اكتشاف رسالة عمرها 119 عامًا داخل زجاجة في مسرح كينغز بإدنبرة

عَثَر علماء الآثار على رسالة عمرها 119 عامًا داخل زجاجة زجاجية، وُجدت مخبأة خلف تاج مزخرف في مسرح كينغز الشهير بمدينة إدنبرة.
وجاء هذا الاكتشاف غير المتوقع خلال جولة خاصة لمتابعة أعمال الترميم الجارية في المسرح، والتي تبلغ تكلفتها 40 مليون باوند.
اكتشاف تاريخي بالصدفة في مسرح إدنبرة
وكان مايك هيوم، أحد المتبرعين للمسرح، يتفقد أعمال الترميم حينما دفعه فضوله إلى إدخال يده خلف التاج المزخرف على ارتفاع 12 مترًا عن خشبة المسرح، ليجد زجاجة قديمة مطمورة بين الجص وبقايا الديكور.
ووصف هيوم، البالغ من العمر 48 عامًا، لحظة الاكتشاف قائلاً: “شعرت وكأنني في مشهد من فيلم إنديانا جونز. كان المكان مليئًا بالغبار وبقايا الجص المتآكل، وحين أدخلت يدي، لمست جسمًا صلبًا، وعندما أخرجته، فوجئت بأنها زجاجة زجاجية قديمة”.
وكانت الزجاجة مغلقة بإحكام بطبقة من الجص، وبداخلها ورقة مطوية، حيث استخدم هيوم هاتفه المحمول لالتقاط صورة للرسالة، ليتمكن من تمييز اسم مكتوب بالحبر: “دبليو إس كرويكشانك”، وهو المقاول الذي أشرف على بناء المسرح عام 1906.
فتح الزجاجة وكشف محتواها
وحاولت إدارة المسرح فتح الزجاجة بعد العثور عليها في السادس من كانون الأول/ ديسمبر، لكنها اضطرت إلى إرسالها إلى مختصين استخدموا منشارًا دقيقًا لقص قمتها بحذر.
ووُجد داخل الزجاجة رسالة التصقت أجزاؤها بفعل الزمن، وهو ما تطلّب استخدام تقنيات خاصة ومواد كيميائية لفصلها دون الإضرار بها.
وكشفت الرسالة عن قائمة بأسماء العمال الذين شاركوا في بناء المسرح، ومن بينهم المهندسون المعماريون والمشرفون والنجارون وعمال الجص.
وكشفت دائرة الأنساب (Findmypast)، التي استعانت بها بي بي سي اسكتلندا، عن مزيد من التفاصيل حول الأسماء الواردة في الرسالة، وكان من بينهم وليام ستيوارت كرويكشانك، أحد أبرز بناة إدنبرة، والذي كان يبلغ من العمر 50 عامًا عندما بدأ مشروع مسرح كينغز.
هذا ووُلد كرويكشانك في أبيرلور بمنطقة بانفشاير، وتزوج من جين تايلور بيك، وأنجبا سبعة أبناء.
كما تضمنت الرسالة أسماء المهندسين المعماريين الثلاثة الذين صمموا المسرح، وهم جون دانييل سوانستون، وجيمس ديفيدسون، وجون تولوك.
ووُلد سوانستون في دندي عام 1868، وتلقى تعليمه في أكاديمية دولار، ثم أسس شركته المعمارية في كيركالدي عام 1895، حيث تخصص في تصميم المسارح ودور السينما. توفي عام 1956 في منزل ابنته بمدينة نيوتن ميرنز، جنوب غلاسكو.
أما جيمس ديفيدسون، فكان ابنًا لنسّاج في مدينة إيردري، وبدأ مسيرته المهنية كنجار قبل أن يصبح مهندسًا معماريًا. فيما وُلد جون تولوك في إيست لوثيان عام 1847.
كما وردت أسماء العديد من العمال المهرة، من بينهم جون ألكسندر كاميرون (مصمم)، وجورج كينغ جونيور (رئيس عمال الجص)، وويليام بيغ (رئيس عمال)، إضافة إلى مجموعة من عمال الجص والنجارة الذين ساهموا في تشييد المسرح.
هذا وبُنِي مسرح كينغز عام 1905 بتكلفة 50,000 باوند، وهو اليوم يخضع لأعمال ترميم كبرى بدأت عام 2022، بتكلفة تصل إلى 40.7 مليون باوند.
وتشمل التعديلات تركيب مصعدين جديدين، وتوسيع السلالم، وإعادة تصميم القاعة الرئيسية، إضافة إلى إعادة بناء أحد الجدران وإضافة غرفة تحكم جديدة.
وتحديث نظام الإضاءة وتحسين التهوية في المسرح المصنف ضمن الفئة “A” في قائمة المباني التراثية.
كنز تاريخي مخفي
وعبّرت آبي بندلبري، مديرة التراث في المسرح، عن انبهارها بهذا الاكتشاف، قائلة: “من المذهل أن نجد قائمة بأسماء الحرفيين والمصممين الذين تركوا بصمتهم في هذا المبنى العريق.
“يعكس هذا الاكتشاف البعد الإنساني العميق للمشروع، ويجسد الروابط التي تمتد عبر الزمن”.
وأضافت أن العثور على الزجاجة كان “محض صدفة”، وأن حالتها المثالية بعد كل هذه العقود كانت “أمرًا مذهلاً”.
وتابعت: “الأمر الأكثر سحرًا هو أن كل شخص جلس يومًا في القاعة الرئيسية ونظر إلى خشبة المسرح قد رأى هذا التاج دون أن يعلم أن خلفه كنزًا تاريخيًا ظل مخفيًا طوال هذه السنوات”.
نافذة إلى الماضي
ووصفت جين بالدوين، المتخصصة في الأبحاث التاريخية، هذا الاكتشاف بأنه “نافذة رائعة على الماضي”، مشيرة إلى أن العمال الذين ساهموا في بناء المسرح كانوا يتمتعون بمهارات عالية وينحدرون من خلفيات متنوعة، لكنهم اجتمعوا لإنشاء أحد أكثر المسارح شهرة في إدنبرة.
ومن المقرر أن يُعاد افتتاح مسرح كينغز في ربيع عام 2026، ليواصل إرثه العريق كأحد أبرز المعالم الثقافية في العاصمة الاسكتلندية.
المصدر: بي بي سي
اقرأ أيضًا :
الرابط المختصر هنا ⬇