عيد الميلاد في شيفيلد: ألحان وقصائد تبعث الأمل في غزة
شهدت مدينة شيفيلد البريطانية، في الخامس من ديسمبر 2024، حدثًا إنسانيًا استثنائيًا حمل عنوان “نداء عيد الميلاد لغزة”. وفي أجواء غمرتها ألحان الموسيقى ودفء الكلمات، اجتمع الحاضرون ليحملوا رسالة تضامن ودعم للشعب الفلسطيني المحاصر في قطاع غزة.
لم تكن الأمسية مجرد فعالية خيرية؛ بل منصة لنسج حكايات الأمل وسط الألم، ولإبراز صمود شعب يقاوم أبشع صنوف القهر.
أمسية تضج بالأصالة الفلسطينية
افتتحت الفعالية بنكهات فلسطينية أصيلة من خلال تقديم أطباق تقليدية، تلاها أداء موسيقي وشعري يروي حكايات الصمود والمقاومة.
من بين اللحظات التي بقيت عالقة في الأذهان، كان العرض المؤثر لعازف الكمان باسل حريري، الذي نجح بأوتار كمانه في استحضار معاناة غزة ونبض صمودها، مما ترك أثرًا عميقًا في نفوس الحاضرين.
معاناة غزة على لسان الناجين
على خشبة المسرح، وقف ابن غزة أحمد الناعوق لينقل واقعًا يعجز الوصف عن احتوائه. تحدث أحمد بنبرة تختلط فيها المرارة بالعزيمة، قائلاً:
“ما نشهده اليوم هو جريمة من أعظم جرائم التاريخ الحديث. أطفالنا يواجهون الجوع، ونساؤنا يمتن بصمت تحت أنقاض البيوت، وغزة أصبحت عنوانًا للمأساة التي يرفض العالم أن يراها.”
وأضاف:
“ما يحدث في غزة ليس حربًا تقليدية، بل اختبار للإنسانية. غزة تُدمر، لكن روحها ترفض الانكسار. كل بيت في غزة يحكي قصة صمود لم تُكتب نهايتها بعد.”
وأشار أحمد إلى مشاركته في إعداد كتاب “لسنا أرقامًا”، الذي يوثق قصص الناجين والشهداء، مشيرًا بأسى إلى فقدانه شقيقه الأصغر الذي كان أحد ضحايا القصف الأخير.
ألحان الأمل وشعر المقاومة
رغم ثقل المأساة، كانت الأمسية شاهدة على لحظات من الأمل والمقاومة. قرأ الحاضرون قصائد فلسطينية تجسّد روح التحدي، بينما صدحت أغنيات الحرية في القاعة، لتجدد في النفوس العهد بالدفاع عن غزة وأهلها.
سردت حلا حنينه، إحدى ضيفات الفعالية من غزة، قصتها مع الشاعرة الفلسطينية هبة، قائلة:
“كانت هبة رمزًا للإلهام والتحدي، لطالما شجعتني على الكتابة وعدم التراجع، لكن حلمها بالسفر ورؤية العالم انتهى حين استُشهدت في أكتوبر الماضي. قصتها تؤكد أنه لا مكان آمن في غزة، مهما تكرر الادعاء بالعكس.”
وأشارت حلا إلى الجانب الآخر من حياة غزة، قائلة:
“رغم الدمار، كنا نحاول أن نصنع الفرح من الألم. في كل عدوان، كنا نجمع أصدقاءنا الموسيقيين وننظم حفلات صغيرة لنغني للأطفال. كانت تلك لحظات نختلسها من وسط الركام، لتثبت غزة أنها قادرة على الحياة رغم كل شيء.”
رسالة تضامن ودعوة للتحرك
اختتم المنظمون الفعالية بنداء صادق لدعم غزة وأهلها، مؤكدين أن أي تبرع، مهما صغر، يمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا في حياة الفلسطينيين هناك. كما شجعوا الحضور على نشر قصص غزة والمساهمة في دعم كتاب “لسنا أرقامًا”، الذي يخلّد أصوات الضحايا والناجين.
وفي ختام الأمسية، قال أحمد الناعوق:
“هذا الكتاب ليس مجرد حكايات؛ إنه سجل لكرامة شعب. فقدنا أربعة من كتابه في العدوان الأخير، بما في ذلك أخي، لكننا نؤمن أن أصواتهم ستظل شاهدة على ظلم الاحتلال وصمود غزة.”
وأضافت حلا:
“غزة ليست مجرد بقعة جغرافية تعاني الحصار، بل اختبار لإنسانية العالم. شعبنا أظهر قوة مذهلة، والآن حان الوقت لنقف معه جميعًا.”
غزة: حكاية لا تنطفئ
أثبتت فعالية “نداء عيد الميلاد لغزة” أن غزة ليست مجرد عنوان للأخبار، بل قصة إنسانية تستحق التضامن. ومن خلال الموسيقى، الشعر، وحكايات الصمود، أعادت الفعالية التأكيد على أن غزة، رغم الجراح، ما زالت تنبض بالحياة.
كانت الرسالة التي حملها الحاضرون معهم واضحة: “لن ندع غزة تُنسى.” وكما عبّر أحد المشاركين:
“نضال غزة من أجل الحرية ليس معركتهم وحدهم، بل هو معركة الإنسانية جمعاء.”
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇