ما رأي البريطانيين في إلغاء الإقامة الدائمة؟
أثار إعلان زعيم حزب الإصلاح نايجل فاراج في بداية الأسبوع الحالي مقترحات مثيرة للجدل بشأن إلغاء الإقامة الدائمة (Indefinite Leave to Remain – ILR) موجة واسعة من النقاش داخل المجتمع البريطاني.
فالمقترحات تنص على إلزام المهاجرين الذين حصلوا على هذه الصفة بإعادة التقديم للحصول على تأشيرة جديدة كل خمس سنوات إذا أرادوا الاستمرار في العيش داخل بريطانيا.
قوبلت الخطوة بانتقادات شديدة من معارضي الحزب، الذين حذروا من تداعياتها الاجتماعية والإنسانية، فيما كشفت أحدث استطلاعات الرأي التي أجرتها شركة YouGov عن انقسام واضح في المواقف الشعبية: 44% من البريطانيين أيّدوا فكرة إنهاء منح الإقامة الدائمة، في حين عارضها 43%.
لكن عند الانتقال إلى الشق المتعلق بسحب هذه الصفة من الذين حصلوا عليها بالفعل، يظهر بوضوح أن غالبية البريطانيين ترفض ذلك.
إذ لم تتجاوز نسبة المؤيدين لسحب الإقامة الدائمة من المقيمين حالياً 29%، بينما أعربت 58% من الأغلبية عن رفضها القاطع لأي محاولة لإزالة هذه الصفة من حامليها.
وحتى بين المؤيدين لإنهاء منح الإقامة الدائمة مستقبلاً، لم تتخط نسبة الموافقين على سحبها من المقيمين الحاليين حاجز 41%.
استثناءات واسعة يفضلها الرأي العام
يرى جزء كبير من البريطانيين أن أي تغيير في نظام الإقامة الدائمة يجب أن يتضمن استثناءات واضحة لفئات بعينها.
فقد أظهر الاستطلاع أن الجمهور يميل إلى الحفاظ على الإقامة الدائمة لمن عاشوا في بريطانيا أكثر من عشر سنوات، أو العاملين بدوام كامل ودافعي الضرائب، وموظفي هيئة الصحة الوطنية (NHS)، والمتزوجين من مواطنين بريطانيين أو من لديهم أبناء مواطنون، وكذلك لأصحاب الأعمال التجارية.
كما أظهر الرأي العام ميلاً أكبر للإبقاء على المتقاعدين الحاصلين على الإقامة الدائمة داخل المملكة المتحدة، إذ فضّل 49% استمرار السماح لهم بالبقاء، مقابل 26% دعوا لإلزامهم بتأشيرة مؤقتة، و9% فقط طالبوا بترحيلهم.
وفي ما يتعلق باللاجئين الأوكرانيين، انقسمت الآراء بصورة متساوية تقريباً: 44% رأوا ضرورة السماح لهم بالبقاء بشكل دائم، و43% فضلوا إقامتهم عبر تأشيرات مؤقتة، فيما لم تتجاوز نسبة المطالبين بترحيلهم 5%. أما الأشخاص غير القادرين على العمل بسبب الإعاقة، فكان الرأي العام أكثر تشدداً، حيث أيّد 16% ترحيلهم، و29% تحويلهم إلى تأشيرات مؤقتة، بينما دعم 39% فقط بقاءهم الدائم.
مواقف الداعمين لإلغاء الإقامة الدائمة
من بين الـ29% الذين أيدوا سحب الإقامة الدائمة من حامليها الحاليين، اتضح أن الاستثناء الوحيد المقبول لديهم هو من عاشوا في بريطانيا لأكثر من 20 عاماً، حيث قال نصفهم إنه يجب السماح لهذه الفئة بالبقاء الدائم، فيما رأى 43% ضرورة إلزامهم بتأشيرات مؤقتة أو حتى ترحيلهم.
الأكثر إثارة للجدل أن هذه الفئة من المؤيدين ركزت على اللاجئين الأوكرانيين بوصفهم الفئة الأكثر وجوباً لإزالة الإقامة الدائمة عنها بنسبة 79%. غير أن أغلبهم لم يذهبوا إلى حد المطالبة بالترحيل المباشر، بل فضلوا الاكتفاء بإبقائهم عبر تأشيرات مؤقتة. بالمقابل، ارتفعت نسبة المطالبين بالترحيل المباشر بين هذه المجموعة بالنسبة لغير القادرين على العمل بسبب الإعاقة (35%) والمتقاعدين (23%).
الانقسام الحزبي حول القضية
أظهر الاستطلاع تباينات حادة في المواقف بحسب الانتماء الحزبي. فليس من المستغرب أن يكون ناخبو حزب الإصلاح الأكثر دعماً لإنهاء الإقامة الدائمة، إذ أيّد 64% منهم وقف منحها، و54% سحبها من المقيمين الحاليين.
أما بين ناخبي المحافظين، فقد دعم نصفهم تقريباً (51%) وقف منح الإقامة الدائمة، لكنهم انقسموا بحدة بشأن سحبها من المقيمين الحاليين: 44% أيدوا الفكرة مقابل 42% رفضوها.
وعلى الجانب الآخر، أظهرت نتائج الاستطلاع أن أقليات معتبرة من ناخبي حزب العمال (40%)، والليبراليين الديمقراطيين (37%)، وحزب الخضر (35%) أيّدوا إنهاء منح الإقامة الدائمة.
لكن في كل هذه الحالات، تجاوزت نسبة المعارضين ذلك، حيث بلغت بين 50% و57%. كما أن الأغلبية الساحقة داخل هذه الأحزاب تعارض تماماً سحب الإقامة الدائمة من المقيمين الحاليين، بنسبة تراوحت بين 71% و80%.
قضية مرشحة لمزيد من الجدل
تؤكد هذه النتائج أن ملف الإقامة الدائمة أصبح إحدى القضايا الخلافية الكبرى في المشهد السياسي البريطاني، حيث يتقاطع فيه البعد الإنساني مع البعد الاقتصادي والسياسي.
وبينما يسعى حزب الإصلاح إلى الدفع بمقترحات أكثر تشدداً، يبدو أن الرأي العام البريطاني – رغم انقسامه – يميل إلى حماية حقوق من حصلوا بالفعل على الإقامة الدائمة، مع منح استثناءات واسعة لفئات تعتبر جزءاً لا يتجزأ من المجتمع البريطاني.
المصدر: Yougov
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇
11°C
