انتظار طويل للمستفيدين واستثناءات للمهن العليا
شابانا محمود تعلن حزمة تغييرات كبرى على نظام الهجرة في بريطانيا
صبا الشريف
November 20, 2025
أعلنت وزيرة الداخلية شابانا محمود عن حزمة تغييرات وُصفت بأنها الأوسع منذ 50 عامًا على نظام الهجرة القانونية في بريطانيا، في خطوة تهدف إلى إعادة هيكلة مسارات الوصول إلى الاستقرار الدائم ومنح أولوية واضحة لأصحاب الدخل المرتفع والعاملين في المهن الحيوية، مقابل تشديد القيود على من يعتمدون على الإعانات أو يصلون عبر القوارب الصغيرة.
وتوضح محمود أن الإجراءات الجديدة — التي ترفع مدة الانتظار اللازمة للتقدّم بطلب الاستقرار الدائم إلى ما بين 10 و 15 عامًا بدلًا من 5 — تأتي “لمكافأة من يساهمون في الاقتصاد ويلتزمون بالقوانين”. وتشير إلى أن النظام الجديد يقوم على مزيج من “الحوافز والعقوبات”، بحيث يستفيد أصحاب الدخل المرتفع، ورواد الأعمال، والعاملون المهرة في القطاع العام من مسار سريع، بينما ستُفرض على فئات أخرى فترات انتظار طويلة قد تمتد لعقود قبل أن تصبح مؤهلة للاستقرار.
انتقادات واسعة لتشديد فترات الاستقرار وسط مخاوف من اتساع الاستقطاب المجتمعي
وبحسب الخطة، سيُطلب من الوافدين عبر القوارب الصغيرة ومن يعتمدون على الإعانات الانتظار بين 20 و 30 عامًا قبل التقدّم بطلب الاستقرار، وهو ما أثار انتقادات واسعة خشية أن يتعرض الفارّون من الحرب والاضطهاد لـ“ثلاثة عقود من عدم الاستقرار والضغوط”.
وفي كلمة أمام البرلمان، قالت محمود إن الفشل في إدارة ملف الهجرة “يُفسح المجال لمن ينشرون الكراهية والانقسام”. وأوضحت أنها تشعر بالقلق من “اتساع حالة الاستقطاب التي تغذّيها وتيرة التغيير السريعة وضغطها على المجتمعات المحلية”، رغم تقديرها للدور الذي لعبته بريطانيا في استقبال أسرتها قبل نحو 50 عامًا. وأكدت أن على من يؤمنون بأن الهجرة جزء من قصة بريطانيا الحديثة “إثبات قدرتها على النجاح مجددًا”.
مليونا مهاجر متأثرون وتحديد الاستقرار كامتياز وليس حقًا مكتسبًا
وتقول الحكومة إن التغييرات ستطال نحو مليوني شخص وصلوا منذ عام 2021، بينما ستُستثنى الحالات التي حصلت بالفعل على الاستقرار.
وأكدت شابانا محمود أمام النواب أن “الاستقرار الدائم في هذا البلد ليس حقًا مكتسبًا، بل امتيازًا يجب السعي إليه”. وأوضحت أن الحصول على الإقامة الدائمة يجري اليوم “بصورة شبه تلقائية” بعد خمس سنوات، وهي فترة تتيح للمهاجرين الوصول إلى عدد من الخدمات المتاحة للمواطنين، بما فيها الإعانات.
وتقدّر وزارة الداخلية أن 1.6 مليون شخص سيحصلون على الاستقرار بين 2026 و 2030، على أن تبلغ الذروة 450 ألفًا في عام 2028.
شروط جديدة للاستقرار الدائم وفترات انتظار أطول للعمال منخفضي الدخل
وبموجب القواعد الجديدة، لن يتمكن أي مهاجر من الحصول على الاستقرار الدائم ما لم يكن:
- صاحب سجل جنائي نظيف
- متقنًا للغة الإنجليزية بمستوى A-Level
- خاليًا من أي ديون حكومية
- دافعًا لاشتراكات التأمين الوطني لمدة لا تقل عن 3 سنوات
كما تنص الخطة على فرض عقوبة انتظار إضافية مدتها 10 سنوات على من حصلوا على الإعانات لمدة عام أو أكثر، مع إمكانية تقليصها عبر العمل التطوعي.
وتقول محمود إن بريطانيا بحاجة إلى “نظام هجرة عادل يمنح الأولوية للمساهمة والاندماج واحترام قيم العدالة”. وتشير إلى أن العاملين المهرة مثل الأطباء ورواد الأعمال وأصحاب الدخل المرتفع سيُسمح لهم بالتقدّم للاستقرار بعد 5 سنوات.
ويُظهر مستند سياسات صادر عن وزارة الداخلية أن العمال منخفضي الدخل — وبينهم 616 ألف شخص وصلوا عبر تأشيرات الرعاية الصحية بين 2022 و 2024 — سيخضعون لفترة أساسية تبلغ 15 عامًا. وكانت الحكومة قد أغلقت هذا المسار في وقت سابق من العام، مستندة إلى “سوء استخدام واسع”.
وتوضح محمود أن بعض الفئات ستواجه مددًا أطول، إذ يُطلب ممن يعتمدون على الإعانات الانتظار 20 عامًا قبل التقدّم بطلب الاستقرار، وهي أطول فترة تُطبّق في أوروبا وأربعة أضعاف المدة الحالية.
كما تنص المقترحات على عدم أهلية المهاجرين للحصول على الإعانات أو السكن الاجتماعي قبل الحصول على الجنسية البريطانية.
وتؤكد الحكومة أن الأطباء والممرضين العاملين في هيئة الخدمات الصحية الوطنية سيتمكنون من الحصول على الاستقرار بعد 5 سنوات، في حين سيُسمح لأصحاب الدخل المرتفع ورواد الأعمال بالتقدّم بعد 3 سنوات فقط.
إصلاحات توازن حقوق الأهالي والمهاجرين
في بيان رسمي، قالت وزارة الداخلية إن “هذه الإصلاحات تهدف إلى بناء نظام هجرة أكثر عدلًا للأهالي في بريطانيا، مع الحفاظ على حقوق المهاجرين الذين ساهموا في اقتصاد البلاد وخدماتها العامة”.
كما سيظل الأقارب المباشرون للمواطنين البريطانيين وحاملو جواز هونغ كونغ BN(O) مؤهلين للمسار القائم الذي يمنح الاستقرار بعد 5 سنوات.
تُعدّ التعديلات التي أعلنتها شابانا محمود تحولًا جوهريًا في أسلوب إدارة ملف الهجرة، إذ تربط بين المساهمة الاقتصادية والاندماج الاجتماعي من جهة، وحق الاستقرار من جهة أخرى. ورغم أن حماية الخدمات العامة وتعزيز العدالة أهداف بالغة الأهمية، فإن تمديد فترات الانتظار إلى هذا الحد قد يفاقم الضغوط على الفئات الأكثر هشاشة ويترك أثرًا مباشرًا على استقرار الأسر والمجتمعات المحلية.
وتبرز الحاجة إلى مراجعة دورية لهذه السياسات بما يضمن عدم تحولها إلى عامل يزيد من التوترات المجتمعية، إلى جانب أهمية توفير مسارات إنسانية واضحة للفارّين من مناطق النزاع، بشكل يحقق التوازن المطلوب بين متطلبات الأمن والعدالة وصون الكرامة الإنسانية.
المصدر : The Mirror
إقرأ أيضًا :
الرابط المختصر هنا ⬇
نسخ إلى الحافظة
