بريطانيا تواصل عمليات التجسس على غزة وسط استمرار الإبادة الجماعية

خلود العيط June 9, 2025

في تطور مثير للجدل يسلّط الضوء على موقف بريطانيا من العدوان الإسرائيلي على غزة، أرسلت الحكومة البريطانية طائرة تجسس فوق القطاع المحاصر بالتزامن مع التهديدات الإسرائيلية باعتراض سفينة “مادلين”، التي ترفع العلم البريطاني، وتُبحر في مهمة إنسانية نحو غزة. ويُذكر أن الزوارق الحربية الإسرائيلية قد حاصرت سفينة “مادلين” فجر اليوم الإثنين، واعتقلت النشطاء الذين كانوا على متنها والبالغ عددهم 12 ناشطًا، واقتادت السفينة إلى ميناء أسدود الإسرائيلي.

طائرة مراقبة بريطانية فوق غزة

وقد أقلعت طائرة بريطانية من طراز (Shadow R1) عصر الأحد من قاعدة سلاح الجو الملكي في أكروتيري بقبرص، باتجاه الأراضي الفلسطينية. الطائرة، المخصصة لجمع معلومات استخبارية “شاملة”، وُضعت في الخدمة الجوية بينما كانت سفينة “مادلين” التابعة لأسطول الحرية تُبحر نحو غزة لنقل مساعدات إنسانية.

وبحسَب بيانات طيران مفتوحة المصدر، كانت الطائرة تُحلّق فوق المنطقة حتى الساعة الـ7:55 مساءً، قبل أن تُغلَق أجهزة الإرسال التي تكشف مسارها. الطائرة حملت رمز التعريف (RFR7144)، وهو الرمز نفسه الذي استخدمته بريطانيا في عدة عمليات مراقبة سابقة فوق غزة.

وقد نشر الصحفي البريطاني مات كينارد مخططًا لمسار الطائرة، وعلّق قائلًا: “بريطانيا تُرسل رحلة تجسس جديدة من قاعدة أكروتيري فوق غزة لجمع معلومات لمصلحة إسرائيل، بينما تواجه سفينة مادلين تهديدات من هذا النظام”.

إسرائيل تُهدّد باعتراض السفينة

وفي سياق متصل، صرّح وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس الأحد بأنه أصدر أوامره للجيش الإسرائيلي بمنع السفينة من الوصول إلى غزة. وأضاف في تصريح عدائي: “إلى غريتا (ثونبرغ) المعادية للسامية وأصدقائها، أقول بوضوح: لن تصلوا إلى غزة”.

واعتبر كاتس أن “الحصار البحري المفروض على غزة هدفه منع تهريب الأسلحة إلى حماس، التي تحتجز أسرانا وترتكب جرائم حرب”، على حدّ وصفه.

ومع أن السفينة ترفع العلم البريطاني، وجّه طاقمها عدة نداءات إلى الحكومة البريطانية لتوفير الحماية، إلا أن هذه النداءات لم تلقَ استجابة واضحة. وبدلًا من ذلك، استمرت عمليات المراقبة الجوية البريطانية، في ظل صمت رسمي.

سجل بريطاني طويل في المراقبة

وكان تقرير لمجلة (UK Defence Journal) قد كشف في يونيو الجاري أن سلاح الجو البريطاني نفّذ أكثر من 250 طلعة مراقبة قرب غزة منذ الـ3 من ديسمبر 2023. وأشار التقرير إلى أن طائرات من طراز (Shadow R1)، وتحديدًا التي تحمل رمز (RFR7145)، قادت هذه العمليات.

كما رُصدت طائرة (RFR7144) في مهمة مشابهة بتاريخ الـ20 من مايو، أي بعد ساعات فقط من تصريح وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي الذي وصف فيه ممارسات إسرائيل في غزة بـ”الوحشية”، وأعلن تعليق صفقة تجارة حرة مع تل أبيب.

ورغم هذه المعطيات، تواصل وزارة الخارجية البريطانية نصح مواطنيها بعدم دخول قطاع غزة، وتنبّه إلى ضرورة التزام إسرائيل بالقانون الدولي.

من جانبها قالت وزارة الدفاع البريطانية في تصريح سابق: إن “طلعات سلاح الجو فوق غزة تستهدف تحديد مواقع الأسرى” فقط، منبّهة إلى أن “المعلومات التي تُنقَل إلى السلطات الإسرائيلية تُقيَّد بما يتعلق بإنقاذ الأسرى فقط”.

وقد تواصلت وسائل الإعلام مجددًا مع الحكومة البريطانية للتعليق على التطورات، لكن دون صدور رد رسمي حتى الآن.

رأي منصة العرب في بريطانيا

نرى في منصة العرب في بريطانيا أن إرسال بريطانيا طائرة تجسس في هذا التوقيت، أثناء تعرض سفينة إنسانية ترفع علمها لتهديد مباشر، يُثير تساؤلات جدية عن التزامات لندن الأخلاقية والدبلوماسية في العدوان القائم.

ونرى أيضًا أن الصمت البريطاني إزاء تهديد إسرائيل لسفينة تحمل ناشطين مسالمين ومساعدات طبية وغذائية، يتعارض مع مبادئ القانون الدولي، ويقوّض المصداقية الأخلاقية للسياسة الخارجية البريطانية، لا سيما في ضوء ما تعلنه لندن من دعمها للعدالة وحقوق الإنسان حول العالم.