العرب في بريطانيا | حين تتحول غزة إلى مقبرة للصحفيين… ومع ذلك نواصل...

1447 صفر 22 | 17 أغسطس 2025

حين تتحول غزة إلى مقبرة للصحفيين… ومع ذلك نواصل التغطية

مقالArtboard-2-copy-3_2 (7)
عاصف حميدي August 13, 2025

بينما يشهد العالم الفظائع المتواصلة في غزة، تتكرر مأساة موازية بوتيرة مروّعة: الاستهداف المتعمّد وقتل الصحفيين. فبعد أن ظن مجتمع الصحفيين في غزة أن الأوضاع لا يمكن أن تزداد سوءًا، أقدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي على جريمة جديدة بدم بارد، باغتيال الزميلين في الجزيرة أنس الشريف ومحمد قريقع، والمصورين إبراهيم طاهر ومحمد نوفل، وعدد من زملائهم، وهم يحتمون بخيمة إعلامية قرب مستشفى الشفاء، حيث استهدفتهم ضربة مباشرة.

استهداف متعمّد وإفلات من العقاب

أنس الشريف (الغارديان)

تسارعت آلة الحرب الإسرائيلية نحو هدفها المعلن باحتلال غزة، دون أن تُبدي أي احترام للقوانين الدولية التي تحظر استهداف الصحفيين. ومنذ اندلاع هذه الحرب، قتلت القوات الإسرائيلية 238 صحفيًّا، لتصبح حرب غزة الأكثر دموية للصحفيين وعام 2024 الأسوأ على الإطلاق، إذ قُتل أغلبهم على أيدي قوات الاحتلال. إن هذا الاستهداف المنهجي ليس مأساة محلية أو إقليمية فحسب، بل هو انتهاك كارثي للمعايير الدولية الخاصة بحماية الصحفيين في مناطق النزاع، وانهيار عالمي لمسؤولية أخلاقية في حماية من يغامرون بكل شيء من أجل كشف الحقيقة.

ولا تقتصر المخاطر على غزة وحدها، فتهديد الصحفيين وترويعهم وقتلهم في تصاعد عالمي، لكن ما يميز جرائم الاحتلال هو الإفلات التام من المحاسبة، واللامبالاة التي تبديها قيادات العالم “الحر”. ويزداد الأمر صدمة عندما تكرر بعض المؤسسات الإعلامية مزاعم الاحتلال الكاذبة بحق الصحفيين المستهدفين دون تحقق.

أخطر زمن على الصحافة في التاريخ الحديث

بكل المقاييس، نحن نعيش أخطر مرحلة على الصحفيين في التاريخ الحديث. ففي 2023، قُتل صحفي أو عامل إعلامي كل أربعة أيام، وفي 2024 ارتفع المعدل إلى قتيل كل ثلاثة أيام، ومعظمهم على يد القوات الإسرائيلية. صحفيو غزة ليسوا مراسلين أجانب هبطوا بالمظلات، بل هم أبناء هذه الأرض، يعيشون مأساتها وهم يوثقونها.

هذه الموجة من العنف ليست عرضية ولا معزولة، بل هي جزء من سياسة منظمة لإسكات الإعلام، يقودها مستبدون يسعون لإخفاء جرائمهم. وهو هجوم على حق العالم في المعرفة، وفهم حجم المعاناة الإنسانية، ومحاسبة الأقوياء على أفعالهم. والأسوأ أن الاحتلال يتّخذ الآن التجويع سلاحًا، فيما يواصل الصحفيون عملهم حتى وهم على حافة الموت جوعًا.

واجب الاستمرار ودعوة للتضامن الدولي

رغم ذلك، نصرّ على أداء واجبنا المهني. سنواصل توثيق الجرائم الجارية بحق المدنيين، وبحق الصحفيين أنفسهم، الذين لا يملكون سوى الكاميرا والميكروفون. لكننا بحاجة إلى تضامن دولي حقيقي، وإلى ضغط كامل على إسرائيل؛ لوقف استهداف الصحفيين، والسماح لوسائل الإعلام الدولية بالعمل بحرية في غزة.

إن حماية الصحفيين واجب عاجل وضروري، ليس لحماية حرية التعبير فقط، بل أيضًا لحماية الحقيقة والعدالة. عمل الصحفيين في غزة هو المسودة الأولى لتاريخ أبشع جريمة إبادة جماعية في القرن الحادي والعشرين، وحرمانهم من أداء دورهم يجعلنا جميعًا أكثر عرضة للدعاية المضللة والتلاعب بالحقائق.

نحن أمام مفترق طرق: إذا واصل العالم الصمت على قتل الصحفيين وتجويعهم واضطهادهم، فإن الخسارة لن تكون للصحافة وحدها، بل للمساءلة والديمقراطية ومستقبل أكثر عدلًا. لهذا يجب تفعيل الأطر القانونية الدولية وتعزيزها؛ لحماية الصحفيين في الحروب، ومحاسبة الحكومات التي تنتهك هذه القوانين. إن شجاعة الصحفيين وتضحياتهم في غزة تفرض علينا دعمهم بالكامل، وأي تقاعس سيُسجّل في التاريخ بوصفه إخفاقًا أخلاقيًّا فادحًا في حماية من وقفوا في الصفوف الأمامية للحقيقة.

 

المصدر: الغارديان 


إقرأ أيّضا

اترك تعليقا

loader-image
london
London, GB
4:53 am, Aug 17, 2025
temperature icon 13°C
clear sky
85 %
1025 mb
5 mph
Wind Gust 0 mph
Clouds 0%
Visibility 10 km
Sunrise 5:49 am
Sunset 8:20 pm