أعضاء في أكبر هيئة يهودية في بريطانيا يدينون العدوان الإسرائيلي على غزة

في خطوة نادرة تعبّر عن صحوة ضمير وارتفاع أصوات الأحرار داخل المجتمع اليهودي في بريطانيا، وجّه 36 عضوًا من مجلس ممثلي اليهود البريطانيين –أكبر هيئة تمثيلية ليهود بريطانيا– رسالة مفتوحة أدانوا فيها بشدّة العدوان الإسرائيلي على غزة، مؤكدين أنهم لم يعودوا قادرين على “غض الطرف أو التزام الصمت” إزاء ما وصفوه بانحدار أخلاقي وإنساني خطير.

الرسالة، التي نُشرت في صحيفة فاينانشال تايمز، جاءت على لسان الموقعين بصفتهم “ممثلي الجالية اليهودية البريطانية، ومن منطلق القيم الأخلاقية والإنسانية والدينية التي يؤمنون بها”، لتشكّل تحديًا واضحًا للصمت المعتاد والدعم غير المشروط الذي لطالما حظيت به الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة.

أكبر هيئة يهودية في بريطانيا تدين عدوان إسرائيل على غزة

وجاء في الرسالة:
“نكتب بدافع القيم التي تربّينا عليها، لأن الرغبة في غضّ الطرف قوية، لكن ما يحدث لا يُطاق. قيمنا تُحتم علينا أن نقف ونتحدث”.

وأضافت الرسالة أن ما كشفته تجربة الـ18 شهرًا الماضية من الحرب على غزة يُثبت أن المسار العسكري لا يحقق سلامًا ولا يعيد الأسرى، بل يفاقم المأساة. إذ أُفرج عن 135 أسيرًا عبر التفاوض، مقابل 8 فقط بالعمل العسكري، في حين قُتل 3 أسرى بنيران الجيش الإسرائيلي نفسه.

كما شدد الموقعون على أن المجتمع الدولي –بقيادة الولايات المتحدة وقطر ومصر– أحرز تقدمًا ملموسًا نحو التهدئة، من خلال صفقة تبادل وإعادة إعمار بإشراف قيادة فلسطينية بديلة، لكن الحكومة الإسرائيلية، وبدافع من مساومات سياسية داخلية، قررت خرق وقف إطلاق النار وشنّ ما سمّي بـ“هجوم إيتمار”، تلبية لمطالب الوزير المتطرف إيتمار بن غفير، في محاولة لتمرير الموازنة وتثبيت الحكومة.

كارثة إنسانية متجددة

وتابعت الرسالة: “منذ ذلك الحين، لم يُفرَج عن أي أسير جديد. في المقابل، قُتل مئات الفلسطينيين، ومُنع دخول الغذاء والوقود والإمدادات الطبية إلى غزة، وعادت الحرب إلى أشدّ صورها وحشية، في ظل مخاوف من تكرار مشاهد مروعة مثل قتل 15 مسعفًا ودفنهم في قبر جماعي.

وأكدت الرسالة: “نعلم في أعماقنا أنه لا يمكننا غضّ الطرف أو التزام الصمت تجاه هذا الفقدان المتجدد للأرواح والأرزاق، في وقت تتلاشى فيه الآمال في مصالحة سلمية وعودة الأسرى”.

ووصف الموقعون الحكومة الإسرائيلية بأنها “الأكثر تطرفًا في تاريخ إسرائيل”، متهمين إياها بتسويغ العنف ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، وخنق الاقتصاد الفلسطيني، وتوسيع الاستيطان بوتيرة غير مسبوقة.

كما اتهموا الحكومة بمحاولة تقويض الديمقراطية داخل إسرائيل نفسها، من خلال الهجوم على استقلال القضاء، وتحول الشرطة إلى ما يُشبه الميليشيات، وتمرير قوانين قمعية تُغذّي الاستقطاب السياسي والمجتمعي.

وأضافوا: “روح إسرائيل تُنتزَع، ونحن -بصفتنا أعضاء في مجلس ممثلي اليهود البريطانيين – نخشى على مستقبل إسرائيل التي نحبها ونرتبط بها بشدة”.

وحذّرت الرسالة من أن “الصمت يُعَدّ دعمًا لسياسات تتناقض مع القيم اليهودية”. وأشادت بالاحتجاجات التي يقودها أهالي الأسرى، والتي ضمّت مئات الآلاف من الإسرائيليين الغاضبين من استمرار الحرب وعدم إعطاء الأولوية لإعادة الأسرى.

وقالت: “نقف معهم. نرفض الحرب. نعترف ونرثي الأرواح الفلسطينية التي فُقدت. ونحلم باليوم التالي لهذا النزاع، حين يمكن أن تبدأ المصالحة”.

فصل آخر من النقد الداخلي: إسرائيل تتبع “أسلوب ترامب”

وفي تعليق لهيئة الإذاعة البريطانية (BBC)، قال أحد الموقعين، وهو المحامي فيليب غولدنبرغ: إن الحكومة الإسرائيلية “تتبع بالكامل أسلوب ترامب”، ويشمل ذلك “شيطنة المعارضين”. وأضاف: “هذا ليس ما تُمثله إسرائيل”.

وأكد أن هناك طيفًا واسعًا من الآراء بين اليهود البريطانيين، فبعضهم عارض هذه الخطوة، وبعضهم وافق على الرسالة لكنهم “لا يريدون رفع رؤوسهم فوق المتراس”، في إشارة إلى الخوف من الانتقاد.

واعتبر غولدنبرغ أن ما يحدث في غزة يُمثّل “خرقًا تامًّا للقيم الأخلاقية اليهودية”، مضيفًا: “نتنياهو يسبب للمشروع الصهيوني ضررًا أكبر مما يمكن أن تلحقه به حماس”.

من جانبه قال متحدث باسم مجلس نواب اليهود: إن أعضاء آخرين قد يركّزون على “المسؤولية الأساسية التي تتحمّلها حماس عن الوضع الحالي”، وعلى ضرورة “منع تكرار الجرائم المروعة التي وقعت في الـ7 من أكتوبر”.

ورغم تنوع وجهات النظر داخل الجالية اليهودية البريطانية، أكد المتحدث وجود “وحدة كبيرة” في رغبتهم برؤية “إطلاق سراح الأسرى المتبقين، وتدفق المساعدات إلى غزة، وتحقيق تقدُّم حاسم نحو سلام وأمن دائمَين للإسرائيليين والفلسطينيين والمنطقة بأسرها”.

الموقعون على رسالة مجلس ممثلي اليهود البريطانيين:

• Harriett Goldenberg
• Baron Frankal
• Sophie Hasenson
• Robert Stone
• Deborah Barnett
• Lottie Blankstone
• Eddie Cawston
• Noemi Csogor
• Annabelle Daiches
• Leigh Dworkin
• Zac Bates-Fisher
• Ido Ben-Shaul
• Jane Ginsborg
• Philip Goldenberg
• Daniel Grossman

المصدر: الغارديان وفاينانشال تايمز 

اقرأ أيضًا:

• جمعيات يهودية بريطانية متورطة بدعم الإبادة في غزة
• انتقادات لصحيفة يهودية ربطت دعم الفلسطينيين بمعاداة السامية
• مؤسسة يهودية في بريطانيا تخضع للتدقيق بسبب تبرعات للجنود الإسرائيليين

• #الإبادة الجماعية
• #الفصل العنصري
• #بريطانيا
• #غزة
• #مجلس ممثلي اليهود البريطانيين