تزايد الدعوات لحظر زواج أبناء العمومة في بريطانيا

تصاعدت الأصوات في مجلس العموم البريطاني حول قضية زواج أبناء العمومة، حيث دعا بعض النواب إلى حظره بسبب المخاطر الصحية والاجتماعية المرتبطة به، فيما طالب آخرون بتبني نهج أكثر إيجابية يتجنب الوصم ويعزز التوعية الصحية والثقافية.

دعوة لنهج إيجابي

النائب المستقل إقبال محمد، ممثل ديوزبري وباتلي، أكد خلال خطاب أمام مجلس العموم أن هناك مخاطر صحية موثقة ترتبط بزواج أبناء العمومة، لكنه شدد على ضرورة التعامل مع القضية من خلال التوعية الصحية وبرامج الفحص الجيني المسبق بدلاً من فرض حظر قانوني.

وقال محمد:
“إن تمكين الدولة من حظر الزواج بين البالغين ليس الحل المناسب، خاصة وأن هذا الحظر قد يكون غير فعال أو غير قابل للتنفيذ. بدلاً من ذلك، يجب التعامل مع الأمر باعتباره قضية صحية وثقافية، مع التركيز على حماية النساء اللواتي يُجبرن على الزواج.”

وأشار إلى أن زواج الأقارب شائع في مناطق مثل الشرق الأوسط وجنوب آسيا وأفريقيا جنوب الصحراء، حيث يُنظر إليه على أنه وسيلة لتعزيز الروابط الأسرية وتوفير استقرار مالي للعائلات. لكنه أضاف أن هذه الممارسة ليست خالية من المخاطر الصحية للأطفال الناتجين عنها.

واقترح محمد أن تتبنى بريطانيا برامج فحص جيني مشابهة لتلك المعمول بها في الدول العربية في الخليج، بالإضافة إلى تنظيم حملات توعية صحية تستهدف المجتمعات الأكثر ممارسة لهذه العادة.

مشروع قانون جديد

في المقابل، قدم النائب المحافظ ريتشارد هولدن مشروع قانون جديد إلى مجلس العموم يدعو إلى مراجعة درجات القرابة المحظورة في الزواج. حاليًا، يحظر القانون البريطاني الزواج بين الأشقاء أو الوالدين والأبناء، لكنه يسمح بزواج أبناء العم.

وأشار هولدن إلى أن زواج أبناء العم كان محظورًا في بريطانيا حتى عام 1540، عندما شرّع الملك هنري الثامن الزواج من أبناء العم ليتمكن من الزواج من زوجته الخامسة كاثرين هوارد. وأكد أن معدلات زواج الأقارب مرتفعة في بعض المجتمعات، مثل الجالية الباكستانية البريطانية حيث تصل النسبة إلى أكثر من 40%.

وأضاف هولدن أن الأسباب التي دفعته لتقديم مشروع القانون تشمل “الصحة، الحرية، والقيم الوطنية”، مشددًا على ضرورة معالجة الآثار السلبية لهذه الممارسة.

النائب العمالي روبرت جنريك، الذي يدعم الحظر، وصف زواج الأقارب بأنه “ممارسة لا مكان لها في بريطانيا”، مشيرًا إلى الأدلة الطبية التي تؤكد زيادة خطر العيوب الخلقية لدى الأطفال الناتجين عنها. وقال:
“لقد رأينا مئات الزيجات الاستغلالية التي دمرت حياة العديدين. كان يجب القضاء على هذه الظاهرة منذ زمن طويل.”

من جهة أخرى، أوضحت وزيرة العدل شبانة محمود أن الحكومة ستدرس القضية كجزء من مشاورات أوسع حول قوانين الزواج، قائلة:
“هناك تقرير حديث من لجنة القانون حول قوانين الزواج بشكل عام، والحكومة ستتشاور بشأن إصلاحات أوسع وسنأخذ القضايا المثارة بعين الاعتبار قبل اتخاذ موقف عام.”

دعوات للحلول الشاملة

أكد إقبال محمد على أهمية إيجاد حلول شاملة تعالج المخاطر الصحية دون وصم أو تمييز، قائلاً: “بدلاً من حظر زواج أبناء العم، يجب أن نتبنى نهجًا إيجابيًا يشمل الفحص الجيني المسبق والتوعية الصحية، بالإضافة إلى حماية النساء من الزواج القسري وضمان حقوقهن.”

وشدد على أهمية فهم السياقات الثقافية للمجتمعات المختلفة للتعامل مع هذه القضية بشكل أكثر فعالية وشمولية.