل الأشياء السيئة قدر الإمكان”.
ويضيف كلابو: إن التسوق عبر الإنترنت يحقق للمتسوقين نوعًا من الإشباع المتأخر، وهو انتظار وصول المنتج بعد طلبه، ويشير كلابو إلى أن ذلك يشبه انتظار هدية عيد الميلاد.
وهو ما تؤكده تجربة كوكوران هاريل في التسوق الإلكتروني، التي تنتظر وصول المنتج بفارغ الصبر بعد شرائه عبر الإنترنت.
وقالت هاريل: “أشعر بحماس شديد قبل أن ألقي النظرة الأولى على المنتج الجديد وتجربته، ويمكنني كذلك إعادة المنتجات التي لا تعجبني إلى المتجر”.
اضطراب الشراء القهري!
يُعرِّف الباحثون الشراء القهري بأنه الانشغال بالشراء والتسوق بشكل شبه دائم، أو الإلحاح الشديد على شراء المنتجات التي جُربت من قبل وثبت عدم جودتها أو فعاليتها”.
وفي هذا الشأن يقول العلماء: لا يمكن الحكم على تجربة جميع المتسوقين عبر الإنترنت، فقد لا يُشكِّل هذا النوع من التسوق مشكلة بالنسبة إلى الجميع، لكن من الضروري أن يتساءل المتسوق عما إذا كانت مشترياته غير ضرورية.
هذا ولم يُدرَج اضطراب الشراء القهري أو إدمان التسوق ضمن دليل الاضطرابات العقلية.
ومع ذلك فقد أشار أحد الأطباء النفسيين إلى هذه المشكلة منذ أكثر من قرن، وهو الطبيب الألماني إميل كريبلين الذي أطلق على اضطراب الشراء القهري اسم الهَوَس.
وورد في مقال (Advances in Psychiatric Treatment) الصادر عام 2012، أن العلماء ما زالوا يتساءلون عما إذا كان إدمان التسوق مرضًا نفسيًّا، أو نشاطًا ترفيهيًّا يمارسه بعض الناس للتحكم في عواطفهم والتعبير عن هويتهم.
وتحدث الباحثون في دراسة صدرت عام 2014 عن بعض العوامل السلوكية التي قد تُسهِم في تطور حالة إدمان التسوق الإلكتروني لدى المستخدمين، ومن أبرز هذه العوامل: عدم احترام الذات، وعدم ضبط النفس، والحالة العاطفية السلبية، والميل إلى إخفاء الهُوية، والتعرض للرسومات عبر مواقع الإنترنت.
وركزت دراسة نُشِرت عام 2017 على إيجاد مقياس؛ لمعرفة درجة إدمان التسوق الإلكتروني، وبحسَب مؤلفي الدراسة فلا بد من اجتماع بعض السلوكيات لتصنيف التسوق الإلكتروني على أنه إدمان، ومنها: تعديل المزاج ومنح الأولوية للتسوق والدخول في خلافات مع بقية أفراد الأسرة من أجل الاستمرار في شراء المنتجات، والعودة للتسوق مرة أخرى بعد محاولة التوقف.
ويشير الخبير النفسي كلابو إلى أنه يمكن للشخص طلب المساعدة النفسية إذا كان يعاني أحد هذه الأعراض.
ولا بد من إيلاء مزيد من الاهتمام لمشكلة إدمان التسوق والإسراف في إنفاق الأموال، حيث بلغ التضخم أعلى مستوياته في بريطانيا، ويوصي الخبير النفسي كلابو بتحديد المنتج الذي يحتاج إليه المتسوق، لكنه يشير إلى ضرورة تجنب إطلاق العنان لرغبات المتسوقين.
ويقدم كلابو النصائح الآتية لتجنب إهدار مزيد من النقود عند التسوق الإلكتروني:
مراجعة جميع المنتجات التي اختارها المتسوقون قبل دفع ثمنها، ولا بد من التساؤل عما إذا كان المستهلكون بحاجة إلى هذه المنتجات فعلًا أم أنهم يشترونها لمجرد فكرة الشراء.
وأشار كلوبو إلى أنه بمجرد التساؤل عن عدد المنتجات التي يحتاج إليها المتسوقون فعلًا، فسيُصدمون بالعدد الكبير للمنتجات الأخرى التي اختاروا شراءها رغم عدم الحاجة إليها.
وينصح كلوبو المتسوقين بكتابة ميزانيتهم على المذكِّرة في الحاسوب بحيث يمكنهم مراجعتها قبل الضغط على خيار الشراء.
وأخيرًا ينصح كلوبو بعدم تسجيل بيانات بطاقة الائتمان على الإنترنت؛ لأن ذلك سيُسهِّل عملية الشراء والتسوق الإلكتروني، ويؤكد كلوبو أن تخزين تفاصيل بطاقة الائتمان على الحاسوب سيدفع المتسوقين لشراء المنتجات بسرعة وبسهولة، في حين ستمنح عملية إدخال بيانات بطاقة الائتمان وقتًا إضافيًّا للمتسوقين لإعادة النظر في مشترياتهم.
اقرأ أيضاً :
5 نصائح مهمة عند التسوق في البوكسينغ داي في بريطانيا
متاجر بريمارك الشهيرة تبدأ ببيع منتجاتها عبر الإنترنت لأول مرة
10 طرق ذكية للتحكم بدخلك وخفض الإنفاق غير الضروري
الرابط المختصر هنا ⬇
أخبار ذات صلة
9°C