العرب في بريطانيا | بحث يكشف وجود 8 آلاف موقع نفايات غير قانوني في ...

1447 جمادى الثانية 22 | 13 ديسمبر 2025

بحث يكشف وجود 8 آلاف موقع نفايات غير قانوني في بريطانيا

بحث يكشف وجود 8 آلاف موقع نفايات غير قانوني في بريطانيا
محمد سعد November 30, 2025

تتسع خريطة الجرائم البيئية في بريطانيا بوتيرة لافتة، إذ يكشف بحث حديث عن انتشار آلاف مواقع النفايات غير القانونية وما تحمله من مخاطر صحية وبيئية واقتصادية متزايدة. فمع تراكم ملايين الأطنان من المخلفات بعيدًا عن أعين الجهات الرقابية، تتصاعد المؤشرات على أزمة هيكلية تتجاوز قدرة السلطات على الاحتواء.

13 مليون طن من النفايات… وضرائب مهدرة

بحث يكشف وجود 8 آلاف موقع نفايات غير قانوني في بريطانيا
النفايات في بريطانيا (Unsplash)

أظهر تحليل جديد وجود ما لا يقل عن 8,000 موقع نفايات غير قانوني في أنحاء بريطانيا، تحتوي مجتمعة على نحو 13 مليون طن من القمامة. وبحسب شركة «إير آند سبيس إيفيدنس» (Air & Space Evidence) — المختصة باستخدام صور الأقمار الاصطناعية وخوارزميات الذكاء الاصطناعي في رصد التغيرات الأرضية — فإن حجم هذا التخلّص المخالف يعني تهرّبًا من دفع نحو 1.63 مليار باوند من ضريبة مكبات النفايات.

وتُفرض هذه الضريبة لضمان التخلص المنظّم من المخلفات في مواقع رسمية والحدّ من تلوث التربة والمياه. لكن شركات — وأحيانًا مجموعات إجرامية — ترمي نفاياتها سرًا في أراضٍ مهجورة أو مؤجرة مؤقتًا، متجنّبة الالتزامات الضريبية والرقابية بالكامل.

مخاطر بيئية مباشرة

تقول البروفيسورة كيت سبنسر من جامعة كوين ماري في لندن إن الأزمة لا تنحصر في التهرب الضريبي، بل تتعلق بغياب أي رقابة على نوعية المواد الملقاة. وتوضح:
«عندما تُرمى النفايات خارج النظام الرسمي، لا شيء يمنع تسرب الملوثات إلى الأنهار أو التربة. وفي مناطق مثل إسيكس، تتحول هذه المواقع إلى بؤر حرائق متكررة تهدد جودة الهواء وصحة السكان».

وتشير سبنسر إلى أن توسع الظاهرة يرتبط بظهور «جهات محترفة» تستغل أي مساحة معزولة لرمي المخلفات مقابل المال، قبل أن تختفي بسرعة — وهي جماعات تُعرف إعلاميًا باسم «مافيا النفايات».

أزمة تتجاوز قدرة الوكالة البيئية

بحث يكشف وجود 8 آلاف موقع نفايات غير قانوني في بريطانيا
أغلقت الوكالة البيئية نحو 743 موقعا غير قانوني في عام

أغلقت الوكالة البيئية (EA) خلال عام 2024–2025 نحو 743 موقعًا غير قانوني فقط، فيما تتبّعت بياناتها أكثر من 1,140 تحقيقًا مفتوحًا. ومع ذلك، تقول شركة «إير آند سبيس إيفيدنس» إن الوكالة لم تُبد اهتمامًا باستخدام أدواتها التحليلية القادرة على تحديد مواقع جديدة.

ويقول مدير الشركة البروفيسور راي هاريس:
«هناك اهتمام فني، لكن الإدارة العليا تبدو مترددة. يبدو الأمر خوفًا من اكتشاف المزيد من المواقع، لأن المعرفة وحدها تفرض التحرك — والوكالة تعاني أصلًا من نقص الموارد».

وفي نيوزيلندا، حيث جرى اختبار الأداة، أكدت السلطات وجود نفايات في جميع المواقع الـ125 المشتبه بها، 58 في المئة منها لم يكن معروفًا سابقًا.

تقديرات: الرقم أكبر بكثير

بحث يكشف وجود 8 آلاف موقع نفايات غير قانوني في بريطانيا
تقديرات لمواقع مكبات النفايات غير القانونية تتجاوز ال 8000 موقع

استند البحث إلى صور أقمار صناعية لمناطق في لندن وبروكسل وبوخارست وأجزاء من نيوزيلندا، ومنها بُني نموذج لتقدير عدد المواقع في بريطانيا. ويُعدّ رقم 8,000 حدًا أدنى، بينما ترجّح النماذج وصول العدد إلى 13 ألف موقع.

انتقادات حادّة للوكالة البيئية

سلّط تقرير لمجلس اللوردات في تشرين الأول/أكتوبر الماضي الضوء على «فشل واسع» في تعامل الوكالة مع الشكاوى، وضعف أداء وحدة مكافحة جرائم النفايات، وغياب دور فعّال للشرطة في مواجهة الشبكات الإجرامية. وشبّه التقرير جرائم النفايات بـ«المخدرات الجديدة» نظرًا للأرباح الضخمة التي تجذب مجموعات الجريمة المنظمة التي تنشط في مجال التخلص غير القانوني من النفايات، وسط رقابة واهنة وعقوبات غير رادعة.

وأشار التقرير إلى حالات مثل موقع هودز وود في كِنت، حيث ألقى مجرمون 35 ألف طن من القمامة، ما كلف دافعي الضرائب 15 مليون باوند لإزالتها. وفي أكسفوردشير، يُعتقد أن موقع كيدلينغتون وحده يحتوي على مئات الأطنان، بينما وُثّقت ستة مواقع أخرى بحجم مماثل أو أكبر.

وتُظهر بيانات الوكالة أن بعض القضايا ظلت مفتوحة 11 عامًا، خصوصًا تلك التي تتضمن التخلص من مواد عالية السمية مثل الأسبستوس.

ثغرات قانونية وعبء مالي متصاعد

توضح سبنسر:
«لدينا نظام يقوم على مبدأ ’من يلوّث هو من يدفع‘، لكن في هذه الحالات لا يوجد متهِم واحد. وحين لا يُعرَف الفاعل، تتحمل الدولة التكلفة».

ويطرح ذلك أسئلة صعبة حول فعالية الضريبة نفسها. إذ يقول بول بريندلي من جامعة شيفيلد:
«الضريبة رفعت التكلفة على الملتزمين، لكنها شجعت على الرمي غير القانوني. وفي النهاية أصبحت كلفة التنظيف أعلى بكثير مما تحصل عليه الدولة من الضريبة».

رد الوكالة البيئية

قال متحدث باسم الوكالة:
«التخلص غير القانوني من النفايات أمر مروّع، ونعمل دون توقف للتصدي له. التحقيقات معقدة لأننا نتعامل مع شبكات محترفة ومنظمة».

وأضاف أن الوكالة أغلقت 743 موقعًا العام الماضي، وتسعى لمضاعفة عدد موظفي وحدة مكافحة جرائم النفايات.

مجتمعات محلية فقدت الثقة

بحث يكشف وجود 8 آلاف موقع نفايات غير قانوني في بريطانيا
فقد السكان المحليين الثقة في قدرة المؤسسات الحكومية على حمايتهم من ظاهرة المواقع غير القانونية للنفايات

يقول شلومو دوين من شبكة «بريطانيا بلا محارق نفايات» (UK Without Incineration Network) إن السكان المحليين غالبًا ما يكونون أول من يكتشف هذه المواقع، لكن تجاهل الشكاوى المتكرر يدفعهم في النهاية إلى التوقف عن الإبلاغ:
«الناس يشعرون أن النظام لم يعد قادرًا على حمايتهم».

نظام رقابة بيئية ينهار

تشير منصة «العرب في بريطانيا» (AUK) إلى أن اتساع رقعة مواقع النفايات غير القانونية يعكس خللًا في منظومة الرقابة البيئية، حيث يؤدي نقص الموارد واتساع نشاط الجريمة المنظمة وتراجع ثقة المواطنين بالوكالة البيئية إلى ترسيخ واقع بيئي خطير. وترى المنصة أن مواجهة هذا الواقع تتطلب تحديث أدوات الرقابة وإعادة هيكلة إدارة النفايات في بريطانيا خلال السنوات المقبلة.

المصدر: الجادريان


اقرأ أيضاً

اترك تعليقا

آخر فيديوهات القناة