اللوبي الإسرائيلي متهم بدعم الجماعات المعادية للمسلمين في بريطانيا
اندلعت في أغسطس الماضي موجة من أعمال الشغب المناهضة للمسلمين والمهاجرين اجتاحت المجتمع البريطاني، واستلهمت بوضوح من شخصية مثيرة للجدل تُعرف بلقب “تومي روبنسون.” ورغم أن ظاهرة الشغب العنصري قد بدت وكأنها حركة عضوية نابعة من مجتمع الطبقة الوسطى الدنيا البريطاني، إلا أن التحليل المتعمق يكشف عن جذور وأبعاد خفية مرتبطة بعناصر من اللوبي الإسرائيلي، خاصة في الولايات المتحدة وتل أبيب، والذي ساهم في دعم صعود روبنسون وبعض الجماعات المتطرفة.
صعود تومي روبنسون وشبكة العلاقات المؤيدة لإسرائيل
برز تومي روبنسون – وهو اسم مستعار لستيفن ياكسلي-لينون، صاحب خلفية في هندسة الطائرات – على الساحة السياسية كناشط يميني متطرف بعد تخبطه المهني وميوله للعنف، لينضم لاحقًا إلى صفوف الحزب الوطني البريطاني المعروف بعنصريته وانغلاقه على البيض فقط حتى عام 2010.
وعندما تراجعت قوة الحزب الوطني، قاد روبنسون انشقاقًا إلى رابطة الدفاع الإنجليزية الجديدة، حيث تحولت هتافات الحركة ورموزها تدريجيًا إلى رفع العلم الإسرائيلي، بدعم مالي وسياسي من لوبيات مؤيدة لإسرائيل.
وكان اللوبي الإسرائيلي قد رسّخ منذ الثمانينيات، وعلى يد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مفهوم “الإرهاب الإسلامي” كاستراتيجية لتحويل الغضب الشعبي الأوروبي نحو المسلمين.
وضمن تلك الرؤية، انبثقت حركة “مكافحة الجهاد” في أوروبا، وأصبحت الجماعات التي تتبنى ذلك النهج مثل رابطة الدفاع الإنجليزية أدوات لتحقيق أهداف إسرائيلية، حيث دُعمت ماليًا من مراكز بحث أمريكية صهيونية، على غرار مركز السياسات الأمنية بقيادة فرانك جافني. وتلقت رابطة الدفاع الإنجليزية وحركة “مكافحة الجهاد” الأوروبية الملايين من الأموال لتأجيج الخطاب المعادي للمسلمين.
وفي قمة مكافحة الجهاد لعام 2007 التي استضافها مركز الحرية اليقظة (CVF) في الدنمارك، وبتنظيم أمريكي، بدأ التعاون بين نشطاء من بريطانيا وأمريكا لتشكيل شبكة “مكافحة الجهاد” تحت رعاية صهيونية. شاركت في هذه القمة شخصيات بارزة مثل جيزيل ليتيمان، المعروفة باسم “بات ييئور”، التي اشتهرت بترويجها لفكرة “يورابيا” حول اجتياح المسلمين أوروبا.
وكان من بين الحاضرين عضو الكنيست الإسرائيلي آريه إلداد، المعروف بتطرفه وعلاقته الوثيقة باليمين الإسرائيلي المتشدد.
ولعب روبنسون لاحقًا دورًا محوريًا في تعبئة المتظاهرين البريطانيين نحو العداء للمسلمين، بعد أن تبنت جماعات الشوارع البريطانية الفكر الصهيوني وتخلت عن معاداة اليهود لصالح برامج معادية للمسلمين ومؤيدة لإسرائيل. وأُسِّست شركة “رابطة الدفاع الإنجليزية المحدودة” بدعم من رابطة الدفاع اليهودية، المعروفة بتوجهاتها المتطرفة وصنفها مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي كجماعة إرهابية.
استمرار دعم اللوبي الإسرائيلي لصعود روبنسون
ومع استمرار صعود روبنسون، استمرت العلاقات بينه وبين اللوبي الإسرائيلي في التوسع، حيث تلقى في 2013 دعمًا من مركز كويليام البريطاني بدعوى “إعادة تأهيله”، لكنه اعترف لاحقًا بأن ذلك كان خطوة مالية تهدف لتعزيز مكانته.
وفي عام 2016، زار إسرائيل بدعم من ناشط صهيوني، وأعرب عن تضامنه الكامل مع الجيش الإسرائيلي. بعد ذلك بوقت قصير، قام الملياردير الصهيوني روبرت شيلمان بتمويل أنشطة روبنسون عبر مركز ديفيد هوروفيتس للحرية، ووفّر له راتبًا يغطي نفقاته كافة كـ”زميل شيلمان” في موقع ريبيل نيوز الكندي اليميني المتطرف.
الدعوات للمظاهرات العنيفة والشائعات عن المسلمين
وفي مقابلة له مع القناة 13 الإسرائيلية، صرّح روبنسون بأن “إسرائيل إذا خسرت، سيواجه الغرب المصير نفسه.” أما في بريطانيا، فقد دعا روبنسون في يوليو 2024 إلى مظاهرات حاشدة في لندن وأماكن أخرى، مستغلًا الشائعات التي بثتها بعض الجماعات بأن المسلمين يقفون وراء حوادث عنف محلية.
اندلعت بعدها مواجهات عنيفة بين متظاهرين من اليمين المتطرف والشرطة، وتعرضت مساجد ومراكز إيواء المهاجرين لهجمات.
ويتضح من خلال هذه التطورات أن ظهور حركة “مكافحة الجهاد” في بريطانيا كان جزءًا من خطة أشمل للضغط على المجتمعات الأوروبية واستغلال المخاوف من الإسلام لصالح الأجندة الإسرائيلية.
إقرأ أيّضا
الرابط المختصر هنا ⬇