العرب في بريطانيا | بريطانيا تتجه نحو النموذج الدنماركي لتشديد سياس...

1447 جمادى الأولى 23 | 14 نوفمبر 2025

بريطانيا تتجه نحو النموذج الدنماركي لتشديد سياسات الهجرة واللجوء

دراسة تكشف تراجع الفخر الوطني وارتفاع الانقسام في المجتمع البريطاني
ديمة خالد November 8, 2025

تستعد وزيرة الداخلية البريطانية شابانا محمود للإعلان خلال الأيام المقبلة عن حزمة تغييرات واسعة في نظام الهجرة واللجوء، في خطوة تعكس توجهًا واضحًا نحو تبنّي نهج أكثر تشددًا مستوحى من التجربة الدنماركية، التي تُعد من أكثر السياسات صرامة في أوروبا.

وكشفت هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) أن وفدًا من وزارة الداخلية زار كوبنهاغن مؤخرًا لدراسة تفاصيل هذا النموذج ومراجعة إمكانية تطبيقه في بريطانيا.

تشديد على الإقامة ولمّ الشمل

تشير المعلومات إلى أن بريطانيا تدرس فرض قيود مماثلة لتلك المعمول بها في الدنمارك، خصوصًا ما يتعلق بملف لمّ الشمل وفترات الإقامة المؤقتة.

ففي الدنمارك يحصل معظم الفارين من النزاعات على إقامة مؤقتة فقط، مع إمكانية إعادتهم إلى بلدانهم فور اعتبارها آمنة. كما تم رفع شروط الحصول على الإقامة الدائمة وإضافة متطلبات جديدة تشمل العمل بدوام كامل، واشتراط بلوغ الزوجين 24 عامًا على الأقل عند التقدم للمّ الشمل، بالإضافة إلى اجتياز اختبار اللغة وتقديم ضمان مالي.

وتتابع بريطانيا هذه السياسات عن كثب، خاصة بعد تعليق برنامج لمّ الشمل في سبتمبر الماضي تمهيدًا لوضع قواعد جديدة يُتوقع أن تكون أكثر تقييدًا.

انقسام داخل حزب العمال

ورغم تأكيد محمود أن بريطانيا “ستفعل ما يلزم” لضبط حدودها، إلا أن هذا التوجه يواجه اعتراضات من داخل حزب العمال نفسه.

فنواب من الجناح اليساري يرون أن النموذج الدنماركي “متشدد للغاية” ويتضمن ملامح من خطاب اليمين المتطرف، بينما يعتبر آخرون أن هذه السياسات ضرورية لاستعادة ثقة الناخبين الذين يرون النظام الحالي “غير عادل”.

النائبة نادية ويثوم وصفت بعض الإجراءات الدنماركية، خاصة تلك المتعلقة بما يسمى “المجتمعات الموازية”، بأنها “عنصرية بوضوح”، في حين دعا نواب من مناطق “الجدار الأحمر” إلى تبني نهج أكثر حزمًا لتفادي خسائر انتخابية محتملة أمام حزب ريفورم UK.

درس دنماركي يثير اهتمام لندن

تولي الحكومة البريطانية اهتمامًا خاصًا بالتجربة الدنماركية منذ عام 2015، حين تمكن الحزب الديمقراطي الاجتماعي هناك من الحد من صعود اليمين الشعبوي عبر انتهاج سياسات هجرة صارمة، ما سمح له لاحقًا بتمرير أجندة تقدمية في مجالات أخرى.
وترى قيادات في الحزب الدنماركي أن تشديد قوانين الهجرة منحهم “الترخيص السياسي” لتنفيذ إصلاحات اجتماعية وبيئية واسعة.

وبحسب BBC، تتطلع محمود للقاء نظيرها الدنماركي راسموس ستوكلوند لبحث تفاصيل أعمق للتجربة، حيث يجري الطرفان مناقشات حول التحديات القانونية المتعلقة بترحيل المدانين الأجانب، خصوصًا ما يتصل بالاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.
ولا تنوي أي من الدولتين مغادرة الاتفاقية، لكن هناك رغبة مشتركة في تعديل آليات تطبيقها بما يسهّل عمليات الترحيل.

ورغم أن بريطانيا لن تعتمد جميع عناصر النموذج الدنماركي، مثل دفع مبالغ مالية كبيرة للاجئين الراغبين في العودة، إلا أن المؤشرات تدل على أن النظام البريطاني يتجه نحو تشديدات ملموسة تشمل الإقامة، ولمّ الشمل، وعمليات الترحيل.

التحول السياسي وضغط الشارع

يأتي هذا التحول في وقت تشير فيه استطلاعات الرأي إلى تقدم حزب ريفورم على حزب العمال في عدد من المناطق، ما يزيد الضغوط على الحكومة لاتخاذ إجراءات أكثر صرامة قد تساعدها على استعادة زمام المبادرة في ملف الهجرة.
ويعكس التوجه نحو “النموذج الدنماركي” تغيرًا واضحًا في المزاج السياسي داخل وستمنستر، لكنه يثير في الوقت ذاته تساؤلات مشروعة حول كيفية الموازنة بين ضبط الهجرة وحماية الحقوق الأساسية للاجئين.
فالتجربة الدنماركية نجحت في خفض أعداد طلبات اللجوء، لكنها أثارت أيضًا جدلًا واسعًا داخل أوروبا بسبب ما اعتُبر تمييزًا ضد فئات محددة وفرض قيود قد تمس مبدأ لمّ الشمل الأسري.

مبادئ العدالة في الإصلاح

ومن العدل مراعاة ثلاثة مبادئ أساسية عند تحديث النظام البريطاني:

  1. العدالة والشفافية في دراسة الطلبات وتنفيذ الإجراءات.
  2. حماية الأسر ومنع تفككها نتيجة شروط معقدة أو تعجيزية.
  3. التوازن بين الأمن والإنسانية بحيث لا يتحول التشدد إلى عقاب جماعي.

وتؤكد المنصة أن النقاش حول الهجرة لا ينبغي أن يُختزل في لغة “الردع” و”التشدد”، بل يتطلب رؤية شاملة تراعي مساهمة المهاجرين في الاقتصاد والمجتمع، إلى جانب التزامات بريطانيا الدولية في مجال حقوق الإنسان.

المصدر: بي بي سي


إقرأ أيضًا:

اترك تعليقا

آخر فيديوهات القناة