أسبوع من المداهمات.. اعتقال مئات من طالبي اللجوء العاملين في شركات التوصيل
شهدت بريطانيا حملة أمنية مكثفة استمرت أسبوعًا، واستهدفت طالبي لجوء يعملون في شركات توصيل الطعام ضمن ما وصفته وزارة الداخلية البريطانية بـ”أسبوع وطني”، ركز على مناطق انتشار العمل غير القانوني، وبخاصة في قطاع العمل الحر، حيث تُسند المهام على أساس قصير الأجل أو مهمة بمهمة.
وبحسَب بيانات وزارة الداخلية، فقد جرى توقيف 1,780 شخصًا واستجوابهم؛ للاشتباه في تورطهم في أنشطة عمل غير قانوني، وذلك بين الـ20 والـ27 من تموز/يوليو الماضي، وأسفرت الحملة عن اعتقال 280 شخصًا في مناطق مختلفة، شملت هيلينغدون شمال غرب لندن، ودمفريز في اسكتلندا، ومدينة برمنغهام.
وأوضحت الوزارة أن 89 شخصًا من بين المعتقلين احتُجِزوا بانتظار ترحيلهم من البلاد، فيما يخضع 53 آخرون لمراجعة دعم اللجوء المقدم لهم، وهو ما قد يؤدي إلى تعليقه أو سحبه بالكامل.
تركيز على شركات التوصيل والاقتصاد الحر
أكدت وزارة الداخلية أن الحملة ركزت على القطاعات التي تشهد نشاطًا واسع النطاق في العمل غير القانوني، مثل خدمات توصيل الطعام، حيث يُتوقع من العاملين امتلاك تصاريح عمل سارية.
كما أعلنت أن فرق إنفاذ قوانين الهجرة ستحصل على خمسة ملايين باوند إضافية من أصل مئة مليون خُصِّصت سابقًا لتعزيز أمن الحدود، وذلك بهدف تكثيف الزيارات الميدانية خلال الأشهر المقبلة.
وفي السياق نفسه، أعلنت شركات “ديلفرو” و”أوبر إيتس” و”جست إيت” عن خطط لتعزيز إجراءات التحقق من هُوية العاملين، من خلال الفحص بالوجه وتشديد تدابير كشف الاحتيال، بهدف منع الأشخاص من العمل كسائقي توصيل دون إذن قانوني.
تصريحات رسمية وتحذيرات
وفي هذا السياق قالت مسؤولة أمن الحدود، أنجيلا إيغل: إن “العمل غير القانوني يقوض أمن الحدود البريطانية، والحكومة تشن حملة صارمة للتصدي له”.
وأضافت: “كثفنا نشاطنا على مستوى البلاد لملاحقة من يعتقدون أنهم قادرون على الإفلات من قوانين الهجرة والعمل”.
كما أُصِدرت إخطارات عقوبة بحق 51 مؤسسة، من بينها مطاعم ومحطات لغسل السيارات، قد تواجه غرامات كبيرة في حال ثبوت تشغيلها لأشخاص من دون حق قانوني للعمل.
وأكد إيدي مونتغومري، مدير الإنفاذ بوزارة الداخلية، أن الضباط يعملون “على مدار الساعة” ضد المخالفين، مشيرًا إلى أن طالبي اللجوء في بريطانيا يُمنعون في العادة من العمل أثناء النظر في طلباتهم، إلا أن بإمكانهم التقدم بطلب إذن للعمل بعد مرور عام على تقديم الطلب.
اعتقال مئات من طالبي اللجوء
تأتي هذه الحملة في إطار خطة حكومية أوسع تستهدف ما تسميه “عوامل الجذب” التي تشجع المهاجرين على القدوم إلى بريطانيا.
وتشمل الإجراءات الجديدة مشاركة معلومات عن مواقع الفنادق التي تستضيف طالبي اللجوء مع شركات التوصيل، بزعم منع استغلالها كمراكز لعمليات توصيل غير قانونية.
وفي تعليق سياسي على الحملة، قال وزير الداخلية في حكومة الظل، كريس فيلب: إن حزب المحافظين يعتزم تجريد طالبي اللجوء من وضعهم القانوني وترحيلهم في حال تورطهم في عمل غير قانوني، مشيرًا إلى أن “هذه القضية لم تكن لتكشف لولا أنني سلطت الضوء على ما تجاهله حزب العمال”.
ووصف فيلب أحد الفنادق التي تستضيف طالبي اللجوء بأنه “مركز للسوق السوداء في وضح النهار”، على حد تعبيره، في إشارة إلى مشاهدته سائقي توصيل يعملون دون تصريح، مضيفًا: “العماليون الآن يتفاخرون بالاعتقالات، لكنهم يخشون ترحيل أي شخص. المخالفون ما زالوا يقيمون في الفنادق ويحصلون على المساعدات، وهذه فوضى يسمح حزب العمال باستمرارها”.
ضرورة التوازن بين إنفاذ القانون وحماية حقوق طالبي اللجوء
ترى منصة العرب في بريطانيا (AUK) أن الحملة الأمنية التي استهدفت طالبي اللجوء العاملين في شركات التوصيل تثير العديد من التساؤلات عن التوازن بين إنفاذ القانون وضمان الحقوق الإنسانية، خصوصًا أن الكثير من هؤلاء الأفراد يعيشون أوضاعًا اقتصادية صعبة ويعتمدون على العمل لتأمين احتياجاتهم الأساسية.
وتؤكد المنصة أن القوانين البريطانية التي تمنع طالبي اللجوء من العمل خلال فترات الانتظار الطويلة، التي قد تمتد لأكثر من عام، تضعهم في دائرة الفقر والعوز، ما يدفع بعضهم إلى البحث عن فرص عمل غير قانونية. وترى أن الحل لا يكمن في المداهمات والاعتقالات فقط، بل في إصلاح السياسات لمنح طالبي اللجوء الحق في العمل بشروط منظمة، بما يضمن لهم الكرامة ويحد من الاستغلال.
كما تعبر المنصة عن قلقها من أن تبادل المعلومات عن مواقع إقامة طالبي اللجوء مع شركات خاصة قد يشكل مساسًا بخصوصيتهم وأمنهم، وقد يؤدي إلى وصمهم مجتمعيًّا. وتنبّه إلى أن أي إجراءات لمكافحة العمل غير القانوني يجب أن تراعي مبادئ العدالة، وألا تتحول إلى حملات تمييزية تستهدف فئات بعينها.
المصدر: سكاي نيوز
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇
25°C
