العرب في بريطانيا | دور بريطانيا في العدوان على غزة: لماذا لم تطرد ...

1446 ذو الحجة 18 | 15 يونيو 2025

دور بريطانيا في العدوان على غزة: لماذا لم تطرد لندن سفيرة إسرائيل حتى الآن؟

دور بريطانيا في العدوان على غزة: لماذا لم تطرد لندن سفيرة إسرائيل حتى الآن؟
خلود العيط June 9, 2025

في ظل اتساع رقعة الغضب الشعبي في بريطانيا تجاه العدوان الإسرائيلي على غزة، ومع تزايد الدعوات لطرد السفيرة الإسرائيلية تسيبي حوتوفيلي من لندن، تواصل حكومة كير ستارمر التزام الصمت، متمسكة بعلاقاتها المتينة مع تل أبيب رغم الاتهامات المتصاعدة بارتكاب إسرائيل جرائم إبادة جماعية في القطاع.

فبينما تتناقل وسائل الإعلام البريطانية والعالمية صورًا فاجعة لأطفال يعانون من المجاعة في غزة، تُشبّه صورهم بما حدث لليهود في معسكرات الاعتقال النازية، لم تتجاوز ردود فعل الحكومة البريطانية حدود التصريحات الرمزية، في وقت يرى فيه كثير من البريطانيين أن المملكة المتحدة متواطئة في العدوان من خلال استمرار دعمها العسكري والسياسي لإسرائيل.

إجراءات شكلية وعلاقات تجارية مستمرة

إسرائيل تصور الوفد البرلماني البريطاني سرًّا.. والعمال يستنكرون

وكان بوسع رئيس الوزراء كير ستارمر أن يتخذ خطوات جوهرية تُظهر رفضه الحقيقي لما يحدث في غزة، منها وقف صادرات الأسلحة إلى إسرائيل، ومنع نقل الأسلحة الأمريكية والألمانية عبر الأراضي البريطانية، ووقف تبادل المعلومات الاستخبارية التي تُجمَع من الطائرات البريطانية فوق القطاع.

كما كان بإمكان بريطانيا الاعتراف رسميًّا بدولة فلسطين، أو اتخاذ إجراءات قانونية ضد جنود بريطانيين إسرائيليين يشاركون في العمليات العسكرية. إلا أن الحكومة لم تُنفّذ أيًّا من هذه الخيارات.

حتى القرار الوحيد الذي أُعلن بوصفه “عقوبة” في سبتمبر الماضي، والمتمثل في خفض صادرات الأسلحة بنسبة 8 في المئة، تبيّن لاحقًا أنه إجراء شكلي لا أثر له، إذ كشفت بيانات رسمية أن صادرات الأسلحة البريطانية لإسرائيل سجّلت أرقامًا قياسية في الأشهر التالية للإعلان.

وفي خطوة رمزية أخرى، أعلنت الحكومة تأجيل جولة جديدة من المحادثات التجارية مع إسرائيل؛ احتجاجًا على منع دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، قبل أن يظهر مبعوث التجارة البريطاني في زيارة رسمية لحيفا، في إشارة واضحة إلى استمرار المصالح التجارية بين البلدين.

حوتوفيلي.. دبلوماسية أم صوت رسمي للإبادة؟

ولكنّ أكثر ما يثير الجدل الشعبي والحقوقي في بريطانيا اليوم هو استمرار وجود السفيرة الإسرائيلية تسيبي حوتوفيلي في منصبها، رغم سجلها الحافل بالتصريحات التي تُعَدّ -وفق محللين- تبريرًا صريحًا لسياسات الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين.

فالسفيرة الحالية ليست دبلوماسية تقليدية، بل سياسية يمينية متطرفة من حزب الليكود، ومن أبرز المدافعين عن مشروع “إسرائيل الكبرى”، وقد عُرفت بتصريحاتها العنيفة منذ أن كانت نائبة في الكنيست، وصولًا إلى تولّيها وزارة الاستيطان ثم منصبها الحالي في لندن.

وخلال العدوان الأخير على غزة، ظهرت حوتوفيلي في مقابلات إعلامية تُبرّر فيها استهداف البنية التحتية المدنية في القطاع، ويشمل ذلك المدارس والمستشفيات، بل قالت علنًا: إن “إسرائيل مسموح لها بمهاجمة المستشفيات”، متجاهلة قوانين الحرب والمواثيق الدولية.

وفي حوارها مع الإعلامي بيرس مورغان، رفضت الكشف عن عدد الأطفال الذين قتلتهم إسرائيل، معتبرة أن “الأرقام غير مهمة”، في موقف اعتبره كثيرون استهانة صريحة بحياة المدنيين، بل تبريرًا للقتل الجماعي.

ولا تخفي حوتوفيلي تطرفها القومي والديني، فقد صرّحت في مناسبات عدّة أن “كل الأرض لنا”، في رفض صريح لأي حل سياسي يضمن إقامة دولة فلسطينية. كما وصفت الفلسطينيين بأنهم “شعب متطرف”، واعتبرت أن الدعوة إلى المساواة بين اليهود والعرب في المنطقة الممتدة “من النهر إلى البحر” هو دعوة للـ”إبادة”، متجاهلة دعوات التعايش وحقوق الإنسان.

كما دعمت جماعات متطرفة مثل “لهافا” التي تُعارض الزواج بين اليهود وغير اليهود، وأعلنت أن “النكبة مجرد كذبة عربية”، في إنكار صريح لتاريخ تهجير الفلسطينيين عام 1948.

لماذا تصمت الحكومة البريطانية؟

بريطانيا ترسل طائرة تجسس فوق غزة وسط تهديدات إسرائيلية لسفينة "مادلين"

ورغم هذه التصريحات والمواقف المثيرة للجدل، لم تتحرك الحكومة البريطانية لاتخاذ أي إجراء ضد حوتوفيلي، بل فرضت الشرطة البريطانية طوقًا أمنيًّا حول محل إقامتها في لندن؛ لحمايتها من احتجاجات نظمها يهود مناهضون للصهيونية.

وقد تجاوز عدد الموقعين على عريضة تطالب بطردها من بريطانيا 170 ألف شخص، ما يؤهلها للنقاش في البرلمان، لكن الجلسة لم تُعقَد حتى الآن، ويُعتقد أنها لن تُعقَد في ظل الدعم السياسي الواسع الذي تحظى به السفيرة من مختلف الأحزاب الكبرى.

هذا الصمت الرسمي يثير تساؤلات كثيرة عن موقف بريطانيا الحقيقي من الحرب، وما إذا كانت تصريحات ستارمر بشأن رفض “المشاهد المروّعة” في غزة مجرد تغطية إعلامية، بينما تتواصل العلاقات العسكرية والدبلوماسية والاقتصادية مع إسرائيل دون انقطاع.

رأي منصة العرب في بريطانيا

ترى منصة “العرب في بريطانيا” (AUK) أن استمرار الحكومة البريطانية في استضافة ممثلين عن حكومة تُتّهم دوليًّا بارتكاب جرائم حرب -من بينهم السفيرة تسيبي حوتوفيلي- يتعارض مع القيم التي يُفترض أن تدافع عنها الديمقراطيات الغربية، وفي مقدمتها حقوق الإنسان وحماية المدنيين.

وإذ تُشيد المنصة بالوعي الشعبي المتزايد في أوساط البريطانيين تجاه معاناة الفلسطينيين، فإنها تدعو الحكومة إلى احترام إرادة الرأي العام، والنظر بجدية في المطالب المنادية بطرد السفيرة ومراجعة علاقاتها مع إسرائيل.

كما تُوصي المنصة العائلات العربية والمسلمة في بريطانيا بتشجيع النقاشات الهادئة مع أبنائهم بشأن العدالة وحقوق الإنسان، وتحفيزهم على الانخراط في أنشطة مدنية سلمية تساهم في رفع الصوت المجتمعي، مع التمسك بالقانون البريطاني وقيم الاحترام المتبادل.

 

المصدر: Declassified 


اقرأ أيضًا:

اترك تعليقا

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني.

loader-image
london
London, GB
5:13 pm, Jun 15, 2025
temperature icon 24°C
scattered clouds
42 %
1022 mb
12 mph
Wind Gust 0 mph
Clouds 47%
Visibility 10 km
Sunrise 4:42 am
Sunset 9:19 pm