تهديد بفقدان أكثر من 25 ألف وظيفة في بريطانيا لهذا السبب
حذّرت كبرى شركات صناعة السيارات الفاخرة في المملكة المتحدة من موجة تسريحات وشيكة في صفوف عمالها، في ظل تداعيات الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على واردات السيارات الأجنبية، مع مطالبات حكومية عاجلة بوضع خطة دعم فوري للقطاع الصناعي.
وتعتمد علامات بريطانية عريقة مثل “أستون مارتن” و”بنتلي” و”جاغوار لاند روفر” و”ماكلارين” كثيرًا على السوق الأميركية، التي تمثّل ما بين 30 في المئة إلى 50 في المئة من صادراتها، ما يجعلها عرضة مباشرة للضرر الناتج عن الرسوم الجديدة التي تبلغ 25 في المئة.
ضغوط “فورية وشديدة” على المصانع البريطانية
قال مايك هاوز، الرئيس التنفيذي لجمعية مصنّعي وتجار السيارات (SMMT)، خلال جلسة استماع أمام لجنة الأعمال في مجلس العموم: إن تأثير الرسوم الأميركية على قطاع السيارات الفاخرة في بريطانيا “شديد، وفوري، وملموس”.
وأوضح هاوز أن “الافتراض القائل بأن من يقدر على شراء سيارة بـ200 ألف باوند يمكنه دفع 250 ألفًا بسهولة، هو افتراض خاطئ”. وأضاف: “الأثرياء يتصرفون بحذر شديد، وهم يراقبون السوق عن كثب. وحين يدركون أن السيارة ستصبح أغلى بنسبة 25 في المئة، فإنهم سيتريّثون، وسيُرجئون الشراء؛ لأن هذا الإنفاق بالنسبة لهم يبقى ترفيًّا وليس ضرورة”.
وأشار إلى أن شركات السيارات تحاول حاليًّا تسريع شحن مخزونها الحالي إلى الولايات المتحدة قبل تفاقم الأزمة، لكن الحاجة إلى اتخاذ قرارات صعبة -مثل تسريح العمال- قد تظهر خلال “أسابيع”، ما لم توفر الحكومة دعمًا مباشرًا.
دعوات عاجلة لاتفاق تجاري مع واشنطن
وأكد هاوز ضرورة التوصل إلى اتفاق تجاري “سريع وفعّال” مع الولايات المتحدة يدعم قطاع السيارات البريطاني. وفي حال تعذّر ذلك، دعا إلى إقرار “آلية دعم مالي عاجل”، على غرار برنامج الإجازات المدفوعة (furlough) الذي اعتُمد خلال وباء كورونا.
واقترح تقديم حوافز ضريبية لشركات السيارات، مثل إعفاءات مؤقتة من ضريبة القيمة المضافة أو التأمينات الوطنية، إضافة إلى منح مرونة في الدفع من قبل هيئة الضرائب والجمارك البريطانية.
قال ليام بيرن، رئيس لجنة الأعمال البرلمانية عن حزب العمال: إن “الوزراء محقون في الرهان على إبرام اتفاق مع الولايات المتحدة لدرء هذا الخطر الحقيقي، لكن الأمل وحده لا يشكّل خطة”.
وأضاف: “نحتاج إلى خطة إنقاذ قوية تدعم هذا القطاع العالمي: حوافز لزيادة المبيعات الداخلية، وحملة لتقليص تكاليف الطاقة، ودعم مباشر للمُصدّرين كي لا يفقدوا القدرة على المنافسة”.
وكشفت شركة “جاغوار لاند روفر” عن تعليق شحناتها إلى الولايات المتحدة مؤقتًا، فيما قالت “أستون مارتن”: إنها ستحاول تمرير جزء من تكاليف الرسوم إلى المستهلك الأميركي. وتشير مصادر مطّلعة إلى أن الخسائر المتوقعة للشركة قد تصل إلى 30 مليون باوند، وهو ما قد يقضي بالكامل على الأرباح المتوقعة لهذا العام.
بحسَب معهد أبحاث السياسات العامة (IPPR)، يواجه أكثر من 25 ألف عامل في قطاع السيارات البريطاني خطر فقدان وظائفهم إذا تراجعت الصادرات إلى السوق الأميركية.
ويأتي هذا الخطر في وقت تواجه فيه شركات السيارات البريطانية عقبات إضافية، تشمل تباطؤ المبيعات في أوروبا، وارتفاع تكاليف التحوّل نحو السيارات الكهربائية. وكانت “فورد” قد أعلنت العام الماضي إلغاء 800 وظيفة، في حين كشفت “ستيلانتيس”، المالكة لشركة “فوكسهول”، عن نيتها إغلاق مصنع الشاحنات في لوتون، ما يهدد 1100 وظيفة أخرى.
قطاع التصنيع يطالب بالحسم
قال ستيفن فيبسون، المدير التنفيذي لاتحاد الصناعات “ميك يو كيه”: إن العديد من شركات التصنيع بدأت بالفعل تطبيق خطط طوارئ؛ تحسّبًا لتراجع التبادل التجاري مع الولايات المتحدة.
وأوضح فيبسون أمام اللجنة البرلمانية أن أكثر القطاعات المتضررة من الرسوم الأميركية هي الصلب والسيارات، مضيفًا: “نحن لا نعلم من يوم إلى آخر ما إذا كان ترامب سيجمّد الرسوم أو يغيّرها. هذا يجعل من شبه المستحيل التخطيط للاستثمار”.
وأشار إلى أن بعض المصنّعين يعوّلون على الأسابيع المقبلة لتوقيع اتفاق، “وإلا فإن المرحلة التالية ستكون حتمًا تقليص الوظائف بنسبة كبيرة”، وهو ما وصفه بأنه “النتيجة الحتمية لانخفاض حجم الإنتاج والتصدير”.
في ظل هذا التصعيد، يبدو أن قطاع السيارات البريطاني يقترب من مفترق طرق حاسم، يفرض على الحكومة اتخاذ قرارات سريعة وحاسمة، لا لحماية شركات عملاقة فحسب، بل للحفاظ على عشرات الآلاف من الوظائف التي تمثّل ركيزة اقتصادية لمجتمعات صناعية بأسرها.
المصدر: فينانشال تايمز
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇
11°C
