70 % من أطباء بريطانيا: لا نستطيع التعاطف مع المرضى
كشفت دراسة حديثة أن 70 % من أطباء بريطانيا يعانون من ظروف نفسية سيئة، ويجدون صعوبة في التعاطف مع مرضاهم نتيجة للإجهاد النفسي والجسدي الناتج عن تقديم الرعاية الطبية المستمرة للمرضى وتفاقم ضغط العمل.
وقال الأطباء المشاركون في الاستطلاع إنهم يشعرون بالإرهاق العاطفي والنفسي بسبب سماعهم المستمر لمشاكل وظروف المرضى، مما يؤثر سلبًا على جودة الرعاية الصحية المقدمة.
وأظهرت الدراسة، التي شملت 1.855 طبيبًا من مختلف أنحاء بريطانيا، أن 71 في المئة من الأطباء الممارسين و62 في المئة من الأطباء بشكل عام يعانون من هذا الإرهاق العاطفي، مما يهدد العلاقة بين الطبيب والمريض.
الضغط النفسي يؤثر على عمل الأطباء في بريطانيا
هذا و وصف الدكتور جون هولدن، الرئيس الطبي لاتحاد الدفاع الطبي وطب الأسنان في اسكتلندا (MDDUS)، الإرهاق العاطفي بأنه “صدمة ثانوية خفية” مصحوبة بأعراض تعرقل قدرة الأطباء على تقديم الرعاية المثلى لمرضاهم.
وأوضح هولدن أن الأطباء معرضون بشكل خاص لهذه الظاهرة بسبب استماعهم لمعاناة المرضى وصدماتهم، إضافة إلى الأعباء الثقيلة الناتجة عن ضغط العمل في هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS).
وأضاف هولدن: “إن نسبة انتشار الإرهاق العاطفي بين جميع الأطباء كبيرة جدًا، ولكن تأثير الإرهاق على أطباء الممارسين يبدو أكثر وضوحًا “.
وأكد هولدن أن الإرهاق العاطفي يؤثر حتمًا على سلامة المرضى، حيث أعرب 44 % من المشاركين في الاستطلاع عن قلقهم من أن معاناة الأطباء من الإرهاق تحوف دون قدرتهم على تقديم الرعاية الطبية الكافية وهو ما سيعرضهم للشكاوى.
بينما أفاد 64 % من جميع الأطباء و77 % من الأطباء الممارسين أن الإرهاق العاطفي يؤثر على قدرتهم على التواصل مع المرضى.
وأشارت البروفيسورة كلير جيرادا، الخبيرة في مشكلات الصحة النفسية بين الأطباء، إلى أن الإرهاق العاطفي يكون مصحوبًا بـ “انخفاض المقدرة على التعاطف والتواصل مع المرضى، والشعور بالخدر العاطفي أو الانفصال، والإحساس بالإرهاق بسبب متطلبات الوظيفة”.
وأضافت أن هذه الظاهرة، ترتبط بالإجهاد النفسي لكنها تختلف عنه، حيث تنجم عن عدم قدرة الأطباء على تقديم الرعاية اللازمة للمرضى.
إحصائيات “مقلقة” عن الصحة النفسية لأطباء بريطانيا
و كشفت الدراسة أن الفئة العمرية للأطباء الشباب هي الأكثر تأثرًا بالإرهاق العاطفي، خاصةً أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و34 عامًا.
كما أظهرت الدراسة أن:
21 في المئة من الأطباء فكروا في إيذاء النفس أو الانتحار مرة واحدة على الأقل.
85 في المئة من الأطباء الممارسين شعروا بميول انتحارية مرتبطة بتأثير عملهم.
84 في المئة من الأطباء الممارسين تعرضوا لإساءات لفظية بينما تعرض 24 في المئة منهم لإساءات جسدية من المرضى خلال عام 2024.
هذا و كانت فترات الانتظار الطويلة، والشكاوى المتعلقة بنقص الرعاية من أبرز الأسباب وراء هذه الإساءات.
دعوات لدعم نفسي أفضل للأطباء
ووصفت الدكتورة لطيفة باتيل، رئيسة فريق العمل في الجمعية الطبية البريطانية، نتائج الدراسة بأنها “مقلقة للغاية ولكن ليست مفاجئة”.
وأضافت: “تشير هذه النتائج إلى أزمة معروفة تهدد الصحة النفسية لموظفي هيئة خدمات الصحة البريطانية (NHS).
وقالت أيضًا:” يجب حماية الأطباء بحيث لا يعانون من تدهور الصحة النفسية نتيجة عملهم، خاصةً أن بعضهم يفكر في الانتحار، كما أن قدرة التحمّل لدى الأطباء الممارسين شارفت على الانهيار”.
وأكدت البروفيسورة جيرادا، الرئيسة السابقة لكلية الأطباء الملكية (RCGP ومؤسسة الأطباء في ضائقة)، أن الإرهاق العاطفي يمكن أن يؤثر سلبًا على أداء الموظفين ومعنوياتهم و قد ينتهي بمغادرتهم للقطاع الصحي.
وأشارت إلى أن نتائج الدراسة تؤكد أن شروط مهنة الطب
تتطلب توفير “حماية نفسية شخصية” تسمح للأطباء بالتحدث بسرية عن تجاربهم ودعم بعضهم البعض.
تعهدات حكومية بتخفيف الضغط عن الأطباء
وأوضحت البروفيسورة كاميلا هاوثورن، العميدة الحالية لكلية الأطباء الملكية، أن النتائج تتوافق مع بحث جديد أجرته المنظمة وجد أن 22 % من الأطباء يشعرون بالتوتر لدرجة أنهم لا يستطيعون التعامل مع ضغط العمل مرة أو مرتين أسبوعيًا.
وأشارت إلى أن أطباء يعانون أيضًا من “شعور بالضيق”، حيث يشعرون بالعجز عن مساعدة المرضى بسبب عوامل غير طبية خارجة عن سيطرتهم مثل السكن السيء وارتفاع تكاليف المعيشة وطول قوائم الانتظار في هيئة خدمات الصحة البريطانيةال.
وردًا على هذه الأوضاع، قال متحدث باسم وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية: “إن سلامة جميع الموظفين في هيئة خدمات الصحة البريطانية (NHS) هي أمر بالغ الأهمية، لذلك فإن هيئة خدمات الصحة البريطانية توفر عدد من الخدمات لتقديم الدعم النفسي لشريحة واسعة من الموظفين”.
وأضاف: “نحن نقدم الدعم للأطباء الممارسين لتخفيف ضغط العمل من خلال الحد من تأثير الروتين الإداري و الممارسات البيروقراطية القديمة، مما يسمح لهم بقضاء وقت أطول مع المرضى ومنح الأولوية للحالات الضرورية”.
وأشار المتحدث إلى أن الميزانية تضمنت تخصيص مبلغ إضافي بقيمة 26 مليون باوند لإنشاء مراكز جديدة لعلاج الأزمات النفسية، وتمويل عملية تقديم العلاج النفسي لـ380,000 مريض إضافي.
المصدر: الغارديان
اقرأ أيضاً :
الرابط المختصر هنا ⬇