لماذا ترتفع فواتير المياه في بعض مناطق بريطانيا أكثر من غيرها؟

شهدت المملكة المتحدة أزمة حادّة في ما يتعلق بارتفاع تكلفة فواتير الطاقة، ولاحظ بعض سكان المملكة زيادة في فواتير المياه أيضًا، فما السبب وراء ذلك؟
ماهي شركات المياه التي رفعت أسعار خدماتها؟

وشهدت كل من شركتي مياه “Northumbrian” و”Severn Trent” أكبر ارتفاع في أسعار الخدمات بزيادة بلغت (10.8 في المئة) و(7.1 في المئة) على التوالي، من بين 11 شركة أخرى تُقدِّم خدمات المياه والصرف الصحي في كل من إنجلترا وويلز.
وفي المقابل لاحظ بعض السكان انخفاض قيمة فواتير المياه في شركات أخرى.
كيف تصرّف مواطنو المملكة المتحدة بعد ارتفاع فواتير المياه؟

قال أحد مشتركي شركة مياه “Severn Trent” في “Nottingham”: إن ارتفاع فواتير المياه غير عادل، وهو ثاني أكبر ارتفاع في فواتير المياه في تاريخ المملكة المتحدة.
وأضاف قائلًا: “تستمر تكاليف المعيشة في الارتفاع، ويبدو أن الفواتير ترتفع أيضًا إلى جانب أسعار التأمينات”.
“سيعاني الناس من أجل تدفئة منازلهم. لقد أصبح الأمر مُزعجًا للغاية”.
وانتقد بعض النواب البرلمانيين البريطانيين ارتفاع أسعار خدمات المياه؛ حيث قال النائب عن منطقة “Ashfield” لي أندرسون: “أنا أتفهّم أننا نشهد ارتفاعًا في كافة تكاليف المعيشة، ولكن الغريب أن نسبة الزيادة وصلت إلى 7 في المئة، في حينٍ وصلت فيه هذه الزيادة في مناطق أخرى إلى 3 أو 4 في المئة. إذن فالأمر بحاجة إلى مراجعة”.
ما سبب ارتفاع أسعار فواتير المياه؟

يُعَدّ التضخم سببًا أساسيًّا في ارتفاع أسعار فواتير المياه بحسب دائرة خدمات المياه في بريطانيا.
ورفعت معظم شركات المياه أسعار الفواتير بما يتناسب مع التضخُّم الحاصل في المملكة المتحدة، وهذا ما سبّب ارتفاعًا ملحوظًا في قيمة فواتير المياه.
ولكن بعض الشركات فرضت زيادة إضافية في أسعار الفواتير.
وتقدّم شركات المياه خدماتها في دورات تمتد لخمس سنوات، وتستمر آخرها حتى 2025، وتمنح دائرة خدمات المياه البريطانية الموافقة على نوعية وأسعار الخدمات المقدَّمة من شركات المياه.
ووافقت هيئة المنافسة والتسويق على الخدمات التي تقدِّمها شركات المياه بعد أن رفضتها دائرة خدمات المياه في البداية.
ونتيجة لذلك غيّرت شركات مياه (Anglian, Bristol, Northumbrian Yorkshire) أسعار خدماتها.
هل يدفع المواطن ثمن إخفاق شركات المياه في مراعاة المعايير البيئية؟

لا يقع على عاتق عملاء شركات المياه تكاليف إخفاق هذه الشركات في مراعاة المعايير البيئية، وذلك وفقًا لجمعية المستهلكين.
وهذا يعني أن شركة مثل “Severn Trent” عندما تدفع غرامة قدرها 1.5 مليون باوند بسبب سوء تصريف مياه الصرف الصحي، فإن هذا المبلغ يُدفَع من أرباح الشركة وليس من فواتير الزبائن.
ولكن في النهاية يدفع عملاء الشركة تكاليف تحسين جودة الخدمات المقدَّمة إليهم، ويكون للمشكلات التي تواجهها شركات المياه بحسب مكان كل شركة تأثير في اختلاف الفواتير المدفوعة.
وقال وزير البيئة جورج يوستيس: إن المخاوف المتعلقة بتوجيه مياه الصرف الصحي إلى الأنهار ستكون على طاولة النقاش قبل بدء الدورة الجديدة للمشتركين في خدمات المياه عام 2025، وقد يضطر الزبائن إلى دفع مزيد من النقود؛ لمنع تلوث مياه الأنهار.
وقال الوزير لبي بي سي: “في الحقيقة لا يمكن تحمُّل تكلفة الاستثمارات الضرورية من أجل تحسين البِنية التحتية للصرف الصحي؛ إذ قد يؤدي ذلك إلى ارتفاع في فواتير المياه.
وهذا ما يمنع تأخرنا أيضًا عن إنشاء مزيد من الجدران الاستنادية للحماية من الفيضانات؛ فقد يكلف ذلك مئات المليارات من الباوندات، وهو ما سيؤدي إلى ارتفاع كبير في فواتير المياه.
“لكننا نتبع نهجًا عمليًّا؛ وهو الحدّ من تَبِعات الفيضانات الأكثر ضررًا، وفقًا لقدراتنا المادية”.
وفي النهاية لا بد من دفع تكاليف تحسين البِنية التحتية والحماية من الفيضانات، ما دام الناس راغبين في التقليل من تَبِعات اختلاط مياه الصرف الصحي بالأنهار”.
ما الزيادات التي يمكن أن تطرأ على فواتير المياه؟

شهدت كل من شركتي مياه “Northumbrian water” و”Severen Trent” أعلى معدلات للزيادة في الفواتير التي يدفعها المشتركون؛ حيث بلغ متوسط الفواتير المدفوعة لكل من الشركتين 365 باوندًا و389 باوندًا على التوالي، وتبقى هذه المبالغ أقل من ما يدفعه المشتركون في بعض شركات المياه البريطانية الأخرى.
كما وصل معدل فواتير المياه المدفوعة لشركة “South West Water” في كل من “Cornwall Devon”، و”Somerset Dorset” إلى 472 باوندًا.
ويحصل زبائن شركات المياه على تخفيض حكومي بناءً على عدة عوامل منها: طول الشريط الساحلي للمنطقة التي توجد فيها الشركة، وكميات المياه المستهلكة.
وقد بلغ متوسط فواتير المياه المدفوعة لشركة “Wessex Water” التي تضخ المياه لكل من “Somerset”، و”Dorset”، و”Bristol”، و”Wiltshire” حوالي 470 باوندًا.
ويقول الخبراء: إن التنوع الكبير في أسعار الفواتير يرجع إلى عدة عوامل مثل التوزع السكاني؛ حيث تكون تكلفة إيصال المياه إلى المدن أرخص، وبالطبع يتوقف الأمر أيضًا على طول الشريط الساحلي للمنطقة.
وقال المتحدث باسم شركة “South West Water”: “إننا نقدم خدماتنا لمساحة جغرافية واسعة تعادل حوالي ثُلُث البلاد، وهو ما يعني أننا بحاجة إلى إجراء مزيد من الإصلاحات، وبحاجة كذلك إلى آلاف الأميال من الأنابيب”.
وأضاف المتحدث باسم الشركة قائلًا: “إن الفواتير في المناطق التي نضخّ لها المياه أعلى قليلًا من المناطق الأخرى؛ بسبب كثرة عدد الأنابيب، وصعوبة إيصال المياه إلى هذه المناطق”.
ما مقدار المساعدات التي تحصل عليها الأُسَر؟

وبينما تؤكد الحكومة على تقديم دعمها للعائلات التي تعاني من ارتفاع فواتير المياه، يتخوّف بعض السكان من أن المساعدات لا تُوزَّع بشكل عادل.
وأكدت جمعية “مستهلكي المياه” على وجود تفاوت كبير في المساعدات الحكومية التي يتلقّاها الناس من أجل دفع فواتير المياه.
وتزداد حِدّة هذه المشكلة في الشمال الشرقي؛ حيث تحتاج 12 في المئة من الأُسَر إلى الدعم الحكومي من أجل دفع الفواتير؛ إذ لا يحصل على تلك المساعدات إلا نسبة 3 في المئة منهم.
وضمن المناطق التي تغذّيها شركة “Severn Trent’s” بالمياه نجحت الخطط الحكومية في انتشال 21 في المئة من العائلات فقط من مشاكل شُحّ المياه التي يتعرضون إليها.
وتختلف خطط المساعدات المقدَّمة في كل منطقة بحسب الخدمات التي تستطيع الشركات تقديمها للسكان، وتموّل من الفواتير التي يدفعونها.
قال أندرو وايت مدير السياسات في جمعية مستهلكي المياه: “لا يدفع كثير من الناس فواتير المياه في وقتها، ومع ذلك فلا تُقطَع المياه عنهم، ولكن كثيرًا من العائلات تعاني من ارتفاع فواتير المياه؛ حيث يضطرون إلى دفع مبالغ كان من الأولى أن ينفقوها على الغذاء”.
وقالت كريستين ماكغورتي رئيسة “Water UK”، وهي الرابطة التجارية التي تمثل شركات المياه: “يمكن لأولئك الذين يعانون من ارتفاع الفواتير الاتصال بالشركة التي تزودهم بالمياه”.
كيف علّقت شركات المياه على هذا الأمر؟

وأكدت كل من شركتي مياه “Severn Trent” و”Northumbrian Water” أنه على الرغم من ارتفاع أسعار الفواتير التي يدفعها المشتركون، إلا أن الفواتير التي تفرضها الشركتان هي أقل بكثير من تلك المدفوعة في مناطق أخرى من المملكة المتحدة.
وقالت شركة “Northumbrian Water”: إن قيمة الفواتير التي يدفعها مشتركونا للحصول على خدمات المياه والصرف الصحي هي الأقل في إنجلترا، كما أنها منخفضة نسبيًّا بالمقارنة مع المبالغ التي اعتاد المشتركون دفعها في عام 2019/ 2020.
وأشارت الشركة إلى أنها كانت تعمل على تحسين أدائها في شمال شرق البلاد من أجل مراعاة المعايير البيئية؛ حيث أنفقت الشركة 30 مليون باوند من أجل تحسين خدمات الصرف الصحي في مقاطعة “Durham”، إلى جانب تحسينها لجودة المياه في “South Tyneside”.
وأكدت الشركة أنها أنفقت 145 مليون باوند على تمديدات المياه التي لم تُغيَّر منذ 100 عام في مقاطعة “Durham” و”Teesside”، واستبدلتها بأنابيب جديدة.
وقالت هايدي موترام رئيسة شركة “Northumbrian Water”: “إن الاستثمار في تمديدات المياه الأساسية، إلى جانب ارتفاع معدلات التضخم، لم يترك لنا خيارًا سوى رفع الفواتير.
وقال متحدث باس مشركة “Severn Trent”: إن الزيادة الأخيرة في فواتير المستهلكين مرتبطة بالتضخم، والذي بدوره يعود إلى الضغوطات الكبيرة على مستوردي الطاقة في المملكة المتحدة، وهو ما يزيد من حِدّة الأزمة المعيشية الخانقة”.
“كما أن عمليات إعادة تأهيل البنية التحتية التي نقوم بها من أجل ملاءمة المعايير البيئية يكون لها دور مهم في ارتفاع أسعار الفواتير”.
ونادت النائبة في حزب العمّال عن دائرة شرق “Nottingham” نادية ويتومي بعودة شركات المياه الخاصة في المملكة المتحدة إلى مِلكية القطاع العامّ.
وقالت: “إن احتكار المياه يصعّب على المشتركين اختيار شركة المياه المناسبة لهم، وترفع بعض الشركات فواتير المياه كما يحلو لها مثل شركة “Severn Trent”.
إن تخصيص قطاع المياه يكلفنا كثيرًا من المال”. “لم تتخذ الحكومة إجراءات جدية في هذا الصدد؛ بل إنها تشير إلى أن ارتفاع فواتير المياه يتناسب مع الضوابط التي وضعتها دائرة خدمات المياه على عائدات الشركات”.
وفي ما يتعلق بشُحّ المياه تأمل جمعية “مستهلكي المياه” أن تحصل على دعم حكومي من أجل تطبيق خطة جديدة تهدف إلى توحيد الدعم المقدَّم للعائلات التي تعاني من ارتفاع فواتير المياه. ولكن هذه الخطة قد لا تطبّق حتى عام 2025، في حينٍ تزداد فيه الأصوات المطالبة بالدعم الحكومي من الآن.
اقرأ أيضاً :
ستيني يقفز بمياه متجمدة في نوتنغهام هربا من لصوص
اكتشاف مادة سامة في إمدادات مياه الشرب لآلاف المنازل في بريطانيا
الرابط المختصر هنا ⬇