نورمان فينكلشتاين يحدث لندن عن نضال غزة: الأمل وسط اليأس
شهدت قاعة “رويال ريجينسي” في العاصمة البريطانية لندن مساء الأربعاء 27 نوفمبر 2024، محاضرة استثنائية للبروفيسور نورمان فينكلشتاين، أحد أبرز المفكرين الأمريكيين في مجال القضية الفلسطينية-الإسرائيلية. جاء الحدث تحت عنوان “صراع غزة: أمل وسط اليأس”، ليعيد تسليط الضوء على مأساة غزة المستمرة منذ عقود، ويكشف أبعادًا جديدة لما وصفه بـ”التدمير الممنهج والمعاناة المأساوية”.
فينكلشتاين، المعروف بمواقفه الصريحة وأبحاثه الدقيقة، هو أكاديمي يهودي أمريكي من أصول بولندية، نشأ كابن لوالدين من الناجين من المحرقة. حاز على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة برينستون، وترك بصمة في أدبيات الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي من خلال كتبه المثيرة للجدل، أبرزها “صناعة الهولوكوست” و“غزة: تحقيق في استشهادها”.
معاناة غزة: سرد تاريخي ممتد
استهل فينكلشتاين حديثه باستعراض تاريخ غزة، واضعًا الأحداث الراهنة في سياق يمتد إلى ما بعد نكبة 1948، حيث تحولت غزة إلى “معسكر اعتقال كبير”، حسب وصف شهده العديد من المسؤولين عبر العقود. استشهد فينكلشتاين بتقارير لمسؤولين أمميين وإسرائيليين، من بينهم الممثل الأممي إي. إل. إم. بيرنز في الخمسينيات، الذي وصف غزة بأنها “تشبه معسكر اعتقال”، وهو توصيف تكرر على لسان سياسيين وباحثين حتى وقتنا الراهن.
كما سلط الضوء على الحصار الإسرائيلي المفروض منذ عام 2007، الذي وصفته “هيومن رايتس ووتش” في تقريرها لعام 2024 بأنه “جريمة ضد الإنسانية”. وأشار إلى سلسلة العمليات العسكرية الإسرائيلية، التي أسفرت عن دمار واسع النطاق، حيث بلغت كمية الأنقاض المتراكمة في القطاع مؤخرًا 42 مليون طن، ما يعكس تصعيدًا مستمرًا في حجم الكارثة الإنسانية.
محاولات غزة المستمرة للخلاص
في الجزء الثاني من المحاضرة، ركز فينكلشتاين على جهود سكان غزة لإيجاد حلول لأزمتهم المزمنة. وقال إن غزة، رغم معاناتها، لم تدخر وسيلة لتحقيق العدالة، بدءًا من الدبلوماسية مرورًا باللجوء إلى القانون الدولي وصولًا إلى المقاومة السلمية. وقال: “دلّوني على خيار لم يسلكه شعب غزة. أروني بديلاً تم التغاضي عنه”.
- الدبلوماسية: أشار إلى تقرير حكومي أمريكي عام 2009 أكد أن حركة حماس أرسلت إشارات استعداد للتعايش مع إسرائيل، لكنها قوبلت بالرفض.
- القانون الدولي: استعرض تعاون حماس مع لجان تحقيق أممية رغم الاتهامات الموجهة لها، في محاولة لتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني.
- المقاومة السلمية: تناول مسيرات العودة الكبرى عام 2018، التي واجهت قمعًا إسرائيليًا وصفه بـ”الممنهج”، حيث استهدفت القناصة المدنيين، بما في ذلك الأطفال والصحفيون وذوو الإعاقة.
أزمة أخلاقية وتأملات شخصية
على المستوى الشخصي، تحدث فينكلشتاين عن معضلة أخلاقية واجهته في تقييم أحداث 7 أكتوبر 2023. وبينما أقر بخطورة ما حدث، أعرب عن رفضه إدانة سكان غزة، قائلاً: “لا يمكنني أن أدين شعب غزة، لكنني لن أتجاهل الفظائع التي وقعت.”
وأشار إلى أن فهم السياق الكامل للصراع أمر حاسم لتقييم الأحداث بشكل عادل، مؤكدًا أن المعاناة الطويلة لغزة تُظهر حدود الخيارات المتاحة أمام سكانها المحاصرين.
هذا واختتم فينكلشتاين محاضرته بالتأكيد على ضرورة استمرار المقاومة والتضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني. وقال إن قصة غزة ليست فقط مأساة، بل أيضًا شهادة على صمود إنساني فريد، داعيًا إلى تصحيح السرديات الإعلامية السائدة وإعادة النظر في سياسات المجتمع الدولي تجاه القطاع.
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇
أخبار ذات صلة
7°C