هل ستتسبّب موجة الحر الأخيرة باجتياح ثقافة “المكيّفات” للسّوق البريطاني؟
تجاوزت درجات الحرارة في المملكة المتحدة أرقامًا قياسية يوم الثلاثاء 19 تموز/ يوليو، حيث وصلت إلى (40.3 درجة مئوية) بسبب موجة الحر الأخيرة. وتسبب الطقس غير المسبوق في اضطرابات كبيرة في بلد صُمِّمت بنيته التحتية لمناخ معتدل ورطب.
يُذكَر في هذا السياق أن أقل من 5 في المئة من المنازل في المملكة المتحدة يوجد فيها أجهزة التكييف “المكيّفات”. على النقيض من ذلك تبلغ نسبة وجود مكيفات الهواء داخل المنازل في الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من 90 في المئة!
هناك عدة أسباب وراء امتلاك قليل من البريطانيين لمكيفات الهواء، وأكثر هذه الأسباب وضوحًا هو الطقس المعتدل نسبيًّا في البلاد. إذ يتراوح متوسط درجات الحرارة في الصيف بين 13 درجة مئوية و24 درجة مئوية، ويمكن أن يستمر الشتاء خمسة أشهر.
ومن ثَمّ صُمِّمت البنية التحتية البريطانية بتركيز أكبر على التدفئة نظرًا إلى درجات الحرارة المنخفضة. ولكن لأن أزمة المناخ تجعل موجات الحرارة أطول وأكثر تواترًا، فإن الحاجة إلى التركيز على التبريد أصبح أكثر وضوحًا من أي وقت مضى.
وبهذا الصدد يذكر سميث مورداك مدير الاستدامة في شركة الاستشارات الهندسية بورو هابولد اختلافًا أساسيًّا آخر بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة، وهو طبيعة مخزون الإسكان في البلدين.
فوفقًا لأرقام حكومة المملكة المتحدة يعود تاريخ منزل واحد من كل ستة منازل في إنجلترا إلى ما قبل عام 1900، في حين بُني 46 في المئة بين عامي 1930 و1982. “لم تكن تقنية [تكييف الهواء] متاحة أو منتشرة في ذلك الوقت”، كما يقول مورداك، لذا فإن معظم المنازل لم تُبنَ لاستيعابها. في حين يبلغ متوسط عمر المنازل في الولايات المتحدة نحو 40 عامًا، وأصبح تكييف الهواء معيارًا للعقارات الجديدة من أواخر الستينيات فصاعدًا.
ومع أن المنازل القديمة يمكن تعديلها بإضافة وحدات تكييف الهواء، فإن العديد منها مبني بالطوب وليس فيها تجاويف هوائية أو هي صغيرة جدًّا. وهذا يجعل تركيب مكيفات الهواء أكثر صعوبة وأكثر تكلفة، لا سيما عند وجود الماء الساخن والأنظمة الكهربائية الموجودة سلفًا في الطريق.
بريطانيا تتعطل بسبب موجة الحر الأخيرة
ومع أن من النادر وجود مكيفات هواء في منازل المملكة المتحدة، فإنها أكثر شيوعًا في أماكن العمل. ومن الصعب تحديد مدى انتشار مكيفات الهواء في المكاتب، ولكن دراسة في عام 2012 أجرتها مؤسسة أبحاث البناء قدَّرت أن 65 في المئة من المساحات المكتبية و30 في المئة من المساحات المشتركة في المملكة المتحدة يوجد فيها مكيفات هواء. وتميل المكاتب مؤخرًا لاعتماد بناء يستوعب مكيفات الهواء على عكس المنازل، كما أن الشركات تمتلك أموالًا أكثر لإنفاقها على تعديل المباني القديمة.
لكن التحول إلى العمل عن بعد وتعطيل وسائل النقل العام بسبب موجة الحر الأخيرة يعني أن العديد من الموظفين البريطانيين اضطروا إلى العمل في منازلهم يومي الاثنين والثلاثاء من دون مكيفات.
وعلى الرغم من الارتفاع الدوري في مبيعات وحدات تكييف الهواء، يتوقع هاملتون أنها ستنتشر على نطاق واسع في المملكة المتحدة فقط عندما تصبح موجات الحر الصيفية أكثر تواترًا وتستمر لفترة أطول. لكن تغير المناخ يدفع العالم في هذا الاتجاه؛ فقد أظهرت دراسة حديثة أن أوروبا هي نقطة ساخنة، حيث تزداد درجات الحرارة القصوى بمعدل ثلاث أو أربع مرات أسرع من المناطق الواقعة على خطوط عرض مماثلة.
وفي النهاية يقول الخبراء لـ (TIME): إن مزيدًا من وحدات تكييف الهواء في المملكة المتحدة ليس هو الحل للحرارة الشديدة. إذ تضخ أنظمة تكييف الهواء انبعاثات الكربون التي تساهم في تغير المناخ، في حين يتطلب إنتاج وحدات جديدة استخراجًا للمعادن النادرة، وهذا يضر بالبيئة ضررًا بالغًا. لذا يجب على حكومة المملكة المتحدة إعادة تشكيل المباني والمدن لتعزيز طرق التبريد “السلبية” -العزل والتظليل وزراعة الأشجار- بدلًا من أنظمة التبريد التي تستهلك كثيرًا من الطاقة.
اقرأ أيضا
مساجد و كنائس إنجلترا تفتح أبوابها للهاربين من موجة الحر الأخيرة في بريطانيا
الرابط المختصر هنا ⬇
18°C
