كيف تؤثر أحدث بيانات الناتج المحلي الإجمالي في بريطانيا على أموالك
شهد الاقتصاد البريطاني تحسنًا طفيفًا في يونيو بعد شهرين متتاليين من التراجع، ما أثار تساؤلات حول ما إذا كان هذا الارتفاع يعكس بداية تعافٍ مستدام أم مجرد انتعاش مؤقت. وبينما قد تمنح الأرقام الأخيرة بعض الأمل لوزيرة الخزانة راشيل ريفز، يرى خبراء أن الصورة الحقيقية للأسر البريطانية ما زالت تحمل ملامح القلق، في ظل ارتفاع التضخم وتباطؤ نمو الأجور وتراجع فرص العمل.
تباطؤ النمو وسط ضغوط اقتصادية
أفاد مكتب الإحصاءات الوطنية بأن الناتج المحلي الإجمالي لبريطانيا ارتفع بنسبة 0.3% خلال الربع الثاني من العام الجاري، مقارنة بنمو 0.7% في الربع الأول. وجاءت النتيجة أفضل من توقعات المحللين التي كانت تشير إلى 0.1%، بفضل أداء قوي في قطاعات البحث العلمي والهندسة ومبيعات السيارات خلال يونيو. لكن هذه الطفرة جاءت بعد شهرين من الانكماش، ما يثير مخاوف من هشاشة التعافي.
وقالت أليس هاين، محللة الشؤون المالية الشخصية في منصة الاستثمار Bestinvest، إن ضعف النمو يمثل “مؤشر قلق” للمستهلكين، محذرة من أن جمود الأجور وزيادة معدلات التسريح قد يضعان الأسر تحت ضغوط مالية جديدة.
تدهور سوق العمل وارتفاع التضخم
تشير بيانات مكتب الإحصاءات الوطنية إلى أن معدل البطالة بلغ 4.7% في الأشهر الثلاثة حتى يونيو، وهو الأعلى منذ أربع سنوات. كما بقي نمو الأجور – باستثناء المكافآت – عند 5%، فيما انخفض عدد الوظائف الشاغرة بواقع 44 ألفًا ليصل إلى 718 ألفًا، وهو أدنى مستوى منذ أبريل 2021.
وفي الوقت نفسه، ارتفع معدل التضخم وفق مؤشر أسعار المستهلك إلى 3.6% في يونيو، مقارنة بـ 3.4% في مايو، وسط توقعات بنك إنجلترا بوصوله إلى 4% في سبتمبر، أي ضعف الهدف الحكومي البالغ 2%. وترى هاين أن مزيج سوق العمل المتباطئ، والتضخم المرتفع، وتراجع وتيرة زيادة الأجور، والعبء الضريبي الثقيل، يشكل تحديًا حادًا لميزانيات الأسر.
الفائدة والسياسة النقدية وتأثيرها على الأسر
ورغم أن بنك إنجلترا خفّض أسعار الفائدة خمس مرات منذ أغسطس الماضي – كان آخرها 25 نقطة أساس إلى 4% – إلا أن أثر ذلك على تكاليف الاقتراض لم ينعكس بوضوح على جميع القطاعات. وأوضحت هاين أن بعض المقرضين يتوخون الحذر بشأن توقعات مزيد من الخفض، خاصة مع استمرار الضغوط التضخمية، ولا سيما في أسعار الغذاء. وأضافت أن إبقاء الفائدة مرتفعة لفترة أطول قد يوجه ضربة إضافية للأسر التي ما زالت تعاني من آثار أزمة غلاء المعيشة.
وشددت على أهمية تحكم الأسر في شؤونها المالية من الآن، سواء من خلال سداد الديون ذات الفوائد المرتفعة، أو تعزيز المدخرات الطارئة، أو الاستعداد لاحتمال فقدان الوظيفة، مؤكدة أن فترات طويلة من فقدان الدخل قد تكون مدمرة ماليًا، وأن النهج الاستباقي هو الضمانة لتجاوز الصدمات.
تكشف بيانات الناتج المحلي الإجمالي الأخيرة عن اقتصاد يسير بخطوات حذرة وسط رياح معاكسة داخلية وخارجية. وبينما تحاول الحكومة تقديم صورة مطمئنة، فإن المؤشرات على الأرض – من سوق العمل إلى التضخم – تفرض على الأسر تبني استراتيجيات مالية واعية لتفادي الأسوأ. وفي العرب في بريطانيا، نرى أن الحذر المالي الفردي لم يعد خيارًا بل ضرورة، وأن مواجهة التحديات الاقتصادية تتطلب مزيجًا من التخطيط الشخصي والسياسات العادلة التي تحمي المواطن قبل المؤشرات.
المصدر: إكسبريس
إقرأ أيّضا
أبرز عناوين الصحف البريطانية ليوم الجمعة 15 أغسطس 2025
هل سيبقى سبتمبر حارًا بعد موجة الحر الرابعة في بريطانيا؟
نواب بريطانيون يطالبون ستارمر بطرد السفيرة الإسرائيلية فورًا
الرابط المختصر هنا ⬇