تجميد واشنطن لاتفاقية التكنولوجيا مع لندن: ماذا يعني ذلك للاقتصاد البريطاني؟
اتفاقية كانت تُعوَّل عليها لاستثمارات بمليارات الباوند وآلاف الوظائف… وقرار التجميد يعيد بريطانيا خطوة إلى الوراء
أعلنت الولايات المتحدة، يوم الثلاثاء 16 كانون الأول/ديسمبر 2025، تجميد العمل باتفاقية تعاون تكنولوجي استراتيجية مع بريطانيا، في خطوة مفاجئة أثارت قلقًا واسعًا داخل الأوساط السياسية والاقتصادية البريطانية، خصوصًا في ظل التحديات التي يواجهها الاقتصاد البريطاني في مرحلة ما بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي.
وجاء الإعلان الأميركي بعد يوم واحد فقط من تسريبات وتقارير صحفية ظهرت مساء الاثنين 15 كانون الأول/ديسمبر 2025، تحدثت عن توقف مفاجئ في بعض مسارات التعاون التقني بين البلدين، دون توضيحات رسمية في حينه، قبل أن يتأكد القرار في اليوم التالي.
لكن لفهم أهمية هذا التطور، يطرح سؤال أساسي نفسه: ما هي هذه الاتفاقية أصلًا، ولماذا يُنظر إلى تجميدها على أنه ضربة للاقتصاد البريطاني؟
ما الذي كان عليه الوضع قبل الاتفاقية؟

قبل دخول الاتفاقية حيّز التنفيذ، كان التعاون التكنولوجي بين بريطانيا والولايات المتحدة قائمًا، لكنه محدود وغير منظم، ويعتمد على مبادرات منفصلة بين الشركات والجامعات، مع وجود:
- إجراءات تنظيمية معقّدة.
- قيود على تبادل البيانات والتقنيات الحساسة.
- صعوبة في التمويل المشترك.
- بطء في تنفيذ المشاريع العابرة للحدود.
وكان ذلك يعني أن الاستثمار الأميركي في قطاع التكنولوجيا داخل بريطانيا يتم بوتيرة أبطأ وكلفة أعلى، ما جعل بعض الشركات تفضّل أسواقًا أخرى أكثر مرونة.
ما هي اتفاقية التكنولوجيا التي جُمّدت؟

الاتفاقية التي أعلنت واشنطن تجميدها كانت تهدف إلى تحويل التعاون التقني إلى شراكة استراتيجية منظمة، تضع إطارًا واضحًا وطويل الأمد للعلاقة التكنولوجية بين البلدين، وشملت أربعة مسارات رئيسية:
أولًا: الاستثمار
- تسهيل الاستثمارات الأميركية المباشرة في بريطانيا.
- تقديرات رسمية أشارت إلى استثمارات محتملة تتراوح بين 8 و12 مليار باوند خلال خمس سنوات، خصوصًا في مجالات الذكاء الاصطناعي وأمن البيانات وأشباه الموصلات.
ثانيًا: الوظائف
- دعم أو خلق ما بين 40 و50 ألف وظيفة عالية المهارة
- معظمها في قطاعات البرمجة، الهندسة، الأمن السيبراني، والتكنولوجيا المتقدمة
ثالثًا: البحث العلمي
- تمويل مشاريع بحثية مشتركة بين الجامعات البريطانية والأميركية
- تسهيل انتقال الباحثين والخبراء
- دعم تطوير تقنيات استراتيجية ذات قيمة اقتصادية عالية
رابعًا: الشركات الناشئة
- فتح السوق الأميركية أمام الشركات البريطانية الناشئة
- تسريع وصولها إلى التمويل والخبرات التقنية
- تقليل الحواجز القانونية والإدارية
وبلغة مبسطة، كانت الاتفاقية تجعل بريطانيا مكانًا أسهل وأسرع للاستثمار الأميركي في التكنولوجيا، وتختصر الوقت والكلفة على الشركات والباحثين.
ماذا يعني تجميد الاتفاقية الآن؟

تجميد الاتفاقية لا يعني انسحابًا فوريًا للاستثمارات القائمة، لكنه يعني عمليًا:
- تعليق مشاريع جديدة كانت قيد الإعداد.
- تأجيل استثمارات بمليارات الباوندات.
- عودة التعقيدات التنظيمية السابقة.
- تزايد تردد المستثمرين تجاه الالتزامات طويلة الأمد داخل بريطانيا.
وبذلك تعود بريطانيا إلى وضع أبطأ وأقل تنافسية في سباق عالمي محتدم على الاستثمارات التكنولوجية.
الأثر المحتمل على الاقتصاد البريطاني

الاستثمار
الولايات المتحدة تُعد أكبر مستثمر أجنبي في بريطانيا. وأي إشارة سلبية من واشنطن قد تدفع شركات أميركية إلى:
- إعادة توجيه استثماراتها نحو دول أخرى
- تقليص حجم مشاريعها داخل بريطانيا
سوق العمل
الوظائف المتأثرة ليست وظائف تقليدية، بل وظائف:
- ذات أجور مرتفعة
- تعتمد عليها فئة الشباب والكفاءات
- يعمل فيها عدد كبير من المهاجرين، بمن فيهم العرب في بريطانيا
النمو الاقتصادي
قطاع التكنولوجيا يُعد من أهم محرّكات النمو الاقتصادي البريطاني. تباطؤه قد ينعكس على:
- الإيرادات الضريبية
- تمويل الخدمات العامة
- قدرة الحكومة على مواجهة ضغوط المعيشة المتزايدة
لماذا يهم هذا القرار العرب في بريطانيا؟

يمسّ هذا القرار العرب في بريطانيا بشكل مباشر، نظرًا لحضورهم الواسع في:
- قطاع تكنولوجيا المعلومات
- الشركات الناشئة
- البحث العلمي والجامعات
كما أن أي تباطؤ اقتصادي عام قد يؤدي إلى:
- تقلّص فرص العمل
- زيادة المنافسة على الوظائف
- ارتفاع حالة عدم اليقين الوظيفي
- ضغوط إضافية على أوضاع المهاجرين الاقتصادية
قرار الولايات المتحدة، الصادر يوم 16 كانون الأول/ديسمبر 2025، بتجميد اتفاقية التكنولوجيا مع لندن، لا يقتصر على كونه خطوة سياسية أو تقنية، بل يمثل تجميدًا لمسار اقتصادي كان يُعوَّل عليه لضخ مليارات الباوند في الاقتصاد البريطاني. وفي وقت تسعى فيه بريطانيا إلى ترسيخ موقعها كمركز عالمي للتكنولوجيا، يفتح هذا التطور بابًا واسعًا للنقاش حول مستقبل الشراكة مع واشنطن، وانعكاسات ذلك على النمو وفرص العمل والاستقرار الاقتصادي.
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇
