العمال يتعهدون بانتشار أكبر للشرطة على الطرقات لردع “الرعونة”
في خطوة تهدف إلى تعزيز الأمن العام ومواجهة تصاعد السلوكيات المعادية للمجتمع، تعهدت وزيرة الداخلية البريطانية، إيفيت كوبر، بتمكين الشرطة من فرض قوانين أكثر صرامة ضد المشاغبين والمخالفين، مع انتشار أكبر للشرطة في الأحياء وعلى الطرقات.
يأتي ذلك ضمن مشروع قانون الجريمة والشرطة الجديد، الذي سيتم التصويت عليه في مجلس العموم هذا الأسبوع، وسط مخاوف متزايدة من تزايد الجرائم والتعديات على الأفراد والممتلكات في الأماكن العامة.
إجراءات جديدة لمكافحة الفوضى في الشوارع
أكدت كوبر أن الحكومة العمالية تسعى لاستعادة الثقة في الشرطة من خلال منحها سلطات موسعة، بعدما شهدت البلاد سنوات من “الضعف والتقاعس” في التعامل مع السلوكيات غير القانونية تحت حكم المحافظين.
وأوضحت أن أحد أبرز الإجراءات الجديدة هو فرض “أوامر الاحترام”، التي ستمنح السلطات المحلية والشرطة صلاحيات لحظر المشاغبين والمعتدين من دخول مراكز المدن والشوارع التجارية والحدائق العامة، وهي المناطق التي عانت طويلًا من الفوضى والعنف.
وأضافت أن هذه الأوامر ستوفر أدوات قانونية حاسمة لمواجهة المخالفين المتكررين، حيث ستصبح انتهاكاتها جريمة جنائية يعاقب عليها بالسجن لمدة تصل إلى عامين.
علاوة على ذلك، قد يضطر المخالفون إلى الخضوع لدورات إلزامية لإدارة الغضب أو علاج إدمان الكحول، كجزء من الإجراءات التصحيحية.
وقالت كوبر في بيان لها: “هذا القانون سيجعل بلادنا أكثر أمانًا من خلال استعادة الشرطة المجتمعية، وتعزيز الثقة العامة في العدالة، ومنح الشرطة والسلطات المحلية الأدوات اللازمة لحماية المواطنين. بعد سنوات من الاستجابات غير الحاسمة، ستساعد أوامر الاحترام الجديدة في التعامل بحزم مع المخالفين المتكررين الذين يعيثون فسادًا في الأماكن العامة.”
تشديد الإجراءات ضد المركبات الخطرة والسلوك المتهور
إلى جانب التعامل مع السلوكيات المعادية للمجتمع، ستُمنح الشرطة سلطات جديدة لمصادرة المركبات المستخدمة بشكل غير قانوني، بما في ذلك الدراجات النارية غير المرخصة والدراجات الكهربائية الخطرة، دون الحاجة إلى تحذير مسبق.
ويهدف هذا الإجراء إلى مواجهة تزايد استخدام المركبات في عمليات الهروب من الشرطة أو في ارتكاب جرائم مثل: السرقات والاعتداءات.
وفي ظل هذه التعديلات، ستتاح الفرصة للهيئات العامة، مثل المجالس المحلية وإدارات النقل والشرطة ووكالة البيئة وهيئة مكافحة الاحتيال التابعة لهيئة الصحة الوطنية، للتقدم بطلب للحصول على أوامر الاحترام، ما يعزز من دورها في التصدي للمخالفات.
ارتفاع معدلات العنف في الأماكن العامة يثير القلق
يأتي طرح هذا القانون في وقت حرج، حيث كشفت تقارير حديثة عن ارتفاع ملحوظ في معدلات العنف والإساءات اللفظية والجسدية ضد العاملين في قطاع التجزئة والضيافة.
وأفاد تقرير صادر عن سلسلة مطاعم ماكدونالدز بأن حوادث الاعتداء الجسدي واللفظي على موظفيها زادت بنسبة 64%، في حين شهدت الحوادث المعادية للمجتمع ارتفاعًا مذهلًا بنسبة 148% منذ عام 2019.
وكتب أندرو مويس، نائب رئيس ماكدونالدز في المملكة المتحدة وأيرلندا، في مقال نشرته صحيفة “صنداي ميرور”، أن تصاعد هذه الحوادث بات “مصدر قلق كبير”، خاصة مع تزايد استخدام الأسلحة في الاعتداءات.
وأضاف مويس: “تستثمر الشركات مبالغ ضخمة في الأمن والتكنولوجيا والتدريب، لكن هذه الحلول وحدها ليست كافية. لهذا السبب، تدعم ماكدونالدز وشركاؤها في القطاع مشروع قانون الجريمة والشرطة، بالإضافة إلى تركيز الحكومة على ضمان وجود شرطة مجتمعية فعالة.”
ضرورة التعاون بين الحكومة والقطاع الخاص
وشدد مويس على أن مواجهة السلوكيات المعادية للمجتمع تحتاج إلى جهد جماعي، إذ لا تستطيع الشركات وحدها التصدي لهذه الظاهرة المتفاقمة.
وأوضح أن مبادرات مثل “مهمة الشوارع الآمنة”، التي أطلقها رئيس الوزراء، تمثل خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح، لكنها بحاجة إلى تنفيذ فعّال يضمن حصول السلطات على الموارد والصلاحيات اللازمة لمواجهة المشاغبين بحزم.
ودعا إلى تكثيف وجود الشرطة في الشوارع، واتخاذ إجراءات أكثر صرامة بحق المخالفين، مشيرًا إلى أن العمال في قطاع التجزئة يتحملون العبء الأكبر لهذه المشكلة، حيث كشف اتحاد التجزئة البريطاني أن عدد حوادث العنف والإساءة ضد العاملين في المتاجر بلغ أكثر من 2,000 حادثة يوميًا، بزيادة 50% مقارنة بالعام السابق، ما يشكل تهديدًا خطيرًا على بيئة العمل والأمن المجتمعي.
أهمية التصدي لجذور المشكلة
إلى جانب الإجراءات الأمنية، أكدت كوبر أن الحكومة ستولي اهتمامًا خاصًا بمعالجة الأسباب الجذرية للسلوك المعادي للمجتمع.
فقد أظهرت الإحصائيات أن مليون شاب في المملكة المتحدة خارج نظام التعليم أو العمل أو التدريب، بينما تعرضت الخدمات المخصصة للشباب إلى تخفيضات كبيرة في السنوات الأخيرة.
وأشارت كوبر إلى أن “عدم توفر الفرص للشباب، والعزلة الاجتماعية التي يعاني منها الكثير منهم، تسهم في ارتفاع معدلات الجريمة والسلوكيات المعادية للمجتمع”.
وفي هذا السياق، أعلنت الحكومة عن خطط لإنشاء “مراكز مستقبل الشباب” ومبادرات “شراكات الوقاية”، ضمن مشروع “مهمة الشوارع الآمنة”، لتوفير بيئات آمنة للشباب وتعزيز دورهم الإيجابي في المجتمع.
دور الشركات في دعم المبادرات المجتمعية
من جانبها، تعهدت شركات كبرى مثل ماكدونالدز بلعب دور أكبر في دعم الجهود الحكومية لمواجهة السلوكيات المنحرفة.
وأوضح مويس أن برنامج “Makin It”، الذي أطلقته الشركة العام الماضي، يهدف إلى توفير مساحات آمنة للشباب داخل مطاعم ماكدونالدز، مع دعمهم من خلال شراكات مع منظمات مثل “بي بي سي تشيلدرن إن نيد”، بالإضافة إلى الجمعيات الخيرية المحلية في مناطق مثل بريستون، غريمسبي، ليستر، وكوفنتري.
وأشار إلى أن هذه الشراكات أثبتت فعاليتها، حيث سجلت المناطق التي تم فيها تنفيذ هذه المبادرات انخفاضًا في معدلات الجريمة والسلوك المعادي للمجتمع، مما ساعد في تخفيف العبء عن الشرطة والسلطات المحلية.
استعادة الأمن والنظام العام
مع تصاعد المخاوف بشأن تزايد الجرائم في الأماكن العامة، يتزايد الضغط على الحكومة لضمان تنفيذ إجراءات صارمة وفعالة لمواجهة هذه الظاهرة.
وبحسب تصريحات كوبر، فإن حزب العمال ملتزم بجعل الشوارع أكثر أمانًا، من خلال فرض قوانين رادعة، وزيادة انتشار الشرطة، ومعالجة الأسباب الجذرية للسلوك المعادي للمجتمع.
واختتمت كوبر تصريحاتها بالتأكيد على أن: “إعادة بناء بريطانيا تتطلب استعادة احترام القانون، وضمان أن يشعر المواطنون بالأمان في شوارعهم ومدنهم. يجب ألا نسمح للمخالفين بترويع مجتمعاتنا بعد الآن.”
ومع اقتراب موعد التصويت على مشروع القانون، يبقى السؤال: هل ستكون هذه الإجراءات كافية لاستعادة الأمن وردع المخالفين، أم أن هناك حاجة لمزيد من الإصلاحات العميقة؟
المصدر: ميرور
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇
أخبار ذات صلة
9°C
