ماذا يتوقع خبراء الاقتصاد بشأن وضع بريطانيا بعام 2025؟
توقع خبراء الاقتصاد أن يشهد الاقتصاد البريطاني تحسنًا نسبيًّا في عام 2025 مدفوعًا بارتفاع الإنفاق الحكومي والاستهلاكي، ما سيساعده في التفوق على نظرائه الأوروبيين الذين يواجهون مخاطر عدم الاستقرار السياسي والحروب التجارية الجديدة المتوقعة مع عودة إدارة ترامب.
وفي استطلاع أجرته صحيفة فايننشال تايمز شمل نحو 100 خبير اقتصادي، أشار المشاركون إلى أن الأسر البريطانية لن تشعر بتحسن ملموس في أوضاعها المعيشية خلال العام المقبل، إذ سيتباطأ نمو الأجور وسيؤدي ارتفاع معدلات البطالة إلى تعزيز حالة القلق. كما سيظل التضخم عند مستويات أعلى من 2 في المئة، وهو ما سيحد من قدرة بنك إنجلترا على خفض أسعار الفائدة.
ماذا يقول خبراء الاقتصاد؟
في تحليل شامل للوضع الاقتصادي، ترى آنا تيتاريفا، خبيرة الاقتصاد الأوروبي في بنك يو بي إس، أن النمو في الاقتصاد البريطاني سيصل إلى 1.5 في المئة في 2025، متفوقًا على منطقة اليورو (0.9 في المئة)، لكنه سيظل متخلفًا عن معدلات النمو في الولايات المتحدة (1.9 في المئة) وكندا (2 في المئة).
ويؤيد هذا الرأي ديفيد بيج، رئيس أبحاث الاقتصاد الكلي في أكسا للاستثمار، مضيفًا أن الاستقرار السياسي النسبي في بريطانيا سيسمح بتحسن الاستثمار في ظل تراجع الضغوط على المستهلكين. ويتوقع بيج أن يتفوق الاقتصاد البريطاني على اليابان وأوروبا، اللتين تواجهان صعوبات هيكلية ودورية.
وفي تقييم للصعوبات، يحذر كوستاس ميلاس، أستاذ التمويل في جامعة ليفربول، من أن مشكلة الإنتاج ستظل تعرقل النمو البريطاني. ويضيف أن ارتفاع تكاليف التوظيف عقب الميزانية الأخيرة سيجعل الشركات أقل استعدادًا للاستثمار، وهو ما سيؤثر سلبًا على الإنتاج.
وتشاركه الرأي ديان كويل، أستاذة السياسة العامة في جامعة كامبريدج، مشيرة إلى أن ضعف الإنتاج والاستثمار في بريطانيا مقارنة بالاقتصادات المماثلة سيؤدي إلى استمرار تباطؤ النمو على المدى المتوسط.
مؤشرات إيجابية وتعافٍ تدريجي
على الجانب الإيجابي، يرى نيفيل هيل، الرئيس المشارك لشركة هايبرد إيكونوميكس، أن بريطانيا ستتصدر مجموعة السبع من حيث النمو في 2025. ويشير إلى أن التأثيرات السلبية للبريكست، التي شكلت عقبة رئيسة أمام النمو في السنوات الأخيرة، بدأت بالتلاشي.
ويتفق معه توماس فيلاديك، كبير الاقتصاديين الأوروبيين في تي رو برايس، مؤكدًا أن بريطانيا ستحل في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة في مجموعة السبع. ويعزو ذلك إلى الدفعة المالية الكبيرة التي ستشهدها في 2025، إضافة إلى كون صادراتها تعتمد بصفة خاصة على الخدمات، ما يجعلها أقل تأثرًا بالحروب التجارية المحتملة.
مخاوف بشأن المستقبل
وعلى الرغم من التوقعات الإيجابية نسبيًّا، يرى فهين خان، كبير الاقتصاديين في مؤسسة “ميك يو كيه”، أن أداء الاقتصاد البريطاني سيكون أضعف قليلًا من متوسط مجموعة السبع. ويضيف أن ارتفاع تكاليف الأعمال، ولا سيما اشتراكات التأمين الوطني لأصحاب العمل، سيشكل عبئًا ثقيلًا على القطاعات التي تكافح بالفعل مع ارتفاع التكاليف في السنوات الأخيرة.
وبحسَب خبراء الاقتصاد، فإن الشركات البريطانية قد تلجأ إلى رفع الأسعار، أو تخفيض عدد الموظفين، أو الحد من زيادات الأجور، أو تأجيل مشاريع استثمارية حتى تتحسن الظروف الاقتصادية. وسيؤثر ذلك سلبًا على الاستثمار والإنفاق الاستهلاكي، مما يضعف موقف بريطانيا مقارنة بمنافسيها.
ويشير جيرارد ليونز، كبير الاستراتيجيين الاقتصاديين في نيت ويلث، إلى أن النمو البريطاني قد يخيب التوقعات في 2025، متوقعًا أن يصل إلى نحو 1 في المئة. ويضيف أن أوروبا الغربية ستظل منطقة النمو البطيء في الاقتصاد العالمي في المستقبل المنظور، وأن بريطانيا تشترك في نفس الصعوبات الهيكلية مع الدول الأوروبية الرئيسة.
وفي تقييم شامل للوضع، تقول جمانة صالحين، كبيرة الاقتصاديين ورئيسة مجموعة استراتيجية الاستثمار في فانغارد أوروبا: إن بريطانيا من المرجح أن تشهد أداءً أفضل من منطقة اليورو ولكن أسوأ من الاقتصاد الأمريكي في 2025. وتتوقع نموًّا بريطانيًّا بنسبة 1.4 في المئة في 2025، مقارنة بـ0.5 في المئة في منطقة اليورو و2.1 في المئة في الولايات المتحدة.
وفي الختام يتفق معظم خبراء الاقتصاد على أن عام 2025 سيشهد تحسنًا نسبيًّا في الأداء الاقتصادي البريطاني مقارنة بنظرائه الأوروبيين، مدفوعًا بزيادة الإنفاق الحكومي والتعافي التدريجي من آثار البريكست. ومع ذلك، تظل الصعوبات الهيكلية المتمثلة في ضعف الإنتاج ونقص الاستثمار وارتفاع التكاليف تشكل عقبات كبيرة أمام تحقيق نمو مستدام وقوي. كما أن التفاوت المتوقع في الأداء بين بريطانيا والولايات المتحدة يشير إلى استمرار الفجوة بين الاقتصادين في المستقبل.
المصدر: فاينانشال تايمز
إقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇
21°C
