فاطمة كيتس.. المرأة المنسية التي ساعدت بانتشار الإسلام في بريطانيا
وُلِدت فرانسيس إليزابيث موراي عام 1865 عند أسرة مسيحية من مدينة ليفربول، ولم يتخيل كثيرون أنها ستصبح من أوائل النساء اللاتي يعتنقن الإسلام في بريطانيا باسم فاطمة كيتس، وقد أسهمت لاحقًا في إنشاء أول مسجد في بريطانيا.
وعلى الرغم من الدور المهم الذي أدته فاطمة كيتس في دعم المجتمع، فقد كادت تُنسى بعد وفاتها.
وظل قبرها منسيًّا في مقبرة أنفيلد، حتى أسس حميد محمود مدرسة دينية سُميت باسمها.
وقال محمود: إنه أطلق اسم فاطمة كيتس على المدرسة التي بناها للإشادة بشجاعة فاطمة، وتسليط الضوء على أهمية تأثير المرأة في حياة الرجل.
وأضاف محمود: “لقد رفضت فاطمة كيتس الإذعان إلى مجتمعها ودافعت عن معتقداتها”.
نشأة فاطمة كيتس ودورها في انتشار الإسلام في بريطانيا
بدأت فاطمة كيتس مشاركة أفكارها المؤيدة للإسلام في سن صغيرة نسبيًّا، وكانت لا تزال تُعرف باسم فرانسيس.
وقال الأستاذ رون جيفز الباحث في تاريخ المجتمع المسلم في بريطانيا: إن فاطمة كيتس وُلِدت في مدينة ليفربول التي كانت أكثر موانئ بريطانيا ازدحامًا في ذلك الوقت، وفي الوقت الذي كان ينعم فيه بعض سكان المدينة بثراء فاحش عانى كثيرون من الفقر.
وأضاف: “كان شرب الكحول وتعاطي المواد المخدرة منتشرًا على نطاق واسع في تلك الفترة، وقد خاب أمل بعض السكان من الكنيسة”.
وتابع قائلًا: “جذبت الديانات الإبراهيمية اهتمام بعض الناس، ولعل أحد أسباب ذلك هو تحريمها لشرب الكحول، وكانت فرانسيس من ضمن أولئك الذين انجذبوا للديانة الإسلامية بسن التاسعة عشرة، وكانت الأمينة العامة لجمعية حظر الكحول في بيركينهيد.
وقد التقت بعد ذلك عبد الله كويليام، وهو محامٍ بريطاني اعتنق الإسلام بعد زيارة المغرب.
وقال البروفيسور جيفز: إن المحامي عبد الله قد واجه العديد من حالات الطلاق والانفصال الأسري، وكان يعرف تمامًا مدى تأثير الكحول على المجتمع”.
وكانت فاطمة كيتس التي عُرِفت باسم فرانسيس في ذلك الوقت تشك في دينها، وقد سمعت المحامي عبد الله يتحدث عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم بروايات تناقض تلك التي تتحدث عن النبي بسلبية.
وطرحت فرانسيس على المحامي عبد الله بعض الأسئلة عن الإسلام، ورد المحامي على فاطمة بأن أعطاها نسخة مترجمة من القرآن الكريم، وقال لها: “لا تُصدِّقي ما أقول وما يقوله الآخرون عن الإسلام، من الأفضل أن تقرَئي القرآن بنفسك”.
وعلى الرغم من رجحان عقلها وقبولها للآراء الأخرى، فإنها واجهت مشكلات في المنزل، حيث حاولت والدتها مصادرة نسخة القرآن التي حصلت عليها فاطمة.
وقالت فاطمة: “لقد لجأت إلى غرفتي وأقفلت الباب وواصلت قراءة القرآن، الذي اكتشفت فيما بعد أنه أفضل الكتب على الإطلاق”.
فاطمة كيتس واجهت الإسلاموفوبيا
وبعد فترة وجيزة من قراءة القرآن اعتنقت فرانسيس الإسلام، واختارت اسم فاطمة (تيمنًا بإحدى بنات النبي محمد صلى الله عليه سلم)، وتولت منصب أمانة الصندوق لجماعة من معتنقي الإسلام يرأسها عبد الله. وقد تعرضت فاطمة للإساءة أثناء حضورها الاجتماعات في منزل ضمن شارع ماونت فيرنون إلى جانب معتنقي الإسلام، وكان المجتمع المحيط ينظر إلى معتنقي الإسلام بريبة. (redzer.tv)
وذكر المحامي عبد الله أن منزل فاطمة تعرض للاعتداء، فقد تكسرت نوافذ المنزل مرارًا وتكررًا بعد رميها بالحجارة، وكان بعض المسيئين يرمون روث الخيول على فاطمة!
وسرعان ما انتقل معتنقو الإسلام إلى بناء جديد في منطقة جورجي في بروجهام تراس أواخر عام 1887، حيث نشأ أول مسجد في إنجلترا.
وأشارت فاطمة إلى أن والدتها لم ترحب باعتناقها الإسلام، وكانت تنظر إليها بسخرية وتهكم، لكن زوجها واثنتين من شقيقاتها اعتنقوا الإسلام أيضًا.
ورغم ذلك لم يكن زواج فاطمة سعيدًا، فقد تقدمت بطلب الطلاق عام 1891، وهي خطوة اتخذها عدد قليل جدًّا من النساء في ذلك الوقت.
وأشارت فاطمة إلى أن زوجها لم يفِ بالتزاماته، وكان يُسيء إليها.
وماحدث بعد ذلك كان موضع جدل كبير بين الأكاديميين، حيث يعتقد بعض المؤرخين أنها أصبحت الزوجة الثالثة لعبد الله لأن الشريعة الإسلامية تسمح بالزواج من أربع نسوة في وقت واحد بشروط معينة.
وقال البروفيسور جيفز: “إن المحامي عبد الله تحدث علنًا في عدة مناسبات عن تعدد الزوجات”.
وفي عام 1896 أنجبت فاطمة طفلًا، لكنه توفي بعد أربع سنوات بالتهاب رئوي، وعهدت لعبد الله بالوصاية على الصبي.
وتابع البروفيسور جيفز: إن هناك بعض الدلالات على أن عبد الله كان والد الصبي، وهناك ما يدعم صحة هذه النظرية في ذلك الوقت.
وأشار إلى أن “قصة فاطمة تنطوي على شقين، الأول: هو قصتها الشخصية واعتناقها الإسلام ومواجهة الظروف الأسرية التي عارضتها، والثاني: هو أنها أول امرأة بريطانيا تعتنق الإسلام”.
مسلمو بريطانيا يخلّدون ذكرى فاطمة كيتس
وأضاف البروفيسور: “إن اهتمام الجيل الجديد من المسلمين البريطانيين بقصة فاطمة هو ما حافظ على ذكرها، إذ كان ممكنًا أن يظل اسمها في طي النسيان”.
وقال حميد الذي أطلق على مدرسته اسم فاطمة إليزابيث تخليدًا لذكراها: إن اسم فاطمة إليزابيث يمثل مزيجًا مثيرًا للاهتمام بالتقاليد الإسلامية والبريطانية.
وأبدى حميد إعجابه بتصميم فاطمة، وتمسكها بأفكارها رغم كل الظروف التي واجهتها.
وقال: “لقد كانت تناضل طول حياتها، وقد انضمت إلى الحملات المناهضة لشرب الكحول في سن المراهقة، ثم عانت خلال مرحلة الزواج، وطلبت الطلاق في العصر الفيكتوري الذي لم يتجرأ فيه العديد من النساء على طلب الطلاق”.
وأضاف: “لم يهزمها شيء في حياتها سوى الموت!”.
وقد تمكن حميد من إيجاد قبر فاطمة، ووضعت السيدة أميرة سكارسبريك شاخصة جديدة على قبر فاطمة.
وقالت أميرة: “أنا اعتنقت الإسلام قبل 21 عامًا، وبلا ريب فنحن نواجه العديد من التحديات عند اعتناق الإسلام. إن العديد ممن اعتنقوا الإسلام يعرفون ما عانته فاطمة مع الإسلاموفوبيا، ولا بد أن تكريم مثل هذه الشخصيات وجعلها قدوة للآخرين هو أمر في غاية الأهمية”.
وأشارت أميرة إلى أن دور فاطمة في رئاسة أمانة الصندوق الخاص بمجموعة من المسلمين البريطانيين كان مهمًّا للغاية؛ لأن النساء اليوم لا يستطعن العمل في مجالس إدارة المساجد، فما بالك بالعمل في أمانة الصندوق؟!
هذا وقالت أميرة: “إن عدم السماح للمرأة بالعمل في مواقع معينة يُعَد إساءة للمجتمع بأسره؛ لأن المرأة تمتلك منظورًا فريدًا للغاية، ولا بد أن يأخذه الرجال على محمل الجد، وكانت فاطمة خير مثال على ذلك”.
اقرأ أيضاً :
الوجوه المتعددة لممارسة كراهية الإسلام في بريطانيا
قناة الإسلام في بريطانيا تحتفل بجمعها 200 مليون جنيه للمؤسسات الخيرية في رمضان 2022
المجلس الإسلامي في بريطانيا يحتفي بارتفاع نسبة المسلمين في إنجلترا وويلز
الرابط المختصر هنا ⬇