العرب في بريطانيا | الملك المصري محمد صلاح.. لماذا لا يتنازل عن عرش...

1447 ربيع الأول 1 | 25 أغسطس 2025

الملك المصري محمد صلاح.. لماذا لا يتنازل عن عرشه أمام غزة؟

مقالArtboard-2-copy-4_2 (3)
عدنان حميدان August 25, 2025

 في موسم كروي واحد فقط، حاز محمد صلاح خمسة ألقاب فردية مرموقة جعلته حديث العالم: هدّاف الدوري الإنجليزي الممتاز، وأفضل لاعب في “البريميرليغ”، وأفضل لاعب في ليفربول، إلى جانب جوائز من اتحادات اللاعبين والجماهير والإعلام الرياضي. هذه الحصيلة القياسية عززت مكانته بوصفه واحدًا من أبرز النجوم العالميين، وأثبتت أنه ليس مجرد لاعب عابر، بل أسطورة عربية دخلت التاريخ الكروي من أوسع أبوابه.

 ورغم هذا التألق، ظلّ الإعلام الغربي يتعامل معه بتحيز واضح، فلا يمنحه التقدير نفسه الذي يحظى به نجوم آخرون من أميركا الجنوبية أو أوروبا، ولو كانوا أقل منه إنجازًا. وهذا التناقض يجعل صورته أكثر تعقيدًا: لاعب عربي وإفريقي يسطع نجمه في أكبر دوريات العالم، لكن لا يُعطى حقه كاملًا بسبب خلفيته وهُويته. 

 لكن ما يزيد من مرارة هذه المفارقة أنّ صلاح نفسه يتردّد حين يتعلّق الأمر بقضايا أمته العربية والإسلامية، وخصوصًا فلسطين. بل إنه تورط أحيانًا في دعايات لشركات يلاحقها ناشطو المقاطعة بسبب دعمها للاحتلال، الأمر الذي صدم جمهوره العربي الذي انتظر منه موقفًا مختلفًا عن بقية نجوم الإعلان الذين لا تربطهم أي صلة بهذه الأرض أو هذه القضية.

موقف مقدَّر.. لكنه ناقص

في وقت سابق، فاجأ محمد صلاح جماهيره بموقف لاقى استحسانًا كبيرًا، حين طرح تساؤلًا على الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بشأن من يتحمل مسؤولية قتل اللاعب الفلسطيني سلمان عبيد، الذي أطلق عليه محبوه لقب “بيليه الفلسطيني”. هذه اللفتة حظيت بتقدير جماهيري واسع النطاق، وشعرت أوساط عربية أن صلاح قد كسر حاجز الصمت، ولو بطريقة رمزية.

 لكن سرعان ما انقلب هذا التقدير إلى صدمة، حين تجاهل صلاح الرد المؤثر الذي وجهته له زوجة الشهيد، إذ كانت تنتظر منه أن يتابع موقفه بخطوة أبعد أو بكلمة أوضح، إلا أن اللاعب آثر الصمت وكأن الأمر مجرد منشور عابر. بالنسبة لجمهور واسع، بدا الموقف وكأنه محاولة “تسجيل حضور” أكثر من كونه التزامًا حقيقيًّا.

صمت يثير الغضب

  • المفارقة أن أصواتًا رياضية عالمية، لا تربطها بالمنطقة أي علاقة ثقافية أو قومية، أظهرت جرأة أكبر في التضامن مع غزة.
  • بيب غوارديولا، مدرب مانشستر سيتي، لم يتردد في وصف ما يجري بأنه غير مبرر، ودعا إلى إنهاء الإبادة.
  • أنطونيو روديغر، مدافع ريال مدريد، نشر رسائل صريحة داعمة للفلسطينيين، متحديًا ضغوط الإعلام الإسباني.
  • عدد من اللاعبين في أوروبا وأمريكا اللاتينية حملوا العلم الفلسطيني بعد المباريات أو نشروا رسائل تضامن واضحة عبر حساباتهم الرسمية.

هذه المواقف جعلت صمت محمد صلاح، وهو الأكثر تأثيرًا بين العرب، أشد إيلامًا. فكيف يتقدم غير العرب إلى الدفاع عن غزة، ويكتفي “الملك المصري” بالمواربة أو بالصمت، وهو الذي يفترض أن يكون صوته الأكثر صدًى في الشارع العربي والإسلامي؟

النجومية ومسؤولية الموقف

النجومية لا تعني عدد الأهداف المسجلة أو البطولات المحققة فقط. النجم الحقيقي هو من يربط نجاحه الفردي بمسؤولية إنسانية وأخلاقية أوسع. محمد صلاح الذي مثل مصر في المحافل العالمية، وصار رمزًا للأمل والنجاح، يحمل في الوقت نفسه مسؤولية تجاه قضايا العدالة. وغزة اليوم ليست مجرد قضية سياسية، بل مأساة إنسانية يُجمع العالم الحقوقي على أنها إبادة جماعية. 

 الأسئلة المطروحة هنا لا تستهدف صلاح بصفته الفردية فقط، بل بصفته رمزًا لجيل كامل من الشباب العربي الذي يراه قدوة. فإذا كان قدوة الملاعب يخشى أن يرفع صوته دفاعًا عن ضحايا الإبادة، فكيف يمكن للشباب الأقل شهرة أن يتحلوا بالشجاعة؟

بين المجد الشخصي وذاكرة التاريخ

ربما يظن صلاح أن الصمت يحمي مسيرته الرياضية من التسييس، أو أنه يجنّب نفسه هجمات الإعلام الغربي الذي يتربص به. لكن التاريخ يثبت أن النجوم الذين وقفوا مع قضايا إنسانية لم يخسروا مكانتهم، بل زاد احترامهم. ما زال العالم يذكر أسطورة الملاكمة محمد علي كلاي، ليس بوصفه رياضيًّا استثنائيًّا فقط، بل بوصفه صوتَ ضمير رفض حرب فيتنام ودافع عن حقوق السود.

 محمد صلاح أمام اختبار مشابه: هل يريد أن يتذكره التاريخ بوصفه هدافًا بارعًا فقط، أم بوصفه رمزًا عربيًّا لم يتخلَّ عن أمته في ساعة المحنة؟

دعوة إلى الشجاعة

لن ينتقص من مكانة محمد صلاح أن يرفع صوته من أجل غزة، بل سيضيف إلى رصيده احترامًا وهيبة. إن كلمة منه قد تترك أثرًا يتجاوز الملاعب إلى قلوب الملايين، وتمنح الأطفال في غزة شعورًا بأنهم ليسوا وحدهم. فالتاريخ لا يحفظ عدد الأهداف فقط، بل أيضًا المواقف الأخلاقية في زمن الاختبار.

 الملك المصري الذي صنع أمجاده في الملاعب مدعو اليوم لأن يثبت أن عرشه لا يقتصر على تسجيل الأهداف، بل يمتد ليشمل الدفاع عن المظلومين. فالملوك الحقيقيون ينصرون من يستنجدون بهم مهما كان الثمن.

 


اقرأ أيضًا:

جميع المقالات المنشورة تعبّر عن رأي أصحابها ولا تعبّر بالضرورة عن رأي المنصة

اترك تعليقا

loader-image
london
London, GB
10:38 pm, Aug 25, 2025
temperature icon 19°C
clear sky
56 %
1012 mb
7 mph
Wind Gust 0 mph
Clouds 2%
Visibility 10 km
Sunrise 6:02 am
Sunset 8:03 pm

آخر فيديوهات القناة

This error message is only visible to WordPress admins

Error 403: The request cannot be completed because you have exceeded your quota..

Domain code: youtube.quota
Reason code: quotaExceeded

Error: No videos found.

Make sure this is a valid channel ID and that the channel has videos available on youtube.com.